مستوردون يهددون بالتوقف عن الاستيراد ■ الشركات تقدمت بشكوى لرئيس الوزراء.. وتهدد بالامتناع عن دفع الضرائب فجأة اختفت حبوب منع الحمل من الصيدليات، لحقها جميع الوسائل التى تساعد الأسر على تحديد عدد الأطفال، حتى لا ينضموا فوراً إلى قوائم الفقراء قبل انضمامهم إلى طابور العاطلين عند وصولهم لسن الشباب، هذه الأزمة ليست بسيطة أو تدعو للتنكيت على وسائل التواصل الاجتماعى، لأنها ببساطة تتعلق بالأمن القومى للبلاد، لأن أى زيادة غير متوقعة للمواليد ستفجر مشكلات اجتماعية واقتصادية لا تتحملها مصر. الضربة جاءت من جهتين الأولى ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه وضريبة القيمة المضافة التى تم تطبيقها مؤخراً، والتى دفعت المستوردين إلى الإحجام عن استيراد الكميات التى يحتاجها السوق المصرى، لأن جميع الوسائل المستخدمة فى تنظيم الأسرة، مستوردة بالكامل. وفيما يخص أزمة نقص اللولب، علمت «الفجر» أن وزارة الصحة عرضت مناقصة لاستيراده على الشركات المختصة والتى يصل عددها ل4 شركات فقط، ولكن شركة واحدة فقط تقدمت للمناقصة، لإبرام الاتفاق بين الطرفين، تم استيراد 3 شحنات لولب، إحداها تخص الوزارة والبقية تخص الشركة لتبيعها من خلال الصيدليات، ولكن الشركة فوجئت برفض إدارة الضرائب فى الميناء الإفراج عن الشحنات إلا بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة والبالغة 13%، رغم أن الشركة أبرمت الاتفاق مع الوزارة وهى متأكدة من أن شحنات اللولب معفية من الضريبة، كما أن فرضها قبل صدور اللائحة التنفيذية مخالف للقانون، والنتيجة أن الشحنات موجودة فى الميناء وليس فى السوق الذى شهد نقصاً فى المنتج، كما شهدت المستشفيات الحكومية ووحدات تنظيم الأسرة أزمة مماثلة لأن المرتددين عليها لا يستطيعون شراء المنتج من الصيدليات بسعر أعلى. توجهت «الفجر» إلى إحدى وحدات تنظيم الأسرة فى منطقة بولاق أبوالعلا، وهناك اكتشفنا خلال الحديث مع عشرات السيدات أن هناك نقص شديد فى حبوب منع الحمل وأن أعداد اللولب قليلة جداً مقابل الطلب عليها، ورفضت الطبيبة المسئولة عن الوحدة الحديث وطلبت تصريحاً من وزارة الصحة. أميرة السيد، من منطقة عين شمس، قالت إنها بحثت فى جميع الصيدليات بالمنطقة ولم تجد لديها حبوب منع الحمل التى تتناولها أو أى بديل لها فى منطقة عين شمس، وقالت أميرة، 32 سنة، وهى أم لطفلين: «مش عارفة أعمل إيه لو ملقتش الحبوب، مش هيكون قدامى غير تركيب لولب رغم إنه مش موجود كمان». نفس المشكلة تعرضت لها نهى محمد، معلمة، بمنطقة الحلمية، ولكنها قررت استخدام اللولب حتى لا تصبح تحت رحمة نقص الحبوب لأن اللولب يمكن استخدامه لسنوات «بس المشكلة إن فيه ستات كتير مش لاقيين اللولب». يذكر أن اللولب هى وسيلة لمنع الحمل وهو عبارة عن قطعة بلاستيكية صغيرة توضع داخل رحم المرأة، وهو نوعان، الأول النحاسى وتستخدمه السيدات الكبار أو فى الحالات الطارئة مثل بعد المعاشرة الجنسية بدون حماية للسيدات اللاتى لا يتناولن حبوب منع الحمل أو يستخدم أزواجهن واقيات ذكرية والنوع الثانى اللولب الهرمونى المناسب لمن لديهن غزارة فى دم الحيض. ويعتبر اللولب أهم وسيلة لتنظيم الأسرة فى مصر، وهو الوسيلة الأولى من حيث شيوع الاستخدام، حيث يستخدمه 30 % من النساء اللولب وسيلة لمنع الحمل، ويصل سعره من 8 إلى 38 جنيهاً فى الوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة. طبقاً للشركة الوحيدة المختصة بالاستيراد والتى تستورد بالأمر المباشر من وزارة الصحة، تستهلك مصر 2 مليون لولب سنوياً، وهو رقم كبير بالمقارنة بالدول الأخرى، لأنه الوسيلة الأكثر أماناً، لعدم وجود هرمونات بها، ولأنه مناسب للسيدات اللاتى يعانين من أمراض ضغط الدم والسكر، كما أن أسعاره مناسبة لجميع الطبقات، كما أنه لا يتم تغييره إلا بعد مرور سنوات. الشركة المختصة باستيراد اللولب تستورد 5 أنواع من المنتج حيث استوردت نصف مليون وحدة لمصلحة وزارة الصحة، بداية العام الجارى، ومن المفترض أن تكفى الشحنة مدة 3 أو 4 أشهر ما يعنى خلو وحدات تنظيم الأسرة والمستشفيات الحكومية من اللولب