الإعلانات تملأ فيسبوك.. والصفقة تتم بشكل سرى ■ الزواج عند المأذون.. والطلاق حسب مزاج الزبون.. والتسعيرة من ألفين إلى 4 آلاف جنيه.. والدفع قبل كتب الكتاب ■ التوقيع على عقد اتفاق يكتبه محام قبل الذهاب إلى المأذون.. و «زيجة الورق» الأعلى سعراً فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى، قدم الزعيم عادل إمام فيلما متوسطا فنيا بعنوان «زوج تحت الطلب، ولم يعرف وقتها، ولم نعرف معه أن «المحلل» سيصبح مهنة.. وأن العريس جاهز للتوصيل لعتبة البيت!! وبتطور المجتمع تطور المشهد إلى إعلانات تملأ مواقع التواصل الاجتماعى، عن وجود محلل شرعى لمن يريد، بالمواصفات التى يحددها، دون الإعلان عن تفاصيل، لتفاجأ عند الاتصال به، بتحفظه وحرصه الدائم فى الإجابات، وتلهفه لمقابلة الحالة بشخصها، دون الحديث المطول فى الهاتف، ما يؤكد عدم ثقته فى من يحدثه ورغبته من التيقن. فكرنا فى كشف عالم «المحللين»، فالتقطنا الخيط من إعلان منشور فى إحدى صفحات التواصل الاجتماعى، نصه: «محلل زواج شرعى، 32 سنة، تحت الطلب، فى أى وقت وأى مكان، لجميع الفئات والأعمار والإخوة العرب، بجميع الشروط والضمانات، مع سرعة إنهاء الإجراءات، والتميز بالأخلاق والأمانة والسرية»، وإعلان آخر يفيد بوجود مكتب محلل شرعى لزواج المطلقات، مع وضع الرقم الخاص بهم. اتصلت بأحد الأرقام المدونة بالإعلان، وتواصلت مع مصطفى. أ، المحلل الشرعى، 32 سنة، الذى يقطن منطقة الوراق، ولديه محل ترزى ملك والده فى وسط البلد، وأفادنا بأنه يدير عمله ك «محلل زواج» بشكل سرى، بجانب عمله كسائق. طوال الحديث معى، حاول إقناعى بشكل مستميت للاتفاق معه، خاصة أننى أدعيت ُبأن إحدى قريباتى منفصلة عن زوجها، وطلقها زوجها ثلاث مرات، بسبب الغيرة، ولا تستطيع العودة له إلا بوجود محلل، فتوجهت استفساراته لى عن السيدة وسنها وسكنها، ووظيفة زوجها، فقمت بسرد تفاصيل من خيالى، بأنها سيدة تتعدى ال33 من عمرها، مطلقة منذ شهرين، ولديها طفلان، تسكن فى روض الفرج بشبرا، ولا تستطيع العودة لزوجها الذى يعمل بإحدى الشركات الخاصة، إلا بعد زواجها بآخر، لأنه طلقها 3 مرات بشكل لا يمكنه الرجوع. ويُظهر مصطفى الشاب السمين، متوسط القامة حرصه على حضور السيدة المطلقة بنفسها لإتمام الاتفاق الذى لا يمكن الرجوع فيه، قائلاً: «لازم تيجى المكتب انت والزوجة اللى معاها المشكلة، عشان ندرس الموضوع ونضع الشروط، ونحدد مدة الزواج، والمأذون، وكيفية الانفصال والرجوع لزوجها»، فأخبرته بأنها مسافرة الآن وسوف أذهب بها إليه بعد عودتها من السفر». سألته عن التكلفة، فأخبرنى: «بأنه يأخذ ألفى جنيه على الحالة، ويتم كتب الكتاب من خلال مأذون شرعى، مع حضور أهلها، ووالدى وشريكى فى المكتب، ويتم الانفصال حسب الاتفاق بعد أسبوع من الزواج». عاود مصطفى الاستفسار عن طبيعة الزواج، بأنه سوف يتم بشكل فعلى كامل أم مجرد زواج على ورق، فقلت له: زواج شرعى عند المأذون بس على الورق بس، فقال: «ما أكيد يا أستاذة هنروح عند مأذون وشرعى بس على ورق ده مابيكنش صحيح من ناحية الدين، بس تحت أمرك أنا موافق، عاوز أريحك، وعشان تطمنى أنا تزوجت كمحلل مرتين مرة بشكل شرعى كامل، ومرة على الورق بس، بقولك عشان تطمنى كله بالاتفاق وقاعدة الرجالة، وهى حسب راحتها، لو عاوزانى زوج شرعى لها على سنة الله ورسوله وتكون حلالى تمام، لو على ورق تمام برضه مش هنختلف، أبديت له بعض القلق وأننا نريد مزيدا من الطمأنينة باعتبارها أول مرة يتم ذلك فى عائلتنا، فأجاب: اطمئنى بيكون فيه ناس