بدأت أزمة الصحراء الغربية قبل انسحاب الاستعمار الإسباني منها عام 1972، إذ طالب المغرب باسترجاع الصحراء الغربية من الاحتلال الإسباني معتبراً أنها جزء من أراضيه، وفي ذات الوقت طالبت موريتانيا بجزء من الصحراء بدعوى أن للسكان تقاليد شبيهة بالتقاليد الموريتانية، بينما أعلنت جبهة البوليساريو إلى إقامة دولة جديدة منفصلة في منطقة الصحراء الغربية تحت مسمى "الجمهورية العربية الصحراوية"، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن ما زال الخلاف مستمر بين المغرب و"البوليساريو" حول أحقية المغرب في الصحراء الغربية. وفي هذا السياق ترصد "الفجر"، الأزمة الناشبة بين "البوليساريو" والحكومة المغربية، وتعليقات بعض الخبراء على الوضع الحالي، ومدى إمكانية انفصال الصحراء الغربية عن "المغرب". بداية الأزمة في عام 1972، وأثناء وقوع الصحراء لغربية "البوليساريو" تحت الاحتلال الإسباني، بدأ المغرب تنظر إلى الصحراء الغربية على أنها جزء من أراضيها، وبدأت في السعي للحصول عليها، حيث أنه في 15 يونيو من نفس العام،انبثقت مفاوضات بين المغرب والجزائر عن معاهدة حول الحدود المغربية الجزائرية نصت على اعتراف المغرب بجزائرية تيندوف، والمشاركة في إنتاج وتسويق حديد تيندوف، ودعم الجزائر لمغربية الصحراء، في حين أعلنت موريتانيا أن سكان الصحراء الغربية لهم نفس التقاليد والعادات التي لدى الشعب الموريتاني وعلى هذا الأساس طالبت بالجزء الجنوبي من الصحراء الغربية. دعوى مغربية إلى محكمة العدل الدولية وفي 20 أغسطس عام 1974، أعلنت إسبانيا عزمها إجراء استفتاء لتقرير مصير الصحراء خلال الأشهر الستة الأولى من العام التالي، وهو ما جعل المغرب يقدم دعوى إلى محكمة العدل الدولية بشأن قضية الصحراء الغربية في 17 سبتمبر من نفس العام. وجود علاقات تاريخية وفي 16 أكتوبر1975، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها الذي نص على وجود علاقات تاريخية بين الصحراء الغربية من جهة والمغرب وموريتانيا من جهة ثانية، لكن القرار قال أيضاً إنه لا توجد أي روابط للسيادة الترابية بين أراضي الصحراء الغربية من جهة، ومملكة المغرب أو مجموع التراب الموريتاني من جهة أخرى. تقسيم الصحراء الغربية ونظم المغرب "المسيرة الخضراء" إلى الصحراء بتوجيه من الملك الحسن الثاني ومشاركة 350 ألف مغربي، في 6 نوفمبر 1975، وفي 14 من الشهر نفسه وُقعت "اتفاقية مدريد" التي قضت بخروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين الدولتين الأخريين؛ الساقية الحمراء للمغرب، ووادي الذهب لموريتانيا. هجمات "البوليساريو" على موريتانيا وفي 14 إبريل 1976، وقعت موريتانيا والمغرب اتفاقية بشأن تقسيم الصحراء فيما بينهما، لتندلع معارك حرب ضروس بين الدولتين من جهة وبوليساريو من جهة أخرى، حيث أنه في في 9 يونيو من العام نفسه شنت جبهة البوليساريو هجوماً على العاصمة الموريتانية "نواكشوط" قتل على إثره رئيسها الولي مصطفى السيد الذي قاد بنفسه الهجوم. وفي 13 مايو 1977 وقع المغرب وموريتانيا معاهدة للدفاع المشترك بينهما، لترد البوليساريو عليهم في 13 يوليو بهجومها الثاني على العاصمة الموريتانية. انسحاب موريتانيا وانسحبت موريتانيا من الصحراء باتفاق مع البوليساريو، في 5 أغسطس 1979، يقضي بتسليمها إقليم وادي "الذهبغرد" الذي كانت تسيطر عليه، لكن القوات المغربية دخلت الإقليم يوم 14 من الشهر نفسه، وما بين مارس وأغسطس 1980، أنشأ المغرب جداراً أمنياً في الصحراء على طول 1200 كلم لحماية مناطقها التي تضم معدن الفوسفات وغالبية السكان من هجمات البوليساريو. منح عضوية منظمة الوحدة الإفريقية وفي 12نوفمبر1982، استدعت منظمة الوحدة الأفريقية "الجمهورية الصحراوية" لحضور اجتماعاتها بعد قبول عضويتها فيها، وبعد مرور عامين على قبول العضوية انسحب المغرب من منظمة الوحدة الأفريقية احتجاجاً على منحها العضوية ل"الجمهورية الصحراوية"، وأعلن رغبته في أن تتولى منظمة الأممالمتحدة الإشراف على جهود حل قضية الصحراء، وفي 27 من ذات الشهر 1982، اعترفت موريتانيا رسميا ب"الجمهورية الصحراوية". استضافة "جنيف" وفي بداية يونيو1990، استضافت العاصمة السويسرية جنيف أول اجتماع للشيوخ الصحراويين، وفي 18 منه تقدم الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بتقريره الكامل وفيه مقترحاته الخاصة بحل مشكلة الصحراء، وتمت المصادقة عليه وعلى إجراءات تطبيقه بقرار أصدره المجلس برقم 658 يوم 27 يونيو. الموافقة على الاستفتاء وسعياً من الأممالمتحدة لحل الأزمة، أكدت اللجنة الرابعة للأمم المتحدة على ضرورة إجراء استفتاء في الصحراء حر وعادل ونزيه بعيداً عن أي ضغوطات إدارية أو عسكرية، وذلك في 3 نوفمبر 1955، ودعت إلى طرفي النزاع إلى الدخول في مفاوضات مباشرة، وعلى الرغم من موافقة الطرفين على هذا الاستفتاء، وفي ديسمبر من نفس العام، أعلِنت الحكومة المغربية تجميد عملية تحديد الهوية بعد خلافات كبيرة بين الطرفين المتنازعين على تفسير الشروط المطلوب توفرها في الناخبين. مقترحات لحل الأزمة وفي مارس 1997 عين جيمس بيكر كمبعوث خاص لدى الأمين العام لدى الأممالمتحدة، واقترح 4 حلول لإنهاء النزاع أولها؛ الحكم الذاتي تقدم المغرب بهذا الاقتراح حيث يعطي لسكان الصحراء حق تسيير كافة أمورهم بنفسهم تحت السيادة المغربية، واعتبره سقف التنازلات وآخر حل يقبل به المغرب، ولاقى دعماً من فرنسا لكن رفض من طرف البوليساريو والمجموعة الدولية باعتباره لايضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي والغير قابل للتصرف حسب القانون الدولى وباعتبار المشكل هو مشكل تصفية الاستعمار. ومن الحلول أيضاً التي تم اقتراحها، القيام باستفتاء وافق عليه كل من المغرب والبوليساريو، لكن ظهر مشكل بعد إكمال عملية تحديد من يحق لهم التصويت وأصبح واضحاً أن الأمر خرج عن السيطرة المغربية، وأنه يتجه نحو الاستقلال رفض المغرب إكمال العملية للحيلولة دون تطبيق الاستفتاء الذي كانت نتائجه معروفة مسبقاً ألا وهي الاستقلال. كما تم اقتراح تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو، وهو ما رفضه المغرب الذي اعتبر أن كل الصحراء جزء لا يتجزأ من وحدته الترابية، كما رفضته البوليساريو باعتباره يتناقض مع مبداء تقرير مصير الشعوب المستعمرة. وأخيراً انسحاب الأممالمتحدة من الملف، أي سحب قوات حفظ السلام والمينورسو من الصحراء المغربية مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب بين طرفي النزاع. اتفاقية "هوستن" وخلال شهري يونيوويوليو 1997، انطلقت جولات مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع تحت رعاية