في الوقت الذي تهيأ فيه الإعلام المصري لاستقبال الإعلامي طارق عبد الجابر في مطار القاهرة الأربعاء الماضي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الرئاسة للعودة دون ملاحقة أمنية، وجه سياسيون وإعلاميون موالون للنظام، الدعوة لمعارضي الخارج وأنصار جماعة "الإخوان المسلمين"، بضرورة العودة لمصر والكف عن معارضة النظام من الخارج في مقابل إسقاط الأحكام القضائية بحقهم. ووصل عبدالجابر مطار القاهرة الدولي ظهر الأربعاء الماضي، قادمًا من اليونان، على متن الطائرة المصرية للمرة الأولى بعد خروجه من مصر عقب 30يونيو وسماح الرئيس عبدالفتاح السيسي له بالعودة مرة أخرى بعد مناشدته الرئاسة المصرية العودة لمصر لإصابته بمرض خطير. وأعقب ذلك دعوات مؤيدي السيسي صدرت بالتزامن مع زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر، في ظل أنباء عن إثارة ملف المصالحة مع "الإخوان" خلال الزيارة التي تستغرق خمسة أيام. وقال الإعلامي وائل الإبراشي: "الباب مفتوح للجميع سواء المدان "يواجه مصيره" ويكون شجاع أو غير المدان عليه الرجوع لأرض الوطن"، مؤكدًا أن "الثأر يهدم ولا يبنى". وأضاف الإبراشي خلال تقديمه برنامج "العاشرة مساء" على فضائية "دريم"، أن "الكل يمتثل للقانون ولابد من فتح الأبواب لعودة الجميع وإزالة المخاوف، وأن الله يقبل التوبة من مرتكبي الخطايا فكيف للبشر عدم قبول التسامح". وأشار إلى أن بعض المصريين في الخارج يريدون العودة، حتى المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين عليهم العودة وهذا يحتاج لتسوية. ووصف الإبراشي، المعارضة من الخارج بأنها "مشبوهة"، وقال إن "طارق عبدالجابر نموذج لهذه المصالحة، وعاد إلى وطنه سواء بنفس مواقفه أو تراجع عنها"، مشددًا على أنه من حق أي مصري العودة لبلده. بدوره، قال الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، المقرب من دوائر السلطة، إن السيسي هو الذي أمر بعودة الإعلامي طارق عبدالجابر إلى مصر مراعاة لظروفه الصحية. وكشف أن هناك قائمة بأسماء إعلاميين وسياسيين، موجودين خارج مصر، أبدوا رغبتهم في الاعتذار عن أخطائهم السياسية المحتملة، والعودة إلى مصر وأن هذه القائمة قد أصبحت في عهدة رئاسة الجمهورية لبحث حالاتهم. وأشار السناوي إلى أن الأشخاص المماثلين لعبد الجابر سيتاح لهم نفس الفرصة ما لم يكونوا قد تورطوا في ممارسة العنف، وما لم يكونوا قد أدينوا بأحكام قضائية. وقال الدكتور أحمد دراج، القيادي السابق بجبهة الإنقاذ، إن "النظام الحالي يعيش في مأزق حقيقي، ولا يمكن لأي دولة في العالم، أن تبقى في حالة انقسام دائم بهذا الشكل، في ظل حالة من الاحتقان المجتمعي". وأضاف دراج ل "المصريون"، أن "حديث بعض الجهات الإعلامية، عن تسوية سياسية مع الإخوان، يعتبر مؤشرًا من النظام حول مصالحة محتملة". وقال إن زيارة الملك سلمان عاهل السعودية إلي مصر من المؤكد أن يكون على أولويتها الحديث عن المصالحة مع الجماعة، بالإضافة إلى علاقة بمصر بتركيا وقطر. وأوضح، أن "طرح المصالحة مع الإخوان، أصبح أمرًا ضروري"، مقترحًا، تشكيل لجنة من أصحاب العقول الرشيدة، لوضع مجموعة من المعايير والبنود لتسوية هذا الملف ولإعادة أفراد الجماعة للمشاركة في العمل السياسي ومحاسبة المخطأ. ورأى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن "الهدف الرئيسي لزيارة العاهل السعودي إلى مصر, هو فتح ملف التصالح مع جماعة "الإخوان", لتكوين جبهة سنية قوية واسعة بهدف مواجهة نفوذ إيران". وأكد أن "السعودية أصبحت في حاجة ماسة للإخوان، لأنها تشكل قوية سنية كبيرة في المنطقة ولديها دراية ميدانية واسعة لما يدور في العالم". وتابع الخبير السياسي، أن المصالحة لابد أن تشمل فئات المجتمع من أنصار 30 يونيو أيضا بعد الزج ببعضهم في السجون والهجوم المتكرر،على ثورة يناير ووصفها بالمؤامرة ، مشيرًا الي أن بعض الأصوات تعارض فكرة المصالحة لأهدافها الشخصية لأنها لا تستطيع العيش إلا في هذا الجو المسمم. وأكد الدكتور يسري العزباوي رئيس منتدى الانتخابات بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية، أن تلك الدعوات وللإخوان و المعارضة مهمة للغاية، مطالبا معارضي الخارج أن يسيروا على درب طارق عبد الجابر، أن يقدموا اعتذارهم لمصريين في مقابل عودتهم. ورأى العزباوي أن الفرصة باتت مواتية لعودة معارضي الخارج لمصر ما لم يكونوا عليهم قضايا جنائية، لاسيما بعد تلميح السيسي لذلك أكثر من مرة عن موافقته السماح للمعارضين و الأخوان العودة لمصر ما لم يكونوا قد تورطوا في جرائم جنائية في مقابل إسقاط قضايا سياسية تخصهم.