■ تجار مخدرات ولصوص ورؤساء عصابات قادة هجمات داعش والقاعدة فى الغرب ■ صلاح عبدالسلام وأباعود الأخطر فى بلجيكا .. وكواشى وكوليبالى الأشهر فى فرنسا.. والداعشى ديفيز «قاطع الرءوس» رئيس عصابة للمخدرات فى بريطانيا لم تهنأ بلجيكا طويلا بالخبر الذى زفته إلى العالم بالصوت والصورة وتصريحات المسئولين على أعلى مستوى، بنجاحها أخيرا فى الإيقاع ب»صلاح عبدالسلام»، أحد الرءوس الكبرى للإرهاب فى العالم، فى مخبئه بحى مولينبيك فى العاصمة بروكسل. فخرت بلجيكا بأن عبدالسلام الذى أصبح المطلوب الأول فى أوروبا على مدار أربعة أشهر منذ هجمات باريس، موجوداً الآن فى قبضتها، على قيد الحياة، رهن التحقيق والاستجواب، ككنز معلومات حى عن تنظيم داعش، و»صندوق أسود» ثمين لأجهزة الأمن والاستخبارات فى العالم بأكمله. فيما انقلبت التهانى التى سبق أن تلقتها من قادة دول العالم، وتحولت فى غضون أيام إلى تعازى على خلفية التفجيرات الأربعة العنيفة التى ضربت العاصمة بروكسل وأسفرت عن مصرع 35 وإصابة 135 آخرين صباح الثلاثاء الماضى، كرد فعل انتقامى - على الأرجح - لسقوط عبدالسلام وأباعود وأفراد خلية هجمات باريس، على يد السلطات البلجيكية، أو كمواصلة لمخطط كبير كان قد بدأ فى هجمات باريس ويتواصل الآن فى بروكسل لضرب قلب أوروبا بالإرهاب. الأخطر أن أحداث الثلاثاء الدامى فى بروكسل حملت رسالة إلى الغرب مفادها أن خلايا «داعش» التى سقطت فى أوروبا، ترتبط بها شبكة أخرى من الخلايا ومجموعات من الذئاب المنفردة مازالت طليقة وتواصل عملها على الأرض وتنشط وقت اللزوم، كما أنها وللمثير تمتلك أيضا شبكات من الدعم اللوجستى ترتبط بالتاريخ السابق لعدد من أفرادها، من أصحاب السجل الإجرامى. علما بأن إلقاء القبض على صلاح عبدالسلام، الضالع الرئيسى فى التخطيط والترتيب لواحدة من أكبر وأخطر عمليات داعش فى أوروبا حتى الآن، كان قد فتح عددا من الملفات التنظيمية والأمنية الشائكة أيضا بشأن نوعية العناصر التى يستهدف داعش تجنيدها تحديدا فى أوروبا، وكذلك ظاهرة تحول السجون الأوروبية إلى مفرخة ومصانع كبرى لاستقطاب صغار المجرمين وتحويلهم إلى عناصر فاعلة فى صفوفها، يتم الاستفادة من نوعية علاقاتها المختلفة، كما تشير الاحصائيات إلى أن نسبة 50٪ من أصل 500 بلجيكى قد سافروا للجهاد فى سوريا وانضموا إلى «داعش» هم مجرمون سابقون. كانت التصريحات الأمنية للمسئولين البلجيكيين فى أعقاب القبض على عبدالسلام قد أفادت بأن التصور الأمنى فى البداية كان يصب فى أن عبدالسلام لابد أنه سيعتمد بشكل أساسى على إمكانيات داعش وعناصره التنظيمية فى تهريبه خارج البلاد فى أعقاب التفجيرات، غير أن المفاجأة غير المتوقعة، كانت فى أن عبدالسلام نجح فى الهروب والاختفاء على مدار 127 يوما بالكامل، رغم مئات المداهمات للأوكار والمخابئ المحتملة، بفضل أفراد عائلته وأصدقائه من «غير الإسلاميين»، وأنه استعان فى ذلك بمساعدة أصدقاء «السوء» القدامى قبل انضمامه للتنظيم. وكان صلاح عبدالسلام قبل انضمامه لداعش يدير أحد المقاهى التى صدر أمر بإغلاقها بحكم محكمة، كما تم إلقاء القبض عليه بعد ذلك فى عام 2010 وسجنه فى بلجيكا بتهم السرقة والإتجار وتعاطى المخدرات. وفى السجن تحول مسار