استشاري طب نفسي: على المواطن احترام أمناء الشرطة للتغلب على شعورهم بالضعف أستاذة علم اجتماع: لا يمكن وضع طريقة للتعامل .. والمشكلة في أمين الشرطة أستاذ علم اجتماع: هناك ضرورة من إجراء الكشف النفسي على الأمناء سنويًا
أثارت واقعة قتل سائق"توك توك" مساء أمس الخميس، على يد أمين شرطة عن طريق طلق ناري بالرأس، غضب كثير من المواطنين في الشارع المصري، حيث اعتبره البعض أن ذلك عودة لنهج الشرطة قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير في التعامل مع المواطنين، فيما أرجع علماء النفس والاجتماع السبب إلى غياب التأهيل النفسي، وعدم القدرة على ضبط الأعصاب، إضافةً إلى انتشار العنف بشكل كبير داخل المجتمع المصري. وفي هذا السياق رصدت "الفجر"، التحليلي النفسي لشخصية أمين الشرطة "حاتم"، والدافع النفسي والاجتماعي وراء قيامه بهذا الفعل، إضافةً إلى توصيات للمواطنين لطريقة التعامل مع مثل هذه الشخصيات حتى لا يلاقوا نفس المصير.
لا يملك القدرة على ضبط النفس .. وعلى المواطن احترامه من جانبه أكد الدكتور إبراهيم حسين، استشاري الطب النفسي، أن التحليل النفسي لهذا الفعل يدل على أنه شخص "شرير غبي، اندفاعي"، لا يمتلك القدرة على ضبط النفس، وأنه حتى لو تآمر على أحد سيتآمر بغباء، لافتًا إلى أنه من الممكن أن يتم استغلاله في الأعمال الإجرامية، وأنه يسعى للحصول على المناصب من أجل ممارسة الأعمال العدائية فقط. وأضاف حسين، أنه من المفترض أن يتم تدريس علوم إنسانية واجتماعية للضباط أثناء دراستهم بكلية الشرطة، وأن يتعلموا كيفية التعامل مع الجمهور، وكيفية ضبط النفس عند حدوث أي استفزاز لهم من المواطنين. كما أشار إلى أن السبب في تكرار مثل هذه الأخطاء لرجال الداخلية، هو أنه لم يتم تأهيلهم نفسياً قبل الالتحاق بجهاز الشرطة، لافتاً إلى أنه لابد أن تكون هناك صفات معينة لاختيار أمناء الشرطة مثل التركيز على طبقته الاجتماعية، وتعلميه، وقدراته النفسية، إضافةً إلى القدرات الجسمانية. وقال حسين، إنه لا يمكن اعتبار كل هذه الأخطاء على أنها خطأ فردي دائماً، موضحاً أن أمناء الشرطة يعدوا ممثلون لجهاز الداخلية، وأن الجهاز بأكمله يتم تشويهه بسبب تلك الأفعال، وأن هذه التصرفات قدد تتسبب في إسقاط نظام كما حدث في ثورة 25 يناير. وأكد أن المواطن يجب أن يتعامل بحرص مع مثل هذه الشخصيات، وأن يبتعد عن الاحتكاك بهم واستفزازهم، وأن يكون أكثر هدوءً في التعامل معهم، وأن يتعامل معهم باحترام، لافتاً إلى أن مثل هذه الشخصيات تشعر بالضعف بداخلها، وعندما يجد المواطن يتعامل معه بشكل فيه عدم احترام يلجأ إلى العنف لإرهابه، والتغلب على شعوره بالضعف الذي يسيطر عليه حينها.
غياب التأهيل النفسي ومن جانبها، أرجعت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، السبب وراء الفعل الذي قام به أمين الشرطة مساء أمس بواقعة الدرب الأحمر، إلى غياب التأهيل النفسي والطبي لأمناء الشرطة، إضافةً إلى غياب دور القائد في التواصل مع الضباط الذين يعملون تحت قيادته، ومعاقبة المذنبين منهم على أعمالهم. وأضافت خضر، أننا بحاجة سريعة لإقامة دورات تدريبية من الجانب السلوكي والنفسي والديني لأمناء الشرطة، وأن يكون القائمين عليها متخصصين، ومشهود لهم بالوعي والقدرة على العطاء، لافتة إلى أن جميع الدول تقوم بذلك. وأوضحت خضر، أنه لابد من محاسبة القائد على هذه الجريمة وليس القائم بها فقط، لأنها لم تقم بدورها لوقف هذا الأمين عن أعماله العدوانية من قبل، وتركتها حتى تحولت إلى جريمة. وأشارت خضر، إلى ضرورة وجود مكافآت للضباط المثاليين، وإبراز أدوارهم والجزء الإيجابي بهم وكونهم قدوةً يُحتذى بها. وقالت خضر، أنه لا يجب أن نضع طريقة معينة للجمهور للتعامل بها مع أمناء الشرطة، موضحةً أن المشكلة ليست في المواطن المصري وإنما بأمين الشرطة الذي لا يقدر الدور المُكلف به، وأنه يُعد ممثلاً للدولة المصرية والنظام الحالي.
كشف نفسي للتأكد من حالتهم النفسية وفي ذات السياق، أكد الدكتور أحمد زايد، استاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن عدم القدرة على التحكم في الأعصاب، وغياب القيم، وانتشار العنف في جميع أنواع وسائل الإعلام أحد أسباب انتشار مثل هذه الجرائم في المجتمع المصري. وأضاف زايد، بأن الإعلام يلعب دوراً هاماً في انتشار العنف في المجتمع، وأن الحديث عن القيم والثقافة والاتيكيت والبروتوكول غائبين تماماً عن الإعلام المصري، لافتاً إلى أن الدور المعروف للإعلام في أي مجتمع متقدم هو التشكيل الوجداني للمجتمع، وأن هذا الدور غير معمول به في مجتمعنا على الإطلاق. وقال زياد، :" المسلسلات والأفلام كلها أصبحت تتحدث عن العنف، ومعظم مشاهدها بها صور للدم، وبرامج التوك شو كلها شتائم وكلمات ممنوعة أن تُقال، واللي حصل ده نتيجة طبيعية للي بنشوفه". وطالب زياد، المسؤولين بضرورة عمل كشف سيكولوجي ونفسي لأمناء الشرطة سنوياً، للتأكد من حالتهم النفسية، والتأكيد على أنهم يتعاملون مع مواطنين مدنيين.