عددهن يتجاوز ال2000 على مستوى الجمهورية تستيقظ مبكراً من نومها، لتتوجه إلى عملها فى سجن النساء، غير عابئة بحالة الهدوء والسكون التى تسود الطرقات وقت «الفجر»، وحينما تصل إلى أعتاب السجن تخلع ثوب «أنوثتها»، لترتدى عباءة الرجل فى تعاملها مع المسجلات خطر، والقاتلات والسارقات. «صباح».. أمينة شرطة تعمل فى مصلحة السجون منذ 35 عاماً، وحالياً مقر خدمتها فى سجن برج العرب، وهى نموذج ل«ست ب 100 راجل»، لأنها تتقمص فى أحيان كثيرة شخصية الرجل حتى تتمكن من التعامل مع العناصر الخطرة من السجينات. مهمة «صباح» بالسجن تنحصر فى تفتيش السيدات أثناء زيارتهن للسجناء، وفض الاشتباكات بين السيدات أثناء الزيارات. «سجن النساء» هو المكان الأول الذى عملت به «صباح» منذ تخرجها فى المعهد، حينها اضطرت لخلع ثوب أنوثتها، لتعيش فى جلباب الرجل مدة 35 عاما. «صباح» التى تبلغ من العمر «55 عاماً» لم تتزوج حتى الآن، وفضلت التفرغ لعملها إلى جانب رعايتها لأطفال شقيقها الأربعة. تجسد حكاية «صباح»، عالم « أمينات الشرطة» التى تبدأ رحلتهن من الالتحاق بمعاهد «الصف» عقب حصولهن على الشهادة الإعدادية، ليتم تأهيلهن من خلال تدريبهن على الفنون القتالية كالدفاع عن النفس،وتعليمهن رياضيات الكاراتيه والجودو والأيكود. لكن نظراً لطبيعتها الأنثوية، فإنها تتلقى تدريبات أقل قوة من التى يتلقاها أمين الشرطة، وتحدد الجرعة التدريبية تبعاً للسن واللياقة وطبيعة القطاع الذى تعمل به أمينة الشرطة. وتلتحق النساء بالمعاهد كمجندات ثم تحصل على رتبة عريف، وبعدها رقيب، ثم رقيب أول إلى أن تصل لرتبة أمين شرطة بعد حوالى خمس سنوات بشرط أن تكون حاصلة على الثانوية العامة أو إحدى الشهادات الفنية، وإذا ما حصلت على ليسانس حقوق يصبح من حقها الترقى إلى رتبة ضابط شرطة. فور تخرج أمينة الشرطة من المعهد تعمل فى عدة قطاعات، منها المطارات، ومصلحة السجون، والكشف عن المفرقعات، إلى جانب عملها بقطاع مكافحة الجريمة ما يسمى ب«الأمن الاجتماعى»، ومكافحة جرائم الآداب والأحداث، بالإضافة إلى عملها فى الوحدة المنوطة بمكافحة جرائم العنف ضد المرأه وخاصة التحرش. يتم توزيع أمينات الشرطة على القطاعات المختلفة حسب احتياجات كل جهة، ويتم تدريبهن تبعاً للقطاع الذى سيعملن به، فالعمل فى جرائم مكافحة الأحداث يختلف عن العمل فى مكافحة التحرش ضد السيدات. وهناك قطاعات لا تقترب منها «أمينة الشرطة»، منها وحدة المباحث الجنائية بالأقسام، والكمائن، نظراً لأن طبيعة عملها لا تناسب أنوثة المرأة. كثيرون منهن يواجهن مشكلات عديدة بسبب طبيعة عملهن، خاصة المتزوجات منهن، فدائماً ما يعملن بالقرب من منازلهن، إلا أنه أحياناً يصعب ذلك بسبب ظروف القطاع الذى تعمل به أمينة الشرطة، وهو ما روته إحدى الشرطيات، التى تعيش مع زوجها فى قرية المحلة بمحافظة الغربية، وعملها بالغردقة لفترة طويلة ما بين ال8 ساعات حتى ال 12 ساعة، قائلة: «للأسف اعترف بأننى مقصرة فى حق بيتى بسبب عملى، لكن ما باليد حيلة». وأوضحت أنها تقدمت بطلب لقطاع شئون الأفراد لنقلها للعمل فى قطاع قريب من مسكنها ومازالت تنتظر الرد. مصدر من داخل قطاع شئون الأفراد، قال إن عدد أمينات الشرطة وصل إلى 2000 أمينة شرطة منذ فتح باب الالتحاق بمعاهد الصف عام 1981 حتى عام 2010، وبعدها توقف القبول، لافتاً إلى أنهن يخضعن لقانون العاملين بالدولة، ولهن نفس حقوق وواجبات أى موظفة عاملة بالدولة كالإجازات والحوافز والمرتبات. أحياناً ما يواجهن عنفا شديدا من قبل السجينات، إلا أنهن يتلقين تدريبات مستمرة علب التعامل مع السجينات والمسجلات الخطر، لكن دون أن يحملن سلاحاً أسوة بأمناء الشرطة، ومن تحصل منهن على سلاح، لا بد أن تحصل على ترخيص حمل «سلاح أمنى» أولاً. حال ارتكاب أي منهن تجاوزا أو انتهاكاً لحقوق الإنسان تتم إحالتهن لمجالس التأديب لاتخاذ الإجراء القانونى المناسب ضدهن، لكن دون محاكمات عسكرية لهن.