تقريباً، ورغم ذلك تتجاهل الدولة مطالب الشركة بسرعة الإفراج عن الشحنات الموجودة فى الميناء والتى تضم مليونا و300 ألف لولب خاصة أن هناك شحنات تضم 900 ألف لولب لا تزال فى عرض البحر، وتنتظر مصير الشحنات التى سبقتها. تواجه الشركات المستوردة لوسائل تنظيم الأسرة فى مصر مشكلتين، الأولى سعر الدولار، فبعد أن وعدت الحكومة بتوفيره لتمويل الاستيراد لم تحصل هذه الشركات على دولار واحد من البنك المركزى، واضطرت إلى اللجوء للسوق السوداء لتوفير العملة الأمريكية، والمشكلة الثانية هى ضريبة القيمة المضافة، التى ستطبق على وسائل منع الحمل رغم أن توفير هذه الوسائل مسألة مرتبطة بالأمن القومى للبلاد، خاصة أن معاناة الشركات مع توفير الدولار والضريبة قد تدفعها للتوقف عن النشاط حتى لا تتكبد خسائر. يذكر أن شركات استيراد اللولب تقدمت بشكوى إلى وزيرى الصحة والمالية ورئيس مجلس الوزراء لحل أزمة الشحنات المحتجزة فى الميناء وإعفائها من ضريبة القيمة المضافة، لكن لم يتم حتى مثول الجريدة للطبع الاستجابة للمطالب ما يمكن أن يؤدى إلى أزمة كبيرة فى المنتج خلال الشهور المقبلة، حيث ألمحت الشركات إلى أن مصر ستشهد خلواً من المنتج فى حال تطبيق الضريبة على الشحنات الموجودة فى الميناء، مهددة بالامتناع عن سداد الضريبة وإعادة الشحنات إلى الشركة المنتجة بالخارج مرة أخرى. يعتبر تنظيم الأسرة فى مصر، قضية أمن قومى، فطبقاً لإحصائيات المجلس القومى للمرأة، قبل يناير 2011، كانت نسبة النساء المقبلات على وسائل منع الحمل تصل إلى 60% انخفضت بعد هذا التاريخ إلى 58 %، أى أن نسب المواليد فى زيادة مستمرة، كما أن متوسط الإنجاب للسيدة من سن 15 ل 49 سنة وصل قبل 2011 ل3 أطفال بعد هذا التاريخ ارتفع ل3.5 طفل وهو مؤشر خطير جداً لأن هذه الزيادة تحتاج لميزانيات كبيرة لمواجهتها وكفاية احتياجاتها. الدكتور على عوف، رئيس غرفة الأدوية، باتحاد الغرف التجارية أكد أنه بالفعل هناك نقص كبير فى وسائل منع الحمل بدءاً من الحبوب وصولاً إلى اللولب، كما أن قانون ضريبة القيمة المضافة لم يستثن الأدوية بشكل كامل. وأبدى عوف دهشته من أن الدولة تروج لتنظيم الأسرة وتعتبره موضوعا استراتيجيا يؤثر فى الأمن القومى للبلاد وفى نفس الوقت تعرقل استيراد وسائل تنظيم الأسرة وتفرض عليها ضرائب مرتفعة، وتقوم بالتحصيل قبل صدور اللائحة التنفيذية للقانون، وطالب رئيس غرفة الأدوية بتوفير الدولار لاستيراد وسائل منع الحمل وإعفائها من الضريبة. أما الدكتور على عبدالله، مدير المركز المصرى للسياسات الدوائية، فقال إن الصيدليات قبل أزمة ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه كانت تعانى من نقص حبوب منع الحمل، وتفاقمت الأزمة بعد ارتفاع قيمة العملة الأجنبية أمام الجنيه خلال الشهور الأخيرة. وحسب عبدالله هناك بعض الأقراص التى تستخدم مع حالات معينة وليس لها بديل مثل السيدات المرضعات وهى «اكلوشين» ب9.75 جنيه و»ميكرولت» ب10 جنيهات و»سيرازيت» ب29 جنيهاً، وهذه الحبوب غير متوفرة فى السوق منذ نحو 5 أشهر، وهو أمر خطير، كما أن هناك اقراصا لمنع الحمل فى حالات الطوارئ مثل حالات الاغتصاب أو نسيان تناول حبوب منع الحمل عدة أيام أو تمزق الواقى الذكرى، تسمى حبوب «كنترابلان» وسعرها 16 جنيهاً، وهذا النوع اختفى تماماً من السوق، كما أن هناك أنواعا اختفت تماماً منذ عام مثل أقراص «كنتراسيد» الموضعية وبدائلها والتى يصل سعرها ل36 جنهيا توضع قبل المعاشرة الجنسية بنصف ساعة، أما اللولب فمعظم الأنواع تكون موجودة فى مراكز تنظيم الأسرة أو المستشفيات منها «كيو 380 أ» وسعره 11 جنيهاً وهناك أنواع أغلى تكون إما فى المستشفيات الحكومية أو الخاصة مثل « «نوفا تي» ب40 جنيهاً و»ميرينا» ب700 جنيه، وتوجد 10 أنواع للواقى الذكرى موجودة فى السوق وتلقى زيادة فى الإقبال عليها خلال الفترة الماضية نتيجة نقص حبوب منع الحمل حيث تشهد صيدليته الموجودة بمنطقة الشرابية الشعبية من 5 إلى 10 أفراد، يطلبون شراء الواقى، يومياً حيث يتراوح سعره من 3 جنيهات فى المناطق الشعبية إلى 100 جنيه ويقبل على استخدامه الشباب.