فى سابقة تعد الأولى من نوعها فى تاريخ السينما المصري، طرح الفنان الشاب الساخر شادى سرور فيلم قصير على الإنترنت يشاركه بطولته النجمة بشرى، ليصبح أول فيلم مصري يعرض على الانترنت دون عرضه من قبل على شاشات السينما التى تملأ شوارع القاهرة والمحافظات، وفى خطوة جريئة وناجحة للسينما المستقلة التى بدأت تتحسس طريق الاحتراف بهذا الفيلم، فألف تحية لصناع هذا العمل. الفيلم تم اقتباسه من الفيلم العالمى الشهير "تيتانك" والذى قام ببطولته كلا ليوناردو دي كابريو وكيت وينسليت وأخرجه جيمس كاميرون، ورغم أنه لا وجه مقارنه بين النسخة العربي والنسخة الأجنبية وشتان الفارق بينهما؛ إلا أن بطل الفيلم المصري ومؤلفه شادى سرور أعلن بإن فيلمه مجرد فيلم ساخر من أجل الكوميديا فقط وإضحاك الجمهور، وهذه رسالة فى حد ذاتها تحسب له، لإضحاك الشعب المصري والعربي فى ظل ازماته المستمرة.
تجربة شادى السينمائية، تعد تجربة ناجحة بكل المقاييس ولا نستطيع أن ننكر عليه اجتهاده، بل يجب أن ندعمه ونقف فى صفه، فالفيلم يدور فى إطار كوميدي ساخر حول "جاك – شادى سرور" المصري البورسعيدي الذى لعب الزهر معه بسبب لعب القمار، وقرر السفر إلى دبي على متن السفينة العملاقة "تيتانيك"، فى الوقت نفسه تظهر "روز – بشرى" تلك الفتاة الشعبية التى يقع فى حبها شخص خليجى هى لا تحبه ولكنها تستنفع منه فقط بأمواله وكثرة شراءه المجوهرات النفيسة لها.
وتلعب الصدفة دورها فى أن يلتقى "جاك المصرى" ب"روز الفتاة الشعبية"، وأن يصعدان على ظهر السفينة ويجسدان ذلك المشهد الشهير وهما يقفان فى اعلى نقطة من السفينة ويفردان أيديهما كالأجنحه، ذلك المشهد الذى تغني فى خلفيته النجمة سيلين ديون، ولكن فى النسخة العربي نجد أن الأغنية الرومانسية قد تحولت إلى مهرجان شعبي من أجل الضحك، وتمر الأحداث ويصل الفيلم إلى نهايته فى مشهد مهيب تغرق فيه السفينة ويختتم المشهد بين "جاك" الذى يغرق ويموت و"روز" التى تعوم على وش المياه لتحكي لأحفادها عن تلك الواقعة الشهيرة.
"التاتش المصرى" كان واضح بشكل مميز فى النسخة العربي ل"تيتانك" من بداية كلام "جاك البورسعيدى"، ولا أعلم لماذا اتخذ شادى هذه اللهجة ولم يستعين مثلا بالصعيدية أو حتى الفلاحى؟، ثم ذهابه إلى "تيتانك" ب"توك توك"، ولكن السوكسية الكبير واللقطة الكوميدية فى الفيلم والتى انتظرها الكثير من جمهور شادى سرور مشهد خلع بشرى ملابسها كما فعلت "روز" فى الفيلم الأصلي، ولكن المفاجأة أن بشرى لم تخلع ملابسها لكى يرسمها شادى عارية بل هى من جعلت شادى يخلع ملابسه لتقوم هى برسمه، حتى (الفهلوة) المصرية كانت تسيطر على "جاك" فى آخر مشهد من أحداث الفيلم بعدما حصل (علّق) كل مجوهرات "روز" منها قبل غرقه فى البحر دون أن يعيد لها مستحقاتها.
الفنانة بشرى تستحق أن تحصل على درجة 10 من 10 فى هذا الفيلم المقتبس القصير لإجادتها وتألقها فى شخصية "روز" الشعبية التى تحلم وتبحث عن الحب فقط دون النظر لمن لديه المال، بالإضافة إلى جرأتها فى خوض هذه التجربة فى فيلم ساخر مع فنان (مغمور) "بلغة سوق الفن" ليس لدية اى سوابق فنية غير بعض الفيديوهات الساخرة على صفحته الشخصية للسخرية من بعض الأشياء السلبية داخل المجتمع المصرى.
كل هذه الأشياء أضافت عنصر الابهار والجمال التصويرى على الشاشة، وفى النهاية أظهرت عمل فني يميل للاحترافية بشكل كبير، ويحسب لشادى سرور هذه التجربة، وأتوقع بأن يكون الفيلم انطلاقه هامة وكبيرة لكثير من الأفلام التى ستعرض على الانترنت مهما بلغت تكلفتها.
وبالرغم من أن فيلم "تيتانك المصرى" فيلم ساخر ونسخة تقليدية ليس أكثر من النسخة الأجنبية، إلا أن مجهود كبير بذل فيه من تصوير وإضاءة وديكورات بالإضافة إلى الموسيقي التصوير التى وضعها إسلام زكى وضاهت العنصر الدرامي داخل الفيلم وكان لها تأثير واضح على مشاهد الفيلم.
شادى سرور استطاع أن يحول مشاهدة الفيلم من شاشة سينما إلى جهاز كمبيوتر أو شاشة موبايل –حسب رؤية المشاهد-، وأستطاع أن يحصد عائده المادى من الفيلم عن طريق شركتين عند طريق الدعاية لهما داخل الفيلم بشكل واضح، بالإضافة إلى إعلانات اليوتيوب والتى سيتحصل منها على عوائد مادية حسب نسب المشاهدات على قناته على "اليوتيوب".
فى النهاية الفيلم يُعد إضافة كبيرة لصناعة الأفلام المستقلة التى تبعد عن سطوة المنتجين وتحكم شركات التوزيع والإنتاج ونطالب شادى سرور بأن يظهر لنا الجانب التمثيلي لشخصيته الساخرة فى أعمال بعيده عن التقليد حتى نستطيع أن نحكم عليه كفنان مبدع يستطيع أن يجسد اى شخصية تعرض عليه.
خوفى الوحيد من هذه التجربة هو اتجاه عدد كبير من الفنانين الشباب والغير شباب لخوض هذه التجربة على الانترنت بكثرة دون أن يكون هناك أى نوع من أنواع الرقابة على هذه الأفلام، وبالتالى كل من لديه فكرة سيقدمها دون خجل أو تفكير، لذلك سنجد بالوعة ألفاظ ومصطلحات غير محترمه داخل العمل وليس بعيدًا أن نرى داخل هذه الأفلام التى لم تراها الرقابة مشاهد جنسية أو أفلام تدعو للفتنة الطائفية أو أفلام تدعو للتحرش أو تشجع على شرب المخدرات أو غيرها من الأفكار السلبية التى تهدد ثقافة المجتمع الشرقى والمصري الذى نعيش فيه.