مر على مصر العديد من الحقب التاريخية التي ضمت شخصيات مختلفة من ملوك ورؤساء تركوا بصماتهم التاريخية، نذكر منهم اليوم الملك فؤاد الأول في الذكرى 148، لميلاده في 26 مارس 1868. الملك « فؤاد الأول» ابن الخديوي إسماعيل ويمتد نسبه إلى محمد علي باشا، وهو الأخ الأصغر للسلطان حسين، تولى حكم مصر عقب وفاة شقيقه السلطان حسين كامل "سلطان ثم ملك" وظل متربعاً على العرش في الفترة ما بين التاسع من أكتوبر 1917 إلى أن توفى في 28 إبريل 1936.
أصبح سلطان مصر في الفترة من 9 أكتوبر 1917 إلى 1922، حتى تغيَّر لقبه، وأصبح ملك مصر، وسيد النوبة وكردفان، وذلك عند إعلان الاستقلال في مارس 1922، بعد تصريح 28 فبراير 1922 برفع الحماية البريطانية عن فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا.
وشهد في عهده إنجازات اقتصادية و اجتماعية مهدت لريادة مصر الحضارية في النصف الأول من القرن العشرين
كان السلطان فؤاد في البداية على وفاق مع الحركة الوطنية الوليدة بزعامة سعد زغلول، فقد كان فؤاد، مثل عباس حلمي، يتصور إمكانية أن يضاف عائد العمل الوطني ورغبة المصريين في الحصول على قدر من الاستقلال لحساب سلطة قصر عابدين، حتى أن الوفد نفسه نشأ بمباركة و مساعدة السلطان أحمد فؤاد، وكان ذلك في مارس 1918 ميلادية.
ثورة 1919
تقدم الملك فؤاد بطلبات متكررة لبريطانيا عن طريق المندوب السامي البريطاني ونجت Wingate بمنح مصر قدراً من الحكم الذاتي بشكل أو بآخر بما يسمح توسيع سلطاته، كما أنه أرسل إلى الرئيس الأمريكي ويلسون يشكره على المبادىء الأربعة عشر التي تدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها.
والحقيقة أن كل تحركات الوفد قبل ثورة 1919 كانت بالتنسيق مع فؤاد، وحتى أن زعماء الوفد الثلاثة سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي اجتمعوا مع السلطان فؤاد للاتفاق على تشكيل وفد للذهاب إلى مؤتمر الصلح في باريس لعرض قضية استقلال مصر.
واضطر الإنجليز إلى رفع حمايتهم عن مصر والاعتراف بها مملكة مستقلة ذات سيادة، فأعلن الاستقلال في 15 مارس 1922، وفى 13 أبريل 1922 أصدر القانون رقم 25 لسنة 1922 الخاص بوضع نظام لوراثة العرش في أسرة محمد علي وتم في عهده تأليف أول وزارة شعبية برئاسة سعد زغلول وذلك في يناير من عام 1924، وفي صيف 1936 عقدت معاهدة بين مصر والمملكة المتحدة اعترفت الأخيرة بمصر دولة مستقلة.
ولم يخل أيضاً عهد الملك « فؤاد الأول» من إنجازاته الكبيرة هي التي أسست لقيادة مصر للمنطقة في المجالات الاقتصادية و الصناعية و الفنية وهي القيادة التي تبلورت في أربعينيات و خمسينيات القرن العشرين.
إنشاء بنك مصر عام 1920 من أهم إنجازات عصره هو إنشاء بنك مصر عام 1920، وما ترتب عليه من قيام مشروعات مصرية رئيسية مثل شركات مصر للطباعة، وحلج الأقطان، والتمثيل والسينما، والنقل، والملاحة، ومصايد الأسماك، و الغزل والنسيج « المحلة الكبرى»، والطيران، وبيع المصنوعات، والتأمين، والسياحة، والفنادق، والألبان، والأغذية، والغزل والنسج الرفيع « كفر الدوار»، وتصدير الأقطان، ونسج الحرير، وصناعة وتجارة الزيوت. وتميز عصر «الملك فؤاد»، أيضا بنهضة علمية واسعة النطاق، ففي عهده اكتشفت مقبرة توت عنخ آمون عام 1922، وما كان بها من آثار بديعة، وبعد ذلك تم كشف الهرم الرابع عام 1934، وأزيلت الرمال التي كانت متراكمة حول أبى الهول.
إنشاء الجامعة الأهلية «جامعة القاهرة» ومن هذه الإنجازات إنشاء الجامعة الأهلية (جامعة القاهرة)، وهي أول جامعة في المنطقة العربية، وبنك التسليف الزراعي والإذاعة المصرية ومعهد الفن والتمثيل.
أماكن تحمل اسم الملك وكذلك تعددت الأماكن التي حملت اسم الملك فؤاد، منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما طرأ عليه التغيير إما بفعل ثورة 1952 أو بفعل الزمن، ومن هذه الأماكن مدينة بورفؤاد الساحلية التي تقع على الضفة الشرقية لمدينة بورسعيد و بور فؤاد هي اسم من كلمتين (بور) ومعناه ميناء بالفرنسية، وفؤاد وهو اسم الملك، ومن الأماكن الشهيرة أيضاً شارع فؤاد في وسط البلد والذي أطلق عليه رسمياً اسم شارع 26 يوليو، ولكن الكثيرين مازالوا يذكرونه بالاسم السابق.
رعاية الملك فؤاد لشعبه وفي عهده زاد عدد المستشفيات في البلاد وأنشئت جمعية الإسعاف والهلال الأحمر، كما أنشيء متحف فؤاد الصحي وكثير من مراكز رعاية الطفل والملاجئ ومطاعم الشعب، كما ردم كثيرون من البرك والمستنقعات، وأنشئت المنتزهات العامة، كما تطوّر التعليم الأزهري.
إنجازات علمية كما أسس مجمع اللغة العربية الملكي ونهض بالتعليم الحرّ والزراعي، وكثرت المدارس الثانوية في عهده وتعليم الفتيات، وأرسلت البعثات العلمية والفنية إلى الجامعات الأوروبية والأمريكية، وكسب العلماء والمؤلفون والناشرون رعاية الملك وتشجيعه، وتقدمت الفنون الجميلة وتطوّرت الموسيقى وأنشئت لها المعاهد وعقد لها أول مؤتمر للنهوض بالموسيقى الشرقية، وازداد عدد المتاحف الفنية والتاريخية.