سعت تركيا إلى طمأنة مواطنيها والعالم يوم الخميس بأنه لن تكون هناك عودة للقمع رغم أن الرئيس رجب طيب إردوغان فرض أول حالة طوارئ في البلاد منذ ثمانينات القرن الماضي. وفي ظل حملة إجراءات صارمة استهدفت آلاف الأشخاص من رجال القضاء والتعليم وموظفي الحكومة بعد محاولة فاشلة للانقلاب مساء الجمعة حذر أحد المشرعين المنتمين لحزب المعارضة الرئيسي في البلاد من أن حالة الطوارئ خلقت "أسلوب حكم يمهد الطريق للظلم." ولدى إعلانه حالة الطوارئ مساء يوم الأربعاء قال إردوغان إنها ستستمر لمدة ثلاثة شهور على الأقل وستسمح لحكومته باتخاذ إجراءات سريعة ضد مدبري الانقلاب الذي سعى للإطاحة به. وستسمح الطوارئ للرئيس وحكومته بتجاوز البرلمان وإصدار قوانين جديدة وتقييد الحقوق والحريات أو الحد منها إذا اقتضت الضرورة. وبالنسبة لبعض الأتراك أثارت الخطوة مخاوف من العودة لأيام فرضت فيها الأحكام العرفية في أعقاب انقلاب عسكري عام 1980 أو عندما بلغ تمرد الأكراد ذروته في تسعينيات القرن الماضي وفرضت الحكومة حينها حالة الطوارئ. وتحدث محمد شيمشك نائب رئيس الوزراء للتلفزيون وكتب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر في محاولة لتهدئة التوتر في أسواق المال ووقف أي مقارنات مع الماضي. وعمل شيمشك سابقا في وول ستريت وينظر إليه باعتباره أحد أكثر السياسيين تشجيعا للاستثمار. وفي تغريدة على تويتر كتب شيمشك "إن حالة الطوارئ في تركيا لن تشمل قيودا على الحركة والتجمعات وحرية الصحافة وما إلى ذلك. هي ليست أحكاما عرفية مثل التي فرضت في التسعينيات." وأضاف "أثق في أن تركيا ستخرج من ذلك وهي أكثر ديمقراطية ولديها اقتصاد سوق أفضل ومناخ استثمار (أكثر جذبا)." لكن الثقة تراجعت في الأسواق بدرجة كبيرة. واقتربت الليرة من تسجيل تراجع قياسي مرة أخرى فيما انخفض مؤشر البورصة الرئيسي بنسبة 3.6 في المئة. ويلقي إردوغان باللوم في محاولة الانقلاب على شبكة من أتباع رجل الدين المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله كولن. وقتل 246 شخصا وأصيب المئات عندما قاد جنود طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر عسكرية ودبابات في محاولة فاشلة للإطاحة بالحكومة. وقالت أنقرة إنها ستسعى لتسلم كولن. ومنذ فشل محاولة الانقلاب تعرض نحو 60 ألفا من الجنود ورجال الشرطة والقضاة وموظفي الحكومة والمعلمين للفصل أو الاعتقال أو التحقيق. وهز الانقلاب وما تبعه من عمليات تطهير البلد الذي يبلغ عدد سكانه 80 مليون نسمة. وتجاور تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي كلا من سوريا والعراق وإيران، وهي حليف للغرب في حربه الحالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وأصبحت حالة الطوارئ سارية بمجرد نشر القرار المتعلق بها في الجريدة الرسمية صباح يوم الخميس وما زال القرار في حاجة إلى موافقة البرلمان خلال تصويت يجري في وقت لاحق يوم الخميس رغم أن هذه الخطوة مضمونة إذ أن غالبية أعضاء البرلمان ينتمون لحزب العدالة والتنمية الحاكم.