الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع وهي بمثابة الحضن الذي يوفر للأبناء الرعاية والعناية والحنان والتوجيه التربوي، وغالباً ما يرتبط مفهوم الأسرة العربية بمفاهيم خاصة تقليدية إذا صح التعبير ومنها المحبة والنخوة وهذا الرابط العائلي فيما بين أفراد العائلة وحتى مع الأقارب وغيرها من الخصائص التي تميزت بها الأسرة العربية على مر العصور. مشكلات أسرية ولكن مع الأسف الشديد نلاحظ اليوم مشاكل أسرية لا حصر لها، من بينها: طلاق، جفاء بين الزوجين، قطع صلات الرحم، هذه المشاكل والاختلالات ناتجة عن التصدع الذي حدث في العلاقات الأسرية، أغلبها يرجع إلى التطورات التكنولوجية والانفتاح على الغرب اللذان قد أدخلا بعض التغييرات في نشأة الأسرة العربية من الداخل ومن الخارج بحيث ساهم الانفتاح الخارجي إلى انفتاح داخلي إلى حد كبير، ولكن لا ننكر أنه يوجد نمو في النظرة إلى كيفية التطلّع إلى مفهوم طبيعة العلاقة بين الأهل والأولاد؛ ولكن بشكل بسيط. ولا يغيب عنا أن هذا التطورات التكنولوجية أفرزت تفاعلات جديدة للعلاقات على صعيد الأسرة أدت إلى تعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها، بحيث بات الجيل الجديد يبحث أكثر عن استقلاليته من جهة، وعن تحقيق ذاته بعيداً أحياناً عن العادات والتقاليد أو ما يراه الأهل مناسباً من جهة ثانية وكأن المجتمع بات يفرض بعض الشيء نمط الحياة ومستلزماتها باتت تؤخذ أيضاً بعين الاعتبار، فضلاً عن الاغتراب أيضاً الذي يشكل حيزاً مهماً في حياة كل أسرة عربية تقريباً ويعكس نوعاً جديداً أيضاً في هيكلية العلاقة بين الأفراد. اليوم العالمي للأسرة وبمناسبة اليوم العالمي للأسرة العربية، ألقت "الفجر" الضوء على واقع الأسر العربية وأبرز التغيرات التي تواجهها في عصر تشكو بعض الأُسر من بعض الخلل في وظائفها. ويعود الاحتفال باليوم العالمي للأسرة إلى القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 باعتبار الخامس عشر من مايو يومًا عالميا للأسرة، وحث القرار كافة الدول والهيئات الرسمية وغير الرسمية للعمل على رفع مستوى الأسرة وأفرادها ورفع مستواها المعيشي بما يتلاءم مع الأهداف التنموية الأمر الذي يكفل بأن تكون الأسرة وحدة فاعلة في التنمية الكلية. وأظهرت الدراسات النفسية أن أكثر الأسر تفكك، هم الأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية، ويمكثون بمفردهم بعيدًا عن أسرهم، حيث يجلس كل فردًا بعيدًا عن الأخر وكل أفكارهم باتجاه، حتى أصبحت تجمعهم المائدة على جميع أنواع التكنولوجيا، ما أدت لموت الحوار بينهم، ويرجع ذلك إلى التطورات التكنولوجيا المنفتحة. الفيسبوك حذر علماء وباحثون من إدمان الشباب والأطفال لأجهزة التكنولوجيا، خاصة شبكة الإنترنت وبالخصوص موقع التواصل "الفيسبوك"؛ حيث إنها تعزلهم عن محيطهم الاجتماعي، وتجعلهم يتعاملون مع أصدقاء افتراضيين. وقد كانت غرفة الدردشة في السابق المتنفس الوحيد للشباب للتواصل مع الشباب الآخرين، حتى ظهر "الفيس بوك"، وجعلهم أكثر إدمانًا للإنترنت وأكثر عزلة عن أسرهم؛ لأسبابٍ عديدة منها: الفضول، ومحاولة إظهار المستخدم لشخصيته، وبأنه حاضر دائمًا في الإنترنت، إذ يعرض صوره، ويطلع على صور الآخرين، كما أنه يكتب تعليقات، ويطلع على آخرين وهذا يتطلَّب منه الكثير مِن الوقت، إلى درجة أنه لا يجد فُرصة للحديث مع أي شخص. وكشفت دراسات حديثة أجراها فريق جامعي من جامعة" شيكاغو" الأمريكية، أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تقوي علاقة الإنسان ببني جنسه، وإن كان ذلك في الظاهر فهي تجعله في جل وقته منعزلاً عن محيطه الاجتِماعي، بل قد تدفعه إلى التواصل مع أشخاص وهميين أو مخادعين، فيقع فريسةً للابتزاز والمكر. غياب المرجعية والقيادة الأسرية وأثبتت بعض الدراسات التي أجريت في الآونة الأخيرة من قبل بعض الأخصائيين، أن هناك بالفعل عزلة كبيرة بين الآباء والأبناء، بشكل ملحوظ، نظرًا لغياب المرجعية والقيادة الأسرية موضحة أن واقع بعض الأسر هو عكس ما كان عليه في الماضي حيث كان رب الأسرة يحرص على التواجد مع أسرته، والسبب يرجع للوقت الحالي الذي أصبح أكثر تعقيداً، فضلا عن اختلاف الثقافة بين الأجيال واختلاف طرق التفكير، وإسهام وسائل الاتصال التي نقلت الجيل الجديد من الدائرة الإقليمية إلى الدائرة الأوسع للعالم الخارجي، كذلك أدى التقدم الحضاري إلى اختلاف الممارسات، دور القنوات الفضائية وتأثيرها على سلوكيات أفراد المجتمع، مما أدى إلى اتساع الفجوة الثقافية بين الآباء والأبناء.
وأدى توسع هذه الفجوة انشغال معظم أفراد الأسرة بالعمل لرفع المستوى الاجتماعي والمعيشي، وقد يكون لضعف الوازع الديني لدى الأجيال الجديدة أثر في هذه العزلة وفي ضعف صلة الرحم والبعد عن الاجتماع الأسري. وتضيف الدراسة، أن بعض الأسر مازالت متمسكة بالروابط الأسرية القوية، حيث يجتمع الأب مع أبنائه وأسرته كل يوم، وهذا يمنع حدوث تلك الفجوة التي يعاني منها الكثير من الآباء والأبناء في حياتهم العائلية، وبرأيي فإن لوسائل الإعلام دور كبير في توضيح مخاطر ضعف الترابط الأسري والاجتماعي. الأسرة المتكاملة يرى علماء النفس أن الأسرة المتكاملة ليست تلك التي تكفل لأبنائها الرعاية الاقتصادية والاجتماعية والصحية فحسب، بل هي الأسرة التي تهيئ لهم الجو النفسي الملائم أيضاً، ومن هنا فإن مجرد وجود الطفل في بيت واحد مع والديه لا يعني دائماً أنه يحيا في أسرة متكاملة أو يلقى العناية الأبوية الكافية.