فيما تواصل السلطات الفرنسية والبلجيكية تحقيقاتهما، لكشف الشبكات المرتبطة بالانتحاريين، الذين نفذوا مذبحة باريس الجمعة الماضية، كشفت تقارير إخبارية، أن أجهزة الاستخبارات المغربية هى التى ساعدت نظيرتها الفرنسية فى التعرف على الإرهابى عبدالسلام صلاح، الذى استطاع الهرب من الأراضى الفرنسية مباشرة بعد تنفيذ هجمات باريس التى قُتل فيها شقيقه إبراهيم إثر تفجير نفسه أمام حانة «كونتوار فولتير». وطلبت الأجهزة الأمنية المغربية من نظيرتها الفرنسية، مباشرة بعد وقوع العمليات الإرهابية، الاهتمام بإمكانية أن يكون منفذو الهجمات جاءوا من بلجيكا وتحديدًا من حى مولانبيك فى ضواحى بروكسل حيث تنشط بكثافة الجماعات الإرهابية. وكان عبدالسلام صالح، قد قضى فترة فى السجن فى بلجيكا عام 2010 إلى جانب «العقل المدبر» المفترض لمذبحة باريس عبدالحميد أبا عود «أبو عمر البلجيكي»، وهو من أصل مغربى موجود حاليًا فى سوريا بعدما التحق بتنظيم «داعش» عام 2013. وسبق للأجهزة الأمنية أن اعتقلت «على أعراس» الذى كان يدير مكتبة لبيع الكتب الإسلامية، بما فيها كتب لنشر الأفكار المتطرفة فى الحى نفسه، وقبل سنوات اعتقلت الأجهزة المغربية عبدالقادر بلعيرج الذى كان يتردد باستمرار على حى مولانبيك، ويعقد اجتماعات لمجموعة من المتطرفين فى مكتبة على أعراس. «مولانبيك» الحى الإسلامى أو الحى الأسود، كما يطلق عليه الفرنسيون والبلجيكيون، كلمة السر فى أى هجمات تتعرض لها أوروبا فى آخر 20 عامًا، يقع الحى فى غرب العاصمة البلجيكية بروكسل وهو واحد من 19 مقاطعة تضمها العاصمة. كان حيًا صناعيًا، وتحول منذ بداية الثمانينيات إلى حى شعبى يقطنه خليط من المهاجرين يبلغ عددهم نحو 100 ألف نسمة، و80٪ من ساكنيه ينحدرون من أصول مغربية وجزائرية وليبية ومصرية، كما يعتبر أفقر أحياء بلجيكا وأكثرها كثافة سكانية. الشرطة البلجيكية، وبعد تحريات مكثفة تلت الحادث الإرهابى، بدأت فى التوصل لمنفذى الحادث والمخططين له، والذين كانوا على علاقة مباشرة بحى «مولانبيك»، حيث شنت الشرطة عمليات أمنية واسعة، وداهمت منزل أسرة صلاح عبد السلام الذى يعتقد بأنه العقل المدبر لهجمات باريس، كما أوقفت شخصين، ووجهت لهما تهمة القيام باعتداءات إرهابية. الحى الإسلامى الفقير فى بلجيكا، عاد من جديد ليكون محط أنظار العالم بأسره، بعدما ثبت أن المشتبه بهم فى تنفيذ الحوادث الإرهابية التى تمت فى فرنسا سكنوا فى هذا الحى، وخططوا لعمليتهم على رأسهم صلاح عبدالسلام الذى استأجر السيارتين اللتين استعملتا فى الاعتداءات، واللتين عثر عليهما قرب مسرح «باتكلان»، أقام فى هذا الحى كما ثبت أن فرنسيين من بين الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم فى باريس قطنوا فى الحى نفسه. ولم يرتبط مولانبيك بالعمليات الأخيرة فى باريس فقط، لكن يبدو أنه أشبه بنقطة انطلاق للعديد من المقاتلين السابقين والمنضمين لتنظيم داعش الإرهابى والقاعدة فى السابق، وتحديدا منذ أسس بسام عياشى رجل الدين السلفى الفرنسى مركزا إسلاميا فى مولانبيك فى أوائل التسعينيات اعتمد تنظيم القاعدة عليه فى تجنيد العديد من الشباب الإسلامى هناك واستخدامهم فى تنفيذ عمليات لصالحه، ثم عاد داعش ليكرر نفس الشىء مرة أخرى باستخدام الحى. فعلى مدار العشرين عامًا الماضية زج باسم الحى فى العديد من العمليات على رأسها عبدالستار دحمان أحد قتلة الزعيم الأفغانى أحمد شاه مسعود، عام 2001 قبل يومين من اعتداءات 11 سبتمبر كما أن حسن الحسكي، العقل المدبر لاعتداءات مدريد عام 2004، والتى أسفرت عن مقتل 191 شخصًا، هو مهاجر مغربى أقام لفترة طويلة فى حى مولانبيك، وكان على صلة وثيقة بالمجموعات الإسلامية المتشدّدة الناشطة فى الحي. ولم يتوقف سجل مولانبيك عند ذلك فقط بل خرج منه أيضا مهدى نموشى فرنسى من أصل جزائري، الذي اعتدي علي المتحف اليهودى فى بروكسل، 2014، وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص كما ثبت للمحققين الفرنسيين أن حامدى كوليبالى الذى هاجم المتجر اليهودى فى باريس اشترى أسلحته من أشخاص يقطنون فى حى مولانبيك. وتعتبر الشخصية الأكثر جدلًا فى الأوساط البلجيكية فى هذه الفترة والذى عاد اسمها يتردد بقوة بعد الحادث هو عبد الحميد أبا عود، أو أبو عمر السوسي، وهو بلجيكى من أصل مغربي، من مواليد الحي، وغادر إلى سوريا للقتال فى صفوف داعش حيث تأتى تأكيدات بأنه كان على تواصل بمنفذ الحادث، والعديد من الشباب فى الحى.