فى حوار الصراحة والمكاشفة ■ «حكومة إسماعيل» لا تجيد ممارسة السياسة.. و«الداخلية» أخطأت ب «أزمة الصحفيين» وتفتقد المواءمة ■ شعبية السيسى تراجعت لكن لا يستهان بها ■ مصر دولة ناشئة بسبب مشكلات الأجهزة التنفيذية والاقتصاد والسلام الدافئ مع إسرائيل ضرورة فتح الدكتور محمد غنيم، مؤسس مركز الكلى بمدينة المنصورة، الذى تحول إلى قبلة للمرضى فى مصر والشرق الأوسط، قلبه ل»الفجر» وتحدث عن عضويته بالمجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية، وقدم محاور عن كيفية التحول إلى دولة متقدمة ذات اقتصاد قوى، واعتبر أن مصر دولة بلا أحزاب حقيقية. صراحة الدكتور غنيم امتدت إلى شخصيات عديدة، مؤثرة فى المشهد السياسى مثل الدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية السابق، وحمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى.. وإلى الحوار ■ مبدئياً هل ترى أن شباب اليوم يملكون من الشغف العلمى ما يؤهلهم كى يكونوا علماء المستقبل؟ - هناك شباب يحاول إثبات أنفسهم بالمجال، ولكنهم يحتاجون للتمويل والالتحاق بالمؤسسات العلمية، ولكن مصر تعانى من ضعف الموازنات المرصودة للبحث العملى، وأتمنى تفعيل الدستور فى هذه المسألة بوصول النسبة ل1% من الدخل القومى أى نحو 20 مليار جنيه. ■ بصفتك عضواً بالمجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية ما هى الملفات التى عملتم عليها حتى الآن؟ - أولاً ليس للمجلس، علاقة بالجهاز التنفيذى، أعضاؤه لا يتقاضون أجراً، ويتناول المجلس عدداً من الملفات التى من أبرزها: التعليم بكافة مراحله خاصة الأساسى والصحة والطاقة. ■ هل تهتم كعضو فى المجلس بالمبادرات التى تظهر من حين لآخر وتخص تطوير التعليم مثل مبادرة الدكتور حسام بدراوى، والتى دعا فيها لتبنى تطبيق «تقويم» والقائمين عليه؟ - جميع المبادرات جيدة وإيجابية، لكن نقطة البداية تكمن فى تكوين مفوضية أو مجلس أعلى للتعليم، يضم مهتمين بالتعليم وممثلين عن الوزارات المعنية والمجتمع المدنى، وتكون مهمتهم وضع إستراتيجية وسياسات محددة يقوم بتنفيذها الوزير وتتم محاسبته على أساس قدرته على الإنجاز خلال زمن محدد. ■ وما أبرز الأفكار التى تم رفعها للرئاسة فيما يتعلق بحل مشكلات التعليم؟ - طالبنا بضرورة ألا يضم الفصل المدرسى أكثر من 30 طالبا، وتدريب المدرس ورفع دخله، والتركيز على علوم الحداثة، وألا تقل الدراسة عن 40 أسبوعاً، ودراسة سبل تقييم الطلاب بشكل متطور، والاهتمام بالتعليم الفنى وتغيير قانون الجامعات وضرورة تفرغ أعضاء هيئة التدريس. ■ ما أهم القرارات التى اتخذها الرئيس السيسى خلال الفترة الماضية والتى يمكن أن تصفها بالقرارات الحتمية؟ - مشروع قناة السويس الجديدة وإصلاح الطرق والكهرباء والتوسع فى الإسكان، والتوسع الأفقى فى الزراعة مثل مشروع الفرافرة، وتحسين لهجة السياسة الخارجية لمصر والتى تسببت فى تحسين الصورة كثيراً بعد ما كانت مصر محاصرة بعد ثورة 30 يونيو. ■ وما أهم القرارات التى جانب النظام فيها الصواب؟ - قانون التظاهر، الذى اعتبره غير دستورى، ورغم رفضه على المستويات الشعبية، إلا أنه لايزال فاعلاً وبشكل انتقائى فج، وترك الرأسمالية الطليقة، لتسيطر على وسائل الإعلام والأحزاب ما يؤدى لزواج بين السلطة التشريعية ورجال الأعمال، الذين لم يسهموا بفاعلية فى صندوق» تحيا مصر» أو فى مبادرة «صبح على مصر» لأن «فى بطونهم بطيخة صيفي»، إذ إن أموالهم بالخارج، لهذا لا يستجيبون لنداءات الرئيس، ويجب تطبيق الضرائب التصاعدية، بشكل صارم، وضرائب الأرباح الرأسمالية. ■ هناك من يرون أن القرض الروسى الأخير بقيمة 25 مليار دولار وفائدة سنوية 3% سيثقل كاهل مصر بأعباء مضافة ما سيؤثر على المواطن بشكل سلبى؟ فما رأيك؟ -ليس هناك شىء دون مقابل، وكى ننفذ مشروعات ضخمة، يجب البحث عن مصادر تمويل لها، والقروض أحد هذه المصادر، الأهم الحديث عن نوعية المشروعات التى نقترض لإتمامها وهل ستؤت ثمارها أم لا؟ ■ هناك ربط تحدث عنه البعض بين توقيت «حادث الطائرة الروسية» وتوقيع القرض الروسى؟ بماذا تفسر هذا؟ -تفسير الأحداث وفقا لنظرية المؤامرة بشكل مستمر، أمر خاطئ، وحادث الطائرة الروسية كان هدفه ضرب السياحة المصرية فى مقتل، وإفساد العلاقات المصرية الروسية، لذا يجب أن نتعلم الدرس، فالاقتصاد المصرى قائم على الخدمات وتحويلات المصريين بالخارج وقناة السويس، وهو يتأثر كثيراً بالعوامل السياسية، لذا يجب التوسع فى الاقتصاد التنموى القائم على الزراعة والصناعة. ■ أزمة نقابة الصحفيين الأخيرة سبقتها مماثلة لها بنقابة الأطباء وفى الحالتين لم تتم إقالة الوزير المسئول عن تفجيرها.. هل تشعر بأن الدولة فى حالة عراك من النقابات المهنية؟ -لا أعتقد أن ذلك توصيف للواقع، فكل ما فى الأمر أن وزارة الداخلية تتصرف بتهور، ولا تراعى المواءمة السياسية وكانت فى حاجة للمراجعة. ■ أشرت من قبل إلى أن الرأسمالية تسيطر على الأحزاب.. ومع ذلك يعانى حزب المصرى الديمقراطى من مشاكل مادية حادة أدت إلى استقالات بالجملة..كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة..أحزاب فاعلة فى غياب رأس المال؟ - الأحزاب المدنية سواء كانت موجودة قبل الثورة أو بعدها، تنشط فى الانتخابات فقط، وبالتالى يتهرب الأعضاء من دفع الاشتراكات، ما يؤدى لوجود مشكلات مادية، لكن الأمر ليس فى حاجة لرجل أعمال يسيطر ويتبنى الحزب مواقفه. ■ هناك نغمة سائدة هذه الأيام تستدعى ما قبل 25 يناير وتترحم على عهد مبارك بوصف رموزه بأنهم كانوا فاسدين ولكنهم ناجحون فى إدارة البلاد؟ - كل ما فى حياتنا من سلبيات على مستوى الصحة والتعليم والعلاقات الدولية وغيرها، ميراث عن نظام مبارك وهناك بعض الأحزاب أعادت إنتاج عناصر الحزب الوطنى وأعادتها للحياة البرلمانية، ما يفسر سوء الأوضاع التى لا تزال مستمرة، لذا فهم مسئولون عما نحن فيه. ■ هناك بعض التصريحات التى رددها الرئيس السيسى فى أكثر من مناسبة وتم تداولها على محمل سيئ «مثل تصريحه بأن مصر دولة ناشئة» وحديثه عن «السلام الدافئ مع إسرائيل»...ما هو تفسيرك لهذه التصريحات وهل تم تحميلها بما لا تحتمل؟ - نعم تم تحميلها بما لا تحتمل، فالحديث عن أن مصر دولة ناشئة ربما كان للإشارة إلى وجود مشكلات بالأجهزة التنفيذية والاقتصاد والتنمية والصحة والتعليم وغيره، مع وجود تحديات داخلية وضغوط خارجية جعلت السلام الدافئ مع إسرائيل ضرورة حتمية. ■ ما الحزب الذى يمكن وصفه بالحزب الواعد من بين الأحزاب الموجودة؟ - لا أرى أحزاباً واعدة، ولكن كارتونية، وهناك أشخاص لديهم رؤية واضحة ويمكن اعتبارهم واعدين. ■ وماذا عن حزب المصرى الديمقراطى باعتبارك أحد مؤسسيه؟ - ليس لى أى علاقة بالحزب، الذى أسسه الدكتور محمد أبو الغار، أو غيره أو أى حركة سياسية فأنا أغرد منفرداً. ■ كيف ترى اعتزال الدكتور أبو الغار للسياسة وتفرغه لممارسة الطب؟ - الدكتور أبو الغار اجتهد اجتهاداً عظيماً وهو إنسان وطنى ومخلص من الدرجة الأولى، لكن ربما يرى أن تقدم عمره يدفعه للعيش فى سلام بعيداً عن مشقة السياسة الشاقة وهو يغرد منفرداً من خلال مقالاته. ■ وصفت معظم الوزراء الحاليين بأنهم «تكنوقراط» ما هو السبيل برأيك لتحويل منصب الوزير لموقع سياسى؟ - يجب إنشاء مفوضية فى كل وزارة تضم عدداً من المتخصصين، مهمتهم وضع خطط واستراتيجيات يسير عليها الوزراء وبهذا يكون الوزير منصبا سياسيا مثل جميع الدول المتقدمة. ■ عاصرت ثورة 1952 وشهدت ثورة 2011.. بأيهما تأثرت أكثر وعلى أى منهما علقت آمالا أكبر؟ - لا يمكن اعتبار يوليو ثورة حقيقية، فهى انقلاب اسميناه وقتئذ «الحركة المباركة»، وووقعت انتكاسة لمضمونها الثورى فى يونيو 1967، أما 25 يناير فهى ثورة شعبية، تمثل نقطة مضيئة فى تاريخ الشعب المصرى وتبعاتها ستظهر على المدى البعيد. ■ جاء فى تصريح لراشد الغنوشى رئيس حركة النهضة فى تونس أنه لم يعد هناك مبرر لوجود الإسلام السياسى فى تونس.. هل تعتبر هذا التصريح، مراجعة فكرية يمكن أن تستلهمها جماعة الإخوان بمصر ما يمهد للمصالحة؟ - للمصالحة شروط أولها التوقف عن الإرهاب والاعتذار للشعب عن الجرائم فى حقه ويمكن أن تتم المصالحة مع من لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولا أرى أى مؤشرات على وجود مراجعة لدى الإخوان. ■ ما موقفك من الجدل الدائر على هوية جزيرتى تيران وصنافير؟ وبماذا كنت تنصح الدولة للتعامل مع هذا الموضوع؟ - لست مؤهلاً للفصل فى هذا الموضوع، وكنت لأنصح الدولة بالإعلان عن رغبة السعودية فى استعادة الجزيرتين وتشكيل البرلمان للجنة تضم سياسيين وإحصائيين وجغرافيين من المؤيدين والمعارضين، تعرض النتائج، ومظاهرات 25 أبريل والقبض على الشباب المحتجين، سببه خطأ فى الطرح السياسى بالإعلان عن الموضوع دون تحضير. ■ البعض يرى بعد سلسلة القبض العشوائى فى 25 أبريل وما تلاها أن الدولة البوليسية تعود بقوة؟ - الحقيقة الثابتة أنه كلما ارتفع معدل العمليات الإرهابية أحكمت الدولة البوليسية قبضتها وتقلصت مساحة الحريات، وهنا أرجو من الشرطة أن تهتم بكل ما يخص أمن الدولة والمواطنين فى إطار من المواءمة السياسية. ■ كيف ترى الطريقة المثلى للتعامل مع المعارضين؟ - المعارض شخص وطنى، ينتقد سياسات، ومواقف ويريد أن تكون الأوضاع أفضل، ويجب الاستفادة منه وإشراكه فى الحياة السياسية. ■ تابعت حادث طائرة مصر للطيران الأخير.. ما هو تقييمك لإدارة الدولة المصرية لهذا الملف حتى الآن؟ -الدولة أدارت ملف الطائرة بشكل ممتاز، سيدار التحقق بدرجة عالية من الشفافية، نظراً لارتباطه بدولة أخرى. ■ بماذا تعلق على هذه الأسماء: الدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى؟ - إنسان وطنى ومشكلتنا معه أننا قبل وإبان ثورة يناير قمنا كقوى وطنية بوضع الثقة فيه ولم يكن مؤهلاً لذلك. وحمدين صباحى معارض له ما له وعليه ما عليه. ■ من خلال رصدك لما يجرى فى الشارع.. كيف أصبحت شعبية الرئيس السيسى الآن؟ - تراجعت، وهو أمر طبيعى وكان هذا سيحدث لو أن أوباما هو رئيس مصر، فليس كل ما حلم به المواطن المصرى مع الرئيس السيسى وجده وهذا طبيعى نتيجة لظروف الواقع، ومع تقلص هذه الشعبية إلا أنها لا يستهان بها. ■ كيف تقيم حكومة الدكتور شريف إسماعيل؟ -الحكومة كما ذكرت حكومة تكنوقراط وحينما يوفقوا فى خطوة أو موقف معين، فإنهم لا يجيدون طرحه لافتقارهم للخلفية السياسية، عدا ذلك ليس لدى أى تعليقات عليها. ■ صرحت بأنك ترشح الدكتورة منى مينا لتولى وزارة للصحة.. لجمعها بين التخصص وممارسة العمل السياسى من خلال النقابة...هل يمكن أن يتكرر نموذج كمال أبو عيطة الوزير الثورى الذى هبطت أسهمه فى الشارع بتوليه وزارة القوى العاملة؟ -الأمر يتوقف على الطريقة التى ستدير بها الموضوع لأن النجاح ليس سبيله امتلاك الرؤية فقط ولكن فى الشفافية التى تجعل المسئول يكسب ثقة الجماهير. ■ لو أن هناك خيطا من نور يبعث على التفاؤل فى هذه الآونة لمن ستنسبه؟ - سأنسبه لتبنى الرئيس السيسى لمشروعات التنمية، مع التأكيد أننا لا خيار أمامنا سوى التفاؤل.