كانت الانتخابات التى شهدها الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، ليست مجرد عملية لاختيار رئيس للحزب الذى ظهر عقب ثورة 25 يناير، ولكنها حدث يمثل نقطة تحول فى تاريخ الحزب ومعركة شرسة بين أقطاب سياسية على طرفى نقيض يجمعها تنظيم واحد. أعضاء الحزب انقسموا إلى فريقين كل منهما يرى أن الثانى هو السبب فيما أصاب الحزب من دمار وأن عليه الرحيل، الفريق الأول ويضم الدكتور محمد نور فرحات، مرشحاً على رئاسة الحزب، والدكتور زياد بهاء الدين، نائباً، والذى اعتبر أن من يكسب المعركة عليه تطليق الطرف الآخر وأن الحزب سيلحق به الدمار إذا سيطر عليه اليساريون الذين يمثلهم فريد زهران، مرشحاً على الرئاسة وباسم كامل نائبه، وهو فريق أعلن أنه يجب استرداد الحزب من أيدى الإقصائيين الذين يريدون أن يحولوا المصرى الديمقراطى إلى حزب مهلهل مثل حزب الدستور. وانتهت المعركة بفوز فريق اليسار وتولى فريد زهران، رئاسة الحزب وأصبح باسم كامل، نائبه الأول بعد حصولهما على 331 صوتاً مقابل 227 صوتاً لقائمة زياد وفرحات. وترجع خسارة مجموعة زياد وفرحات ل5 أسباب، حسب قول بعض قيادات الحزب، أولها الغطرسة والتعالى، إذ إنهما كان يتحدثان بحساب مع الأعضاء، ولا يردون على الاتصالات الهاتفية، ويطلبون إرسال إيميل فى حال الرغبة فى التواصل معهما، وعادة ما يتم إهمال الراغب فى التواصل معهما، إلا إذا استعان بأحد أصدقائهما فى الحزب. أما السبب الثانى فيتمثل فى عدم اهتمام زياد وفرحات بمشكلات أمانات المحافظات، لأنهما كانا دائماً فى حالة سفر بحكم مناصبهما، لذا كانا بعيدين عما يحدث فى أروقة الحزب، فتركا الساحة لفريق اليسار الذى كان دائم الزيارة للمحافظات لحل أى مشكلة يواجهها الأعضاء الذين شعروا أن الحزب سيتم إدارته مركزياً إذا فاز زياد وفرحات بالانتخابات. كما اعتمد فريق فرحات وزياد فى الدعاية على مخاطبة الأعضاء عبر إيميل الهيئة العليا وصفحات فيس بوك أو حضور ندوات داخل مقر الحزب بالقاهرة، أما مجموعة «زهران وكامل» فاعتمدت على جولات واقعية لجميع المحافظات وعقدوا عدة لقاءات فى أكثر من محافظة مثل الأقصر وأسوان وأسيوط وبنى سويف والغربية وغيرها ما جعل الأعضاء يشعرون أنهما الأقرب. أما السبب الثالث والأهم فهو انضمام بقية أمانات الصعيد التى تم حرمانها من التمثيل فى المؤتمر العام الأول، بسبب خوف مجموعة فرحات وزياد، من استطاعتها حسم المعركة لصالح المنافسين، فوضعوا عراقيل لعدم تصعيد الصعايدة إلى المؤتمر السابق، ولكن المحاولة الثانية فشلت وشاركوا فى الانتخابات فزاد عدد الموالين لمجموعة زهران وكامل من المنيا وسوهاج وقنا وغيرها، بالإضافة لاستقالة بعض الأعضاء المؤيدين لفرحات وزياد وأبرزهم أمانة الإسماعيلية. أما السبب الرابع والذى يتمثل فى دعم اليمين لمجموعة "زياد وفرحات" بعد أن خسر هالته التى كان يتمتع بها فى بادئ الأمر وذلك بعد تنكيله باليسار وبعض أعضاء الحزب المؤيدين لتيار اليسار بالحزب، ما أدى إلى سيادة أجواء الانتقام فى الانتخابات، إذ إن المجموعة الأولى لا تتمتع بالديمقراطية وقبول الرأى الآخر، حيث يرفضون مراجعة قراراتهم، كما أنهم لا يقبلون النقد، عكس «فريد وكامل» اللذين يعتبرهما غالبية الأعضاء الأقرب إليهم، لأنهما لم ينسا استقالة فرحات من لجنة الانضباط لمجرد انتقاد أحد قراراته من جانب الأعضاء. السبب الخامس، تمثل فى رفض وجود فرحات وزياد معاً فى قارب واحد، حيث كان الأعضاء يفضلون زياد رئيساً مع وجود نائب يمكن التعامل معه، ليكون حلقة الوصل بين رأس الحزب وقواعده، أو أن يصبح فرحات الرئيس بنفس الشروط، ولكن وجود الشخصين معاً على رأس الحزب أضر بهما معاً، خاصة مع فشل مفاوضات لإقناع زياد بأن يكون رئيساً وأن يكون زهران أو كامل نائبا له. ولم تنته صراعات المصرى الديمقراطى بانتهاء الانتخابات، وتولى فريد وباسم قيادة الحزب، ولكن المعركة استمرت حيث رفض الفريق الخاسر الخسارة حيث استبعد فرحات من اعتقد أنهم لم ينتخبوه من على صفحته ب«فيس بوك» وأنهى عضويته بالمنتدى الذى يضم أعضاء الحزب على الإنترنت، كما انسحب زياد من إيميل الهيئة العليا، واستمر الموالون لهما فى مهاجمة فريد وباسم على صفحاتهم الشخصية، ووصفوا مؤيديهم بأنهم تجمع سرى يشبه جماعة الإخوان ووصفوهم بال«خرفان»، وقالوا إنهم لن يتركوا فوز زهران وكامل يمر بسهولة رغم اعترافهم بنزاهة الانتخابات.