حتى أول أمس كان يمكن للمصريين الذين ينظمون رحلات إلى مدينة شرم الشيخ، أن يزوروا جزيرتي تيران وصافير ويمارسون رياضات الغوص دون قيود أو أعباء باعتبارها داخل السيادة المصرية الكاملة، قبل أن تعلن الحكومة وقوعهما داخل المياه الإقليمية السعودية في بيان رسمي صدر عنها أول أمس السبت. وجاء القرار أثناء زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحالية لمصر، والتي أعلن خلالها عن مجموعة من المساعدات والاستثمارات السعودية في البلاد. بدأ التغير يطفو على المؤسسات والجهات الرسمية المختلفة التي عدّلت هوية الجزيرتين وحذفت خرائطهما من المواقع الرسمية لها؛ إذ برر وزير البيئة الدكتور خالد فهمي، حذف خريطة الجزيرتين من موقع الوزارة بقوله إن كافة المعلومات والبيات الأساسية التي توجد على الموقع الإلكتروني وضعت منذ أكثر من عشرة سنوات، ولكنه من الممكن تحديث البيانات لحل أي خلافات سياسية، وتابع الوزير "المغرضين استخدموا المعلومة القديمة هذه للإثارة ليس أكثر، وإحنا حذفناها عشان بتوع الإثارة ميلاقوش قضية يثيروها، ويتكلموا على الإيجابيات في الاتفاقيات فقط". وشهدت وزارة التربية والتعليم حالة من الارتباك بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، ووقوع الجزيرتين داخل المياه الإقليمية للمملكة، إذ يتضمن مقرر الصف السادس الابتدائي الجزيرتين باعتبارهما محميتين طبيعيتين داخل محافظة جنوبسيناء، ولم تخرج الوزارة ببيان رسمي -حتى كتابة هذه السطور- توضح ما إذا كانت ستحذف الجزيرتين من المقررات أم لا. ومع الترسيم البحري الجديد بين مصر والسعودية، يصبح للسعودية حدودًا مشتركة مع الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ تقع الجزيرتين في المنطقة (ج) التي تتضمنها اتفاقية السلام بين مصر والاحتلال الإسرائيلي (كامب ديفيد) وتخضع للقوات المصرية وأجهزة الملاحة البحرية، ولابد لأي سفينة تتحرك من ميناء "إيلات" أن تعبر من جزيرتي تيران وصنافير، ومن ثمّ تستقبل القوات السعودية، الملاحة الإسرائيلية للمرة الأولى. واكتفت الحكومة المصرية ببيان حول تبعية الجزيرتين للمياه الإقليمية السعودية دون توضيح تفاصيل الاتفاقية، ما يطرح عدة تساؤلات حول الوجود العسكري، خاصة أن هذه النقطة منصوص عليها في اتفاقية "كامب ديفيد"، ومدى أعداد القوات التي ستوضع في تلك المنطقة الاستراتيجية في البحر الأحمر وسط أنباء حول وجود قوات مصرية إضافة إلى قوات حفظ السلام (MFO). لاقت الاتفاقية أصداء متباينة، ورفضها قادة عسكريين سابقين ممن شاركوا في حرب تحرير سيناء، ومنهم اللواء عبد المنعم سعيد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق، الذي أكد أن جزيرتي صنافير وتيران، مصريتان وليستا سعوديتين، موضحًا خلال تصريحات تلفزيونية في لقاء أمس مع الإعلامي وائل الإبراشي، أنه تخرج في الكلية الحربية عام 1955 وخدم هناك (تيران وصنافير)، مشيرًا إلى أن مصر كان لها في هذه الفترة نقطتا حدود في قمة الجبل، بالإضافة إلى أرض هبوط للهليكوبتر، وكان لمصر السيطرة العسكرية على الجزيرتين، ثم تغير الوضع بعد المواجهة مع إسرائيل وإنشائها نقطة مياه بحرية ب"إيلات". "سعيد" عدل عن وجهة نظره خلال تصريح ل"الفجر"، مؤكدًا أن لم يكن يعرف أن الجزيرتين تابعتين للمياه الإقليمية السعودية، مطالبًا بمراجعة الاتفاقيات الدولية في هذه الأمور قبل إبداء الآراء، موضحًا أنه الملك عبد العزيز طلب عام 1948 من مصر أن تتولى حمايتهما لأن الرياض كان لم تكن لديها القدرة على الحماية البحرية وقتها، ولذلك أعلن مجلس الوزراء أن الجزيرتين تابعتين للسعودية. كما رفض وزير الشؤون القانونية الأسبق مفيد شهاب التعليق على الأمر، قائلًا: "إن التفاصيل والخرائط والمستندات الخاصة بهذه الجزر بحوزة وزارة الخارجية ويمكن الرجوع إليها"، معربا عن أسفه لعدم التواصل. ولم يستبعد حسن نافعة أستاذ السياسة بجامعة القاهرة، إن يكون النظام المصري قد تنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" مقابل عائد آخر، خاصة أن النظام الحالي يتسم بالضعف الذي يدفعه إلى تقديم تنازلات أمام الخارج، لافتًا إلى أن جميع الخبراء يؤكدون أن الجزيرتين مصريتان، ولا يمكن لأي اتفاقية تتعلق بحدود الدولة أن تمر دون أن موافقة البرلمان.
وقال سياسيون إن الجزيرتين كانتا وديعة سعودية ردها الرياض إليها، اعتمادًا على اتفاقية بين مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز والملك فاروق، وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية لم يشهد أي خلاف حول جزيرتي تيران وصنافير، موضحًا خلال لقاء جمعه برؤساء الصحف المصرية أمس الأحد، أنه يمتلك الوثائق التي تؤكد تبعية الجزيرتين للسعودية، وقال "اسألوا مفيد شهاب". وأثار إعلان الحكومة، بشأن تبعية الجزيرتين، حالة من الغضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت، وعبر عدد من النشطاء عن سخطهم بخصوص قرار حكومتهم بشأن السيادة على الجزيرتين، في حين استغل السعوديون الفرصة للتباهي بالجزيرتين اللتين أقرت مصر بتبعيتهما لأراضي بلادهم.