المبعوث الأممي بيكر، وبحضور البلدين المراقبين الجزائروموريتانيا، وكانت جولتها الأولى في لندن. وفي سبتمبر من نفس العام، وقع المغرب والبوليساريو "اتفاقية هوستن"، التي نصت على تحديد هوية الناخبين المدعوين للاستفتاء، وإعادة توطين اللاجئين، وتحرير وتبادل الأسرى. وفي 3 ديسمبر استؤنفت عملية تحديد الهوية التي جمدت عام 1995 لإنجاز المرحلة الثانية منها. مظاهرات بالصحراء الغربية وفي 9 سبتمبر1999، اندلعت مظاهرات في مدينة العيون كبرى مدن الصحراء الغربية نظمها طلبة صحراويون احتجاجاً على عدم استجابة السلطات المغربية لمطالبهم، وقد استمرت حوالي أسبوع لكن القوات المغربية استطاعت إخمادها بالقوة، وفي ديسمبر في ذات العام، توقفت خطة الاستفتاء الأممية في الصحراء بسبب استمرار الخلافات الحادة بين الطرفين حول من يحق له التصويت. وفي 17 نوفمبر2000، خرجت مظاهرات في مدينتي العيون والسمارة ضد ما سماه المتظاهرون "الممارسات التعسفية" للإدارة المغربية، وتخللتها أعمال عنف ثم انتهت باعتقال 131 متظاهراً. مبادرة مغربية للتفاوض قدم المغرب للأمين العام للأمم المتحدة، في 11إبريل2007، المبادرة المغربية للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي في الصحراء، وفي 18يونيو وافق المغرب والبوليساريو على عقد مفاوضات مباشرة نظمت لاحقا في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية تحت إشراف الأممالمتحدة. وصرح المبعوث الأممي فالسوم، إبريل 2008، بأن خيار الاستقلال الذي تطالب به جبهة البوليساريو "خيار غير واقعي"، بينما انتقدت الجبهة فالسوم واعتبرته "منحازا للمغرب"، وفي أغسطس صرح فالسوم بأن الشرعية الدولية في جانب جبهة البوليساريو، لكن الواقع على الأرض مع المغرب. رفض مطالب الاتحاد الإفريقي وفي إبريل 2015، رفض المغرب مطالبة الاتحاد الأفريقي بتوسيع مهام بعثة "المينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، معلناً رفضه القاطع لأي دور أو تدخل من الاتحاد الأفريقي في هذا الملف، ومتهما إياه بالانحياز. "بان كي مون" يصفها بالمحتلة في 15 من شهر مارس الماضي، وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الصحراء الغربية ب "الأرض المحتلة"، أثناء زيارته لها، واتهمه المغرب بأنه تخلي عن حياده، بالوقوع في "انزلاقات لفظية". وقالت الحكومة المغربية في بيان إنها "تسجل بذهول" استخدام الأمين العام "عبارة احتلال لوصف استرجاع المغرب لوحدته الترابية"، مؤكدةً أن "هذا التوصيف يتناقض بشدة مع القاموس الذي دأبت الأممالمتحدة على استخدامه في ما يتعلق بالصحراء المغربية". وأضافت أنها تبدي "اندهاشها الكبير للانزلاقات اللفظية وفرض أمر واقع والمحاباة غير المبررة للأمين العام الأممي بان كي مون، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة". اجتماع بمجلس الأمن وفي 17 مارس الماضي، عقد أعضاء مجلس الأمن ال 15 لجاتماعاً مغلقاً، وذلك لمناقشة تصاعد الخلاف بين المنظمة الدولية والحكومة المغربية، خاصةً بعد أصدار الرباط قراراً يقضي بتقليص عدد العاملين في بعثة الأممالمتحدة فيها "مينورسو". "بان كي مون" يعبر عن خيبة أمله وعلى إثر هذا الاجتماع، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في 19 من ذات الشهر، عن خيبة أمله لفشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ موقف صلب بصدد خلاف المنظمة الدولية مع المغرب بشأن الصحراء الغربية، ووعد بإثارة الموضوع ثانية مع أعضاء المجلس قريباً، بحسب تصريحات متحدث باسمه. الوضع الحالي . ويستمر الوضع في الصحراء الغربية على ما هو عليه منذ أن سيطرت عليه المغرب، كما يصفونه ب "الاستعمار المغربي"، وحاليا يرفض المغرب الحوار حول الاستفتاء معتبرا إياه فاشلاً بسبب الاختلاف حول هوية الناخبين من وجهة نظره، ولأنه يعطل الوصول لحل يرضي جميع الأطراف من جهة أخرى. "البوليساريو" تهدد بنزاع مسلح يستمر تنظيم جبهة البوليساريو الانفصالي، بدعم وإيعاز من الجزائر، في دق طبول الحرب واستفزاز المغرب بإمكانية قيام نزاع مسلح في الصحراءفي انتظار قرارات مجلس الأمن، التي ستصدر يوم الخميس حول تمديد بعثة الأممالمتحدة في الصحراء "مينورسو" خرج الزعيم الانفصالي عبد الله لحبيب، وزير الدفاع الوطني بالبوليساريو، بتصريح مستفز جديد يلوح فيه بحمل السلاح في وجه المغاربة، بقوله "إن ما يعتبره جيش التحرير الشعبي الصحراوي على أهبة الاستعداد والجاهزية التامة لمواجهة أي طارئ قد يتسبب فيه التصعيد المغربي، نقلاً عن وسائل إعلام تابعة للجبهة الانفصالية". وأورد لحبيب، عقب إجراء مناورات عسكرية في منطقة أغوينيت، أن للجيش الصحراوي الإمكانيات البشرية والعتاد اللازم لمواجهة أي طارئ بالنظر إلى ما تمت معاينته خلال هذه المناورات من دقة وسرعة التوغل وكذا المطاردة والانسحاب"، مضيفاً أن الشعب الصحراوي متعطش لنيل حريته، والعودة إلى الكفاح هو حل للنزاع لاسيما في وجه تعنت الاحتلال المغربي، معتبرا أن ما وصفه "الكفاح المسلح" من شأنه أن يزعزع المنطقة كلها. الجهود الدولية لن تثمر وقي ذات السياق، أكد نشأت الديهي، خبير العلاقات الدولية، أن الأزمة بين المغرب وقطاع الصحراء الغربية مستمرة منذ عقود كثيرة، لافتاً إلى أن جميع المحاولات الدولية لحل تلك الأزمة فشلت في السابق، وأنها لن تنجح في حلها الآن. وأضاف الديهي، في تصريح خاص ل"الفجر"، أنه لا يتوقع أن يوافق المغرب على التخلي عن قطاع الصحراء الغربية، أو أن يعترف باستقلالها كمجهورية مستقلة، مشيراً إلى أنه إذا كانت لديه نية في ذلك كان أعلن استقلالها خلال العقود الطويلة الماضية. وأوضح خبير العلاقات الدولية، أن الحل الوحيد لتلك الأزمة هو التفاوض بين القطاعين للوصول إلى حل مرضي للطرفين، مشيراً إلى أن الاعتماد على المجهودات الدولية لحل تلك الأزمة لن يثمر في حل الأزمة بشيء. الكفاح المسلح سيزيد من خطورة الأزمة ومن جانبه، أكد أيمن سلامة، خبير العلاقات الدولية، أن تلويح قوات الصحراء الغربية لاستخدام الكفاح المُسلح ضد المغرب للحصول على استقلالها سيزيد من خطورة الأزمة، ولن يكون حلاً لها على الإطلاق. وأضاف سلامة، في تصريح خاص ل "الفجر"، أنه لا يتوقع أن تنجح جهود الأممالمتحدة في حل الأزمة الناشبة بين "البوليساريو" والمغرب، لافتاً إلى أنه يتوقع أن ترد المغرب بقوة على تصريحات وزير الدفاع للمنطقة الصحراوية حول تهديده باللجوء إلى النزاع المُسلح. وأوضح خبير العلاقات الدولية، أن الدخول في عراك مُسلح بين قطاع الصحراء الغربية والمغرب لن يكون في صالح دول المُنطقة كلها، مشيراً إلى أنه سيزيد من الأوضاع السيئة التي تمر بها دول الشرق الأوسط الآن.