كبيرة قاعدة، وفيه مكتب ليا أنا وشريكى الحاج أحمد، فى شارع عدلى بوسط البلد، بنختار الشهود على الموضوع، ثم يوقع الطرفان على عقد الاتفاق، ويتم دفع الفلوس بعد الاتفاق». بعدها عاود الاتصال بى، لاستعجال موعد المقابلة، قائلاً: مينفعش الكلام فى التليفون لازم نتقابل ونتفق عشان محدش يرجع فى كلامه، وعندما استفسرت منه عن الإجراءات والأوراق المطلوبة قال لى: «هى مطلقة، لازم تجيب قسيمة الطلاق، و6 صور شخصية، وشهادة الميلاد، والشهادة الصحية اللى المفروض أنا وهى نروح نعملها، ومن ناحية طلباتها هنكتب النفقة والمؤخر بشكل رمزى، يعنى حوالى 400 جنيه نفقة، و500 جنيه مؤخر كما تم فى زيجاتى السابقة، وهيتم الطلاق وقت ما نتفق بعد يومين أو أسبوع»، متابعاً: أما بالنسبة للفلوس فلابد من دفعها يوم كتب الكتاب. وأضاف: لابد أن تحضر الزوجة أحدا من عائلتها أخاها أو والدها، ويحضرون بطاقاتهم لتصويرها، وسوف يحضر معى والدى، والحاج أحمد شريكى، والمأذون، ومش هنختلف الشهود من عندنا أو عندكم.. والكلام اللى هنتفق فيه مفيهوش راجعة». واستطرد: «عايزة تسألى عليا اسألى، أنا لا راجل مسجل، ولا راجل شبهة، وعندنا محل والدى فى وسط البلد ترزى، وأنا عامل النشاط ده فيه بشكل سرى، أنا من عائلة كبيرة فى الوراق، وتقدرى تنزلى وتسألى على عشان تطمنى». وعن ورقة الاتفاق فأكد لى وجود عقد اتفاق بين الطرفين يكتبه محام، مدون به جميع الشروط بدءا من السعر، وعدد أيام الزواج، ويوم الانفصال، لو جيتى بكرة على آخر النهار يكون الموضوع خلصان والطلاق بعد يومين». الغريب أن تسعيرة الزواج تختلف من محلل إلى آخر، حيث توصلنا إلى آخر بمصر الجديدة، وقال: لدى تسعيرة ثابتة ألفا جنيه لحالة «الزواج على ورق».. و4 آلاف لحالة الزواج الفعلى. ومن خلال موقع فيسبوك تمكنت من الوصول لرقم أحد المحللين الشرعين من خلال صفحة عنوانها «محلل شرعى للزواج»، بها إعلان عن وجود محلل مع رقم الهاتف المتاح، فقمت بالاتصال به، وهو شخص يدعى «أحمد.ع، 37 سنة، يعيش فى روكسى بمصر الجديدة، واستفسر منى عن الحالة، فأخبرته بأن صديقة لى، يتعدى عمرها 43 سنة، لديها 3 أولاد وبنت، طلقها زوجها 3 مرات، بشكل لا يجوز الرجوع بينهما دون محلل، وإنى أريد التواصل معه للاتفاق على التفاصيل والإجراءات، فعندما طلبت منه المقابلة قال إنه يريد مقابلة الحالة أيضاً، واطمئنى الموضوع سيتم بشكل سرى، ويتم الطلاق بعد ليلة من الزواج، حسب ما يتم الاتفاق بين الطرفين». وعن قيمة المبلغ الذى يتم دفعه، فأخبرنى: «مش هنختلف على المبلغ، حسب الحالة وأنها متيسرة من عدمه»، متابعاً: أديت دور المحل مرتين، مرة تم دفع ألفى جنيه، ومرة ألف ونص، حسب الحالة، وسوف نقوم بكتب الكتاب عند المأذون، ولا توجد قعدة رجالة، ويكون الموضوع بشكل سرى، ويتم الطلاق بعدها بيوم، بس لو عاوزين اسبوع زى ما تحبوا»، فقلت له أن الزوجة تريد الزواج على الورق فقط، فقال: «زى ما تحبوا، هو فيه كده وفيه كده، بس المفروض يتم الزواج بشكل كامل، لكى يكون شرعيا»، مردداً: «بس لو عاوزينه على ورق المصاريف هتزيد شوية، فقد تصل إلى 4 آلاف جنيه. عند استفسارى عن إجراءات الطلاق وكيفية الانفصال، رد قائلاً: سوف يتم الطلاق بعد يوم أو أسبوع حسب ما تريده الزوجة، من خلال طلقة بائنة، وتقوم هى بتبرئته من كل شىء، من المقدم والمؤخر والنفقة، الذى يتم تسجيلها بشكل رمزى فى قسيمة الزواج، قائلاً: «عايزين نقعد نشوف الحالة الأول، ونحدد ميعاد كتب الكتاب، وعشان نعرف كل تفاصيلهم ونكتب الكتاب على طول».