حياة صلاح عبدالسلام إلى التطرف، وتم تجنيده لصالح تنظيم داعش، بعد أن كان قد امتلك فعليا - بفضل نمط حياته السابق- شبكة من علاقات العالم السفلى، نجح بفضلها فى صناعة غطاء قوى كفل له عدم اكتشاف أمره من جانب أجهزة الأمن الفرنسية والبلجيكية على مدار أربعة أشهر، لولا إمداد المخابرات الأمريكية للبلجيكيين بالدعم المعلوماتى، وفقا للتصريحات الرسمية. كما استفاد أيضا من هذه الشبكة ونجح فى توظيفها لصالح المهام المنوط به تنفيذها لصالح عملية باريس، حيث كان عبدالسلام مسئولا عن الدعم اللوجستى للهجمات بالكامل بما فيها تأجير المنازل الآمنة وتأجير السيارات المستخدمة فى العمليات وتوصيل العناصر إلى مواقع التنفيذ وشراء المواد والأدوات اللازمة لصناعة المتفجرات. اللافت إلى جانب ذلك أن صلاح عبدالسلام ليس استثناءً فى تحوله داخل السجن من «عالم الجريمة» كلص ومتعاطى وتاجر للمخدرات، إلى «التطرف» كأحد أخطر الإرهابيين المطلوبين على مستوى العالم. وسبقه فى ذلك صديق طفولته عبدالحميد أباعود (أبو عمر البلجيكى) المعروف ب»جلاد داعش» والذى يشار اليه بأنه العقل المدبر للعملية كلها، وحلقة الوصل أيضا بين التنظيم المركزى «الدولة الإسلامية» وشبكة عملائه فى أوروبا، وكان قد لقى مصرعه أثناء مداهمة قوات الأمن البلجيكية لمنزله الآمن فى شقة سان دونى الشهيرة ،عقب وقوع هجمات باريس بخمسة أيام. وعبد الحميد أباعود هو من تولى تجنيد صلاح عبدالسلام نفسه، كما سبق أن ثبت تورطه فى عمليات للسرقة والسطو المسلح، وقضى بالفعل عقوبة بالسجن فى بلجيكا فى 2010 مع شريكه فى الهجمات. إلى جانب عبدالسلام وأباعود، هناك أربعة آخرون من المنفذين والمشاركين فى التحضيرلهجمات باريس وحدها- ممن تم كشف أمرهم حتى الآن- يملكون نفس مسار التحول كسجناء سابقين، ومجرمين أو متورطين فى عالم الجريمة، إلى عناصر إرهابية خطرة. فخالد وإبراهيم البكراوى اللذان اقتحمت الشرطة البلجيكية شقتيهما بضاحية فوريست ببروكسل، قبل نحو أسبوعين وعثرت فيها على بصمات صلاح عبدالسلام التى أدت إلى التقاط مسار تحركاته والقبض عليه، هما بالأساس من أصحاب السوابق، كما سبق الحكم فعليا على خالد بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة سرقة باستخدام القوة. إبراهيم عبدالسلام شقيق صلاح عبدالسلام الأكبر، وهو أحد الانتحاريين الذين نفذوا هجمات باريس، كشفت زوجته نعيمة لأجهزة الإعلام وقتها ماضيه وأنه «كان عاطلاعن العمل ويتناول المخدرات طوال اليوم، ويحتسى الكحول» كما سبق سجنه لمدة ثلاثة أشهرفى بلجيكا أيضا، العام الماضى، بتهمة السرقة. انتحارى آخر فى نفس العملية، وهو عمر إسماعيل مصطفاوى، وكان أول من استطاعت السلطات الفرنسية الكشف عن هويته عبر إصبعه المقطوع فى مكان المذبحة بعد تفجير نفسه بمسرح باتكلان، اتضح كذلك أنه صاحب سجل جنائى حافل ومسجل لدى الشرطة الفرنسية هذه المرة. بعد هجمات باريس التى ثبت امتلاك منفذيها لسجل إجرامى حافل، وعقوبات متفاوتة داخل السجون البلجيكية، يأتى الدور على حادث إرهابى لا يقل شهرة كذلك وهو الاعتداء على صحيفة «شارل إبدو» بباريس، فى مذبحة نفذها الأخوان شريف وسعيد كواشى، وفتحا خلالها نيران الكلاشينكوف على العاملين