جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    وزارة العمل تحذر المواطنين من عمليات النصب باسمها فى الداخل أو الخارج    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الاثنين 19 مايو 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 19 مايو 2025    مسح سوق العمل يكشف: مندوب المبيعات أكثر وظائف مطلوبة بالقطاعين العام والخاص    التموين: صرف 80% من السلع التموينية لأصحاب البطاقات خلال شهر مايو 2025    تشخيص إصابة جو بايدن بسرطان البروستاتا المنتشر في العظام.. "المرض عدواني لكنه قابل للعلاج"    إعلام فلسطينى: 5 شهداء ومصابون جراء غارة استهدفت نازحين بمخيم جباليا شمال غزة    يلتقي السيسي وأبو الغيط والطيب وتواضروس، أجندة زيارة الرئيس اللبناني للقاهرة    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    اليوم.. السيسي يستقبل نظيره اللبناني جوزاف عون لبحث تعزيز العلاقات الثنائية والاستقرار الإقليمي    نقل شهداء وجرحى الغارات الإسرائيلية فى خان يونس على سيارة نقل (فيديو)    موعد مباراة ليفربول وبرايتون في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    حالة الطقس اليوم في الكويت    اليوم.. الحكم على متهم بدهس مهندس فى التجمع    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين فى قضية خلية الجبهة    الأهلي يحدد موعد إعلان تنصيب ريفيرو مديراً فنياً للفريق    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    تحويلات مرورية بعد انقلاب سيارة بحدائق الزيتون    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    الجرافات الإسرائيلية تهدم سور المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هبوط استثنائي تجاوز 1400 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 19-5-2025    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذا سألت فاسأل الله
نشر في الفجر يوم 09 - 02 - 2016


الحمد لله رب العالمين..
إخوة الإيمان، أتباع خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، رجال خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله:
ليس لدى المسلم في إيمانه بدينه شك ولا ريبة، وما يعتري شعوره تجاه أسس دينه لبس ولا اضطراب، لا يقبل من عاش الإسلام أن يتلطخ بضراء الجاهلية، ولا يقبل من نشأ على هذا الدين أن يوصف بدين غيره، ولا أن ينسب لملة غيره، لِمَ؟!
ذلك لأنه الدين الحق وهو الهدى والنور وهو النهج الواضح الذي لا يخالطه غموض الديانات الأخرى ولا طلاسم المناهج الضالة في الحياة، وما دام الأمر كذلك فلا بد لهذا الشعور من البناء، ولا بد لهذا الاعتزاز من الإحياء، وحياة ميسورة السبيل وسهلة المسلك، حياته تكون بالإيمان والإيمان يبنى في النفس بأسس ووسائل ميسورة، على رأسها وأساسها التدبر للقرآن والنظر في سنة وسيرة خير ولد عدنان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فما أحوج النفوس إلى بناء اليقين والتصديق بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ما أحوج الأمة إلى أن تعود إلى ربها عودًا صادقًا، لتجد النجاة عنده، والنصر منه، والعزة في دينه.

ما أشد الحاجة لذلك في أيامنا هذه والأمة تمر بمرحلة كيد ومكر، وعداء وغدر، وتخطيط وحبائل، أمة تصبح على ألم وتمسي على أمل، أمة تنهشها كلاب الأعداء، وتنغرس في جسدها أنياب الأصدقