بعد تغريدة الأنبا بيشوى ملاك من أمريكا رفعت المسيحية من قيمة الزواج، فهو أحد الأسرار السبعة المقدسة، فالعائلة عبارة عن كنيسة صغيرة تشكل الوحدة المركزية للمجتمع القبطى، والزواج أحد الثوابت التى يحذر على الجميع الاقتراب منها، فتعاليم الإنجيل والقوانين الكنسية المتفق عليها واضحة فى هذا الشأن. لذلك ثار غضب الغالبية العظمى من الأقباط فى مصر، بعدما كتب الأب بيشوى ملاك، راعى إحدى الكنائس القبطية الأرثوذكسية بالولايات المتحدةالأمريكية، تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، جاء فيها: «لن يحصل على شهادة خلو الموانع منى إلا الذى كان مواظبًا على سرى الاعتراف والتناول، ومشهود له بالأخلاق والأدب مدة لاتقل عن سنة.. لا مجاملات فى هذا». التغريدة اعتبرها البعض تعديًا على قوانين الكنيسة، وتعسفا واضحًا فى استخدام سلطات رجل الدين المسيحى، مقابل منح الفرد المسيحى التابع لكنيسة الأب بيشوى حقا أساسيا من حقوق الحياة مثل الزواج، فالغرض الوحيد من شهادة خلو الموانع هو التأكد من بلوغ المتقدم للزواج للسن القانونية، والتى يجب ألا تقل عن 18 عامًا لكل من الشاب أو الفتاة. وكذلك ضمان عدم وجود موانع شرعية، مثل القرابة الجسدية، أو وجود زواج سابق، أو خطوبة لم تفسخ، وعدم وجود ضغط من أى نوع على الشاب أو الفتاة لإتمام الزواج، والتأكد من أرثوذكسية الطرفين، وذلك عن طريق معرفة تاريخ ومكان المعمودية، وتناسب السن بين العروسين، وحددت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حالات معينة لمنع رجالها من إتمام الزيجة لأى مسيحى. أول هذه الحالات ألا يكون العريس وعروسه من أبناء الطائفة المسيحية الأرثوذكسية، أو أن تكون بينهما علاقة قرابة تحرم الزواج، مثل الأمومة أو الأخوة، بالإضافة إلى منع إجراء زواج جديد صحيح فى حال وجود رباط من زواج ثابت صحيح وغير منحل قانونًا، كما تمنع الكنيسة زواج الطرف المنفصل عن شريكه بعد ثبوت تورطه فى علة الزنى، والتى كان قد تم الانفصال بسببها. كل ذلك بالإضافة إلى مانع اختلاف الدين، والرتب الكهنوتية الممنوعة من الزواج، مثل: الراهب والأسقف والمطران والبطريرك، وكذلك الدياكون والقس الذين توفيت زوجاتهم، كما تمنع الكنيسة إتمام زواج المخطوفة من خاطفها والعكس، حيث يرتكز الزواج على توافر حالة الرضا الكامل بين الطرفين، وكذا تمنع أيضًا عقد زواج صحيح بين اثنين حاول أحدهما قتل الآخر. وبناءً عليه تشترط الكنيسة ألا يقل عمر الزوج عن 16 عامًا، وألا يقل عمر الزوجة عن 14 عامًا، كما تشترط ألا يكبر العريس عروسه بأكثر من 15 عامًا، بينما لا تكبر العروس عريسها بأكثر من 5 سنوات، بالإضافة إلى عدة شروط أخرى، يعتبر المخل بها ممنوعًا من الزواج، مثل إبراز صحيفة الحالة الجنائية وإطلاع الطرف الثانى عليها، مع ضرورة إثبات الموافقة فى حالة وجود أى سوابق جنائية. كما يشترط إجراء كشف طبى فى أحد المستشفيات التى تحددها الكنيسة لضمان نزاهتها، والتى غالبًا ما تكون تابعة للكنيسة نفسها، مثل مستشفى كنيسة مارجرجس بحدائق حلوان، ومستشفى دير الأنبا برسوم العريان بالمعصرة، وذلك لضمان التأكد من عدم إصابة أى من العروسين بمرض جنسى يمنع المعاشرة الحميمة، وكذلك الأمراض المعدية والخطيرة، مثل: مرض نقص المناعة المكتسبة «إيدز» وفيروس سى، مع إثبات موافقة الطرف الآخر إذا ما رغب فى استمرار الزيجة. وأيضًا الكورسات الإجبارية، والتى تسبق الزواج، فهى عنصر مهم لإتمام الزيجة، حيث قرر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية والمكون من 120 مطرانا وأسقفا، برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، فى جلسته التى انعقدت بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس الكبرى بالعباسية، يوم 20نوفمبر2014، وضع حل للخلافات الأسرية التى نتج عنها تفاقم حالات الطلاق بين الأقباط الأرثوذكس، ومطالبة الكنيسة بالاعتراف بانفصالهم والسماح لهم بالزواج للمرة الثانية. وتمثل ذلك الحل فى ربط تصاريح الزواج الكنسى من المرة الأولى باجتياز دورة تدريبية، تعطيها الكنيسة للشباب المقبل على الزواج، فى إشارة إلى أن الأمر فى طريقه إلى أن يصبح «إجباريًا» على جميع الشباب، علاوة على انضمام بند الكشف عن تعاطى المخدرات إلى الكشف الطبى العام الذى يجريه المقبلين على الزواج؛ للتأكد من الصحة العامة والقدرة على الإنجاب. كل ذلك دفع المواطن أشرف أنيس برسوم، مؤسس حركة الحق فى الحياة، إلى إقامة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى، طالب فيها ببطلان قرار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بإلزام المقبلين على الزواج، بالالتحاق بدورة المشورة والحصول على شهادة من الكنيسة؛ لتكون إحدى المسوغات الإلزامية المشروطة لموافقة الكنيسة على عقد الزواج. وقال «أنيس» فى دعواه التى حملت رقم 82581 لسنة 70 قضائية، إن شهادة المشورة يتم الحصول عليها عقب اجتياز دورة تدريبية تم استحداثها، ويُدرس خلالها شئون الأسرة المسيحية لمدة 6 أشهر، فهى دراسة إلزامية يجب اجتيازها للحصول على شهادة مؤهلة للزواج، وأكدت الدعوى أن إلزام المقبلين على الزواج بالحصول على تلك الدورة، يمثل قرارًا تعسفيًا واستبدادًا سلطويًا تمارسه الرئاسة الدينية للكنيسة على رعاياها.