بالصحيفة، فيما تولى الشريك الثالث أحمدى كوليبالى، مهمة احتجاز الرهائن فى أحد المتاجر اليهودية، وأسفرت العملية فى مجملها عن 20 قتيلا فى باريس وضواحيها مابين مدنيين وقوات للشرطة، ومقتل منفذيها، لصالح تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، الذى تبنى العملية، وهو ما أثبتت التحقيقات أيضا صحته بعد ذلك. أثبتت التحقيقات نفسها أيضا أن أحمدى كوليبالى محتجز الرهائن الفرنسى من أصول إفريقية، وأحد الأضلاع الثلاثة فى العملية، لم يكن إلا سجينا سابقا فى السجون الفرنسية، الأشهر والأكثر إنتاجا حتى الآن فى عدد «الجنائيين» الذين تحولوا بداخلها إلى «إرهابيين»، وأنه قد سبق ارتكابه عدة مرات لجرائم السرقة والسطو المسلح كما حكم عليه فى 2002 بعقوبة السجن ل6سنوات، حيث التقى داخل السجن بالضلع الثانى فى العملية، شريف كواشى!. علما بأن كواشى الذى كان يحلم سابقا بأن يصبح مطرب «راب» شهيرا، كان قبل تجنيده لصالح تنظيم القاعدة، قد امتهن بيع المخدرات وارتكب بدوره أيضا عددا من سرقات السطو المسلح فى ضواحى باريس. والمثير أن أحمدى كوليبالى، الذى سبق أن التقى الرئيس الفرنسى السابق، نيكولا ساركوزى، عام 2009، بشكل رسمى فى قصرالإليزيه، ضمن مجموعة من الشباب المنضمين لبرنامج لإعادة التأهيل بعد تجارب الفشل والسجن، كان نموذجا حرفيا لكيفية استثمار التنظيمات الإرهابية للجنائيين السابقين وعلاقاتهم «السفلية» وخبراتهم غير الشرعية لصالحها، حيث حرص كوليبالى منذ انضمامه للعمل السرى لصالح القاعدة، على الاحتفاظ بجانب مهامه التنظيمية، على نفس نمط حياته المألوف، وبشبكة علاقاته المرتبطة بعالم الجريمة وبجرائم السرقة والنصب والتهريب الشائعة فى أحياء باريس الفقيرة. فيما تطول قائمة الإرهابيين من الجنائيين السابقين لتشمل سالم بن غانم أحد أهم قيادات داعش الفرنسيين، بعد أن اشتهر لسنوات بتاريخه فى حوادث السرقة والإتجار بالمخدرات بفرنسا، وكذلك محمد مراح منفذ هجمات تولوزو منتوبان الشهيرة فى 2012 بعدما تم تجنيده لصالح تنظيم القاعدة داخل السجن حيث كان يقضى عقوبة بتهمة النشل وارتكاب أعمال عنف. البريطانى إين ديفيز، قاطع الرءوس الأشهر فى داعش أيضا كان يعمل قبل انضمامه للتنظيم الإرهابى، كسائق قطار مترو أنفاق، ثم تم القبض عليه بسبب تزعمه لعصابة للاتجار فى المخدرات فى لندن، وحكم عليه بالسجن سنتين، حيث كان التحول الأكبر المفاجئ فى حياته، باعتناقه للإسلام وتجنيده لصالح التنظيم ،داخل السجن، ليقرر بعد الإفراج عنه الهرب للجهاد فى سوريا . وفى إسبانيا أيضا كانت السلطات قد اكتشفت أول بصمات لتنظيم بن لادن والظواهرى على أراضيها عام 2001، وذلك بعد إلقاء القبض على خلية السورى عماد الدين بركات أبوالدحداح، ثم إسقاط أخرى فى «مليلية» والقبض على زعيمها مصطفى مايا، لتكون المفاجأة أن مئات العناصر المتطرفة الموجودة لديها فى السجون آنذاك كانوا فى الأصل جنائيين سابقين على صلات بالجريمة المنظمة وعالمها، فيما أعلنت السلطات الإسبانية صراحة فى أعقاب هجمات باريس التى هزت العالم أنها ضبطت سجينا لديها من أصل مغربى- كان يقضى عقوبة بارتكاب جرائم تتصل بالعنف ضد النساء- متهما بمحاولة تجنيد سجناء آخرين للانضمام إلى «داعش».