دفع الشباب للانقلاب عليه واستبعاد رجاله من الحزب ■ أبوإدريس تدخل لاحتواء الأزمة.. ونائب رئيس الدعوة السلفية يهدد بفضح بعض المشايخ الكبار أمام الشباب لم ينس سعيد عبدالعظيم أحد أهم رموز مدرسة الدعوة السلفية، طرد ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية له بطريقة مهينة، بزعم دعمه جماعة الإخوان المسلمين ورئيسها المعزول محمد مرسى، لذا فكل ما يشغل باله خلال هذه الفترة الانتقام من برهامى ورجاله. عبد العظيم بدأ تنفيذ أولى المراحل فى مخطط الانتقام، بإرساله عددا من الرسائل النصية والشفوية إلى شباب الدعوة السلفية من تلاميذه خاصة ومن أبناء الدعوة السلفية عموماً، مطالباً فيها بتطهير ثوبها من الرجس والفساد – بحسب تعبيره – والعودة إلى قواعدها ومنهجها ومدرستها التى تربى عليها أبناء الدعوة منذ تأسيسها خاصة أن الدعوة منذ فترة كبيرة خانت مناهجها وتنصلت كليا من أبنائها. عبدالعظيم قال فى رسالته: لن ينصلح حال الدعوة السلفية إلا إذا تخلصت كليا من قيادات حزب النور، ووصفهم بأنهم يقومون بتغيير جلودهم ومواقفهم بناء على المصلحة الخاصة لا مصلحة المنهج والدعوة، ولم ينته عند هذا الحد فى رسالته بل طالب شباب الدعوة بالضغط على برهامى ومطالبته بالاستتابة، بعدما وصفه بأنه الرأس التى فسدت ويفسد معها الجيل كله بالتبعية خاصة أن أبناء الدعوة السلفية هم أبناء المدرسة والمنهج ولو فسدت المدرسة فسد التلاميذ. تلك الرسالة كانت ككرات النار التى اشتعلت فى ثوب الدعوة ومشايخها وعلمائها التى تداولوها سريعا فيما بينهم، وأصبحت تلك الكلمات هى بمثابة روشتة الإصلاح كما اعتبرها بعض المشايخ والتلاميذ، على رأسهم على غلاب رئيس الدعوة السلفية بمرسى مطروح أحد أكبر المعاقل السلفية، الذى هدد بالانقلاب على الدعوة والاستقلال عنها حال استمرار برهامى فى مقعده. غلاب عقد العديد من المقابلات مع مشايخ وشباب الدعوة بمطروح، وانتهوا إلى ضرورة الوصول إلى حل نهائى يحافظ على كيان الدعوة السلفية كمدرسة موحدة يديرها عدد من العلماء ويسيرون على نفس نهجها الأصيل. واعتبر غلاب أن فكرة طرد برهامى من الدعوة السلفية غير مجزية، وستهدم الدعوة السلفية وسيصور الأمر على أن السلفيين يقومون بإقصاء بعضهم البعض، وهذا غير مدر على أجندتهم، لذلك فكر فى إقناع المشايخ الكبار بمطروح بالضغط على برهامى أيضاً والمطالبة باستتابته هو وجماعته والعودة إلى منهج الدعوة. مقابلات غلاب مع مشايخ مطروح انتهت إلى المطالبة بالدعوة لاجتماع عاجل يحضره جميع علماء ومشايخ الدعوة ال200 من كل محافظات مصر، ومطالبة الشيخ أبوإدريس محمد عبدالفتاح رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، بالضغط على برهامى لتقديم الاستتابة أمام المشايخ ال200 . تلاميذ المدرسة السلفية بمرسى مطروح خاطبوا كذلك معظم السلفيين فى المحافظات بتلك الخطة، للوصول إلى الهدف النهائى، وإعلان استتابة برهامى والنظر فى مصير حزب النور ما بين تفكيكه أو استمراره وتغيير نهجه وفقا لما يقتضيه منهج الدعوة، مع استتابة قيادات الحزب وعودتهم للعمل الدعوى، على أن يتولى إدارته نخبة من المشايخ الذين يتمتعون بثقة الشباب. بمجرد انتشار المخطط بين قواعد السلفيين، أسرع لأول مرة منذ فترة كبيرة الشيخ أبوإدريس محمد عبدالفتاح بالتدخل لإنقاذ المواقف، خصوصا مع انتشار فكرة اليأس والإحباط لدى القواعد السلفية واعتقادهم بأن المشايخ الكبار باعوهم وتركوهم فريسة لياسر برهامى وغلمانه، بعدما اعتزلوا العمل السياسى، وتبرأوا من حزب النور دون اتخاذ موقف واضح منه. أبوإدريس تواصل على الفور مع على غلاب باعتباره الحاكم بأمره فى قواعد السلفيين بمطروح، والدكتور أحمد حطيبة والدكتور أحمد فريد أعضاء مجلس إدارة الدعوة السلفية وعلمائها، محاولاً امتصاص غضب الشباب والمشايخ، والوصول إلى صياغة توافقية ترضى جميع الأطراف، ويحافظ على تماسك الدعوة. رغم محاولات أبوإدريس إلا أن مشايخ الدعوة السلفية أصروا على أن استتابة برهامى ورجاله شرطاً قبل الدخول فى أى تفاصيل تخص الدعوة، وذلك حفاظاً على تماسك أبنائها ومحاولة لم الشمل خاصة فى حالة الانفصام الكاملة التى وقع فيها أبناء الحزب، مؤكدين ضرورة أن يستجيب برهامى ورجاله لمطالب الدعوة وإلا ستتفاقم المشكلة. حينما وصلت تلك الردود إلى الشيخ أبوإدريس، بعث برسالة موحدة لكل أبناء الدعوة السلفية فى مختلف ربوع مصر، مفاداها -وفقا لمصادرنا- أن ياسر برهامى هو مجرد حائط صد وعروسة «ماريونت» لكل الانتهاكات التى تنال من الدعوة السلفية والحزب بعد خوضها العمل العام، وأنه غير منوط به التحرك أكثر من ذلك وتحمل هو ورجاله الكثير، ولن نستطيع التضحية به فى الوقت الحالى، حفاظاً على هيبة المشايخ والمدرسة السلفية، وأنهم بصدد تصحيح مسارهم». واستكمل رسالته بالتودد إلى كبار المشايخ: « وما اتفق عليه عدد من القواعد والمشايخ من ضرورة استتابة برهامى فأنا شرحت لكم الدور الحقيقى الذى قام به برهامى منذ ثورة يناير وحتى الآن، وهو من تحمل كل تلك التبعات وجميع المشايخ نجوا من قذائف الإعلام والرأى العام حفاظا على هيبتهم ومكانتهم وعلمهم وسط القواعد، ونحن لن نتخلى عن الدعوة والحزب وأمر برهامى ورجاله موكل للدعوة لجمعية عمومية طارئة للدعوة السلفية بالإسكندرية». نزلت تلك الكلمات كالرصاص على مسامع ياسر برهامى، فأصدر بيانا تم نشره على الموقع الرسمى للدعوة «أنا السلفي»، طالب فيه بضرورة تصحيح الكيانات الدعوية وقراءة الواقع الحالى بشكل جيد، موضحاً أنه بعد انتهاء ذكرى ثورة يناير، يحتاج الجميع لفهم الواقع الحالى. وأضاف برهامى: إن تغيير الفساد هو حسب الطاقة، والثبات الحقيقى هو الثبات على المنهج وعدم الاستكانة للباطل فى مبادئه ومناهجه، فلابد أن تعيد الكيانات الدعوية حساباتها وتدرك الواقع الأليم، لتخرج منه بأقل الخسائر، تحفز أبنائها للاستمرار فى الطريق بعد ذلك. أما مغالطة النفس والكذب فى توصيف الواقع فلن نجنى منه إلا مزيدا من الخسائر، مزيدًا من الانقسام، مزيدا من التحوصل خارج المجتمع أو ضده، مزيدا من سوء استخدام المظلومية لقطع طريق الدعوة على أصحابها ما يؤدى إلى انحرافهم فى مناهجهم نحو فكر التكفير والعنف فى غير موضعه، الذى ينبع من اليأس ثم من الهوى. بعد هذا البيان تحديداً والذى استبق فيه برهامى المشايخ ووضعهم فى مأزق التصحيح، تمت دعوته إلى اجتماع مع كبار مشايخ الدعوة فى منزل الشيخ أبوإدريس، بحضور كل من الدكتور أحمد حطيبة والدكتور أحمد فريد وعدد من علماء الدعوة، وغاب عنهم الشيخ محمد إسماعيل المقدم الذى اكتفى بمتابعة الأزمة من بعيد. برهامى خلال هذا الاجتماع فتح النار على جميع المشايخ، وهدد الحضور بفتح كل الملفات والعمل بمبدأ الشفافية مع القواعد فى الجمعية العمومية، وكشف كل الحقائق المتعلقة بتعامل المشايخ مع الملف السياسى والدعوى فى السنوات ال5 الأخيرة، قائلاً لهم: تحملت الكثير فى الوقت الذى تخلى عنى كبار المشايخ، وقام آخرون بالهجوم علىَّ، وتحفيز أبناء الدعوة والقواعد ضدى فى شكل غير مسبوق فى تاريخ تعامل الدعوة السلفية مع الأزمات. واستكمل برهامى هجومه، قائلاً: ما قام به مشايخ الدعوة من محاولات لتفكيكها إما لأغراض شخصية أو بتوجيه من جماعات أخرى أو جهات ما ساهمت فى عدم قدرته على إقناع أبنائه بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية، خصوصا مع شن القنوات الرسمية والخاصة المصرية حملة تشويه ضد حزب النور، وتخلى النظام الحالى عنا بشكل نهائى- على حد تعبيره. برهامى اختتم كلامه، بالرد على دعوات المطالبة باستتابته، قائلاً: الأمر برمته فى يد الجمعية العمومية، علماً بأن بقائى وحزب النور لمصلحة البلد والدعوة السلفية.