لم يتصور أكثر الآملين ممن ركبوا سفينة الإخوان، أن يعودوا إلى بلادهم سالمين في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بل ويستقبلوا استقبال الفاتحين، بعد كل الهجوم على الدولة المصرية، ورفض المسار الذي اختاره الشعب في 30 يونيو. لكن أخيرًا وصل الإعلامي طارق عبدالجابر إلى أرض الكناية.. ولم يكلفه ذلك شيئًا سوى بعض الدعوات والمناشدات والاعتذارات التي طالبت المصريين والرئيس عبدالفتاح السيسي، بالعفو والصفح عنه والسماح له بالعودة لوطنه للعلاج من مرضه الذي ألم به أخيرًا. ولم يكد الرئيس يعلم بقصة هذا المواطن إلا ورحب به عائد لبلاده رغم كل ما دأب عليه من هجوم، طالما أنه لم يدعو لعنفًا أو يحرض لقتلًا وهكذا ادعى "عبدالجابر" عبر مناشدته وهكذا رحب المصريون به في بلاده. فرحة عارمة كانت حاضرة "طارق" عندما وطأة قدماه أرض الوطن؛ ولم ينسى أن يوجه الشكر لمن ساهموا في وصوله لهذه اللحظة.. "غلطة وندمان عليها، حسبي الله ونعم الوكيل في كل من ظلمني، عصرا جديدا من الحرية والديمقراطية، شكرًا الرئيس السيسي".. كلمات لخصت مشهد دام ما يقرب من ثلاث سنوات. القصة لم تعد قاصرة فقط بعبد الجابر، فعشرات بل مئات ال"عبدالجابر" تمنوا أن يروا أنفسهم في هذا المشهد، أن يعودوا إلى بلادهم ويتعايشوا على أوضاع البلاد في ظل حكومة ورئيس منتخبين.. فهل يقبل الرئيس عودتهم، ومن هو عبدالجابر المنتظر؟. شروط توبة.. "إعلاميو الإخوان" أجاب على السؤال المذكور سلفًا الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، حينما كتب مقالًا كاملًا يضع فيه آلية لعودة الإعلاميين المرتقبة في الأيام القادمة". وقال السناوي إن "السماح بعودة الإعلاميين و الساسة - المقيمين في تركيا وقطر، جاءت لاعتبارات إنسانية وليست سياسية على الإطلاق، مشيرًا إلى أنه ذلك لم يأتي في إطار مصالحة سياسية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي و جماعة الإخوان المسلمين". وأوضح السناوي أن "السماح بالعودة لمصر مقتصر فقط على الإعلاميين و السياسيين ممن تعرضوا للخديعة من قبل جماعة الإخوان المسلمين ولا يشمل هذا القرار أي من قيادات الجماعة" -على حد قوله. وأوضح السناوي أن "السماح بالعودة دون ملاحقة أمنية يخضع لعدة شروط منها أن يعترف الشخص الراغب بالعودة بشرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي وأن يعتذر عن كل ما بدر منه في الوقت السابق من إساءة لقيادات النظام الحالي و ألا يكون متورط في عنف أو حرض عليه." وقال السناوي إن "إجراءات العودة تتمثل في أن يتقدم الشخص الراغب بالعودة بطلب لرئاسة الجمهورية و من ثم دراسة حالته و مدى توافر الشروط فيه، موضحًا هذا تطور جديد في علاقة النظام بمعارضيه، وأنه لا يوجد أي ربط بيه و بين الإفراج عن عدد من قيادات تحالف دعم الشرعية مؤخرًا." 153 شخصية إعلامية طلبت العودة لمصر ووفقًا لما ذكره الإعلامي أحمد موسي فإن هناك 153 شخصية إعلامية طالبت العودة والاعتذار على ما اقترفوه من عداء للدولة المصرية طيلة ما يقرب من ثلاث سنوات. ويوزع الإعلاميون المؤيدون لجماعة الإخوان والرافضون لحكم الرئيس السيسي بين قناة الجزيرة، والشرق، ومكملين، والثورة، والحوار وعشرات القنوات الأخرى التي تبث من الخارج وأغلبها من تركيا تحديد المعروف توجهها المعادي للدولة والنظام المصري. السيسي فتح الباب لعودة الإعلاميين غير التنظيميين في هذا الإطار يقول الدكتور يسري العزباوي، مدير منتدى الانتخابات بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وموافقته بعودة الإعلامي "طارق جابر" وعدم ملاحقته قضائيًا يفتح الطريق للإعلاميين الآخرين خاصة الغير تنظيميين في الإخوان. وأضاف العزباوي، في تصريح خاص ل"الفجر" أن هذه الدعوة تفتح باب مراجعات الإخوان والنشطاء عامة وليست الإعلاميين فقط، وتؤكد أنه لا يحمل الضغينة تجاه أحد، داعيا الجماعة بأن يستثمروا هذا الطرح وأن يعترفوا بالدولة المصرية لحقن دماء المصريين". الظروف المعيشية ستفرض عليهم العودة لبلادهم وفي السياق ذاته أشاد الخبير الإعلامي هشام قاسم، بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لعودة التائبين من مركب الإخوان، مشيرًا إلى أن الأمر يكتفي بأن يعترف هؤلاء بالدولة المصرية وثورة 30 يونيو. وأضاف قاسم ل"الفجر" أن هذا الأمر يرتبط بتسريح الجزيرة لعدد كبير من موظفيها، معربًا عن أمله في لم الشمل، ورفض حالة الاستنفار الذي يدفع الجميع ثمنه. وعن فرص عودة باقي الإعلاميين الإخوان غير التنظيميين، أكد أن الظروف المعيشية ستفرض عليهم العودة للعيش في بلادهم ووقف الهجوم عليها. عبدالجابر: غلطة وندمان عليها كان "عبد الجابر" قد أعرب عن شعوره بالندم الشديد لتركه مصر بعد ثورة 30 يونيو، لافتًا إلي أن انضمامه لقنوات الإخوان "غلطة وندمان عليها"، مضيفا : "حسبي الله ونعم الوكيل فى كل من ظلمني". واعترف عبد الجابر بعد عودته لمصر بندمه لمغادرته البلاد من 3 سنوات مؤكدا أنه كان مخطئا في آرائه السياسية المعارضة لثورة 30 يونيو، مؤكدا أنها ثورة مكملة لثورة 25 يناير.