مع اقتراب عيد الأضحى، يتحول مدبح منطقة السيدة زينب إلى خلية نحل، فلا يخلو أي شبر من أرضه من الدماء، وتتخلله رائحة اللحوم ورؤس الخراف والعجول التي تزين أركان المكان، لاسيما بعد أن زاد طلب المواطنين على "الحلويات" ، التي تنخفض أسعارها عن اللحوم "الضاني، والبتلو"، لتكون في متناول الجميع، لاسيما محدودي الدخل الذين يجدون في هذه اللحوم مايناسبهم من أسعار.
يمتلىء المدبح بالكثير من العاملين الماهرين المتخصصين في الذبح والتقطيع، واستخلاص حلويات اللحوم من الأبقار كطبيب اعتاد العمل داخل غرفة العمليات، ليجذبوا المستهلك لشرائها، بالرغم من هيئة العاملين بالمدبح الجادة، وتعاملهم اليومي مع الدماء، إلا أن الابتسامة الطيبة، دائما ما ترتسم على وجوههم، عكس الصورة التي ترسمها الأفلام السينمائية عن أهل المدبح.
وتشمل "حلويات اللحوم"، الممبار، والكوارع، والفشة، والكرشة، ولحمة الرأس، وغيرها من أحشاء الأبقار والجاموس. في بداية دخولك لمذبح السيدة زينب، تجد "حلويات المدبح" معلقة على أعمدة خشبية، ومتراصة على مناضد خشبية يمينًا ويسارًا . "محمد السيد".. شاب في العقد الثاني من عمره، توارث المهنة عن والده، حتى اعتاد الوقوف أمام فروشته التي تزينها "الكوارع، والممبار، والكرشة"، مرتديًا ملابسه المليئة بالدماء، وممسكًا بيده بضاعته مناديًا على الزبائن بصوت يكاد يصل إلى أبعد مكان بالمنطقة وعلى بُعد أمتار بسيطة نرى بائعي لحمة الرأس، يقومون بتعليق رؤس الأبقار في سيخ حديدي لعرض بضائعهم بشكل فني، فيما نرى بعض الرؤس متراصة على عددة مناضد وتجذب أشكال لحمة الرأس الكثير من المواطنين ليتوافدوا عليها من كل حدبٍ وصوب لشرائها، نظرًا لأسعارها البسيطة مقارنة بأنواع اللحوم الأخرى، حيث يصل سعرها إلى 30 جنيهًا. ويقوم أحد العاملين بالمدبح، بسلخ وتقطيع لحمة الرأس لتعد جاهزة للبيع، حيث يصل سعر الكيلوا جرام إلى 30 جنيهًا سيدة المدبح المعلمة "بدرية"، أقدم بائعة لحوم بالسيدة زينب، فمنذ نعومة أظافرها وهي تتعلم الجزارة من والدها، إلى أن باتت الأولى في مهنة الجزارة بالمنطقة، تمسك السطور وتقطع اللحمة كأنها تعزف بأصابعها على بيانو "الممبار.. أحلى من اللحمة"، بهذه الكلمات يحاول عادل سليم، أحد بائعي حلويات اللحوم، اقناع الزبائن بشراء الممبار الذي يسبح في كميه محدوده من المياه داخل أواني معدنيه كبيرة، وبمجرد شرائه يكون سهل التحضير وسعره بسيط. أما الكوارع فتعد الوجبة المفضلة لدى الكثير من الشعب المصري، لذا يحرصون على تواجدها على مائدة الطعام، لاسيما وأسعار "الكارع" الواحد لا تتعدى 45جنيها وبمجرد أن تطأ قدميك داخل المدبح تجد نفسك محاطا ببائعي الكرشه المتراصة بشكل مكثف واحدة تلو الأخرى، فيلتف حولها الزبائن متسائلين عن سعرها، ليجيب إبراهيم حسين، أحد البائعين: " ثمن الكيلو 20 جنيهًا"، ليزداد الإقبال على شرائها قبيل عيد الأضحى المبارك. بالمدبح يصطف البائعون متفاخرون ببيعيتهم التي يرونها مميزة، يدركون جيدا أن زبائنهم من طراز خاص، ينتظرون موسم عيد الأضحى كل عام ، اشتهاءًا للرزق التي يأتي من اشتهاء البعض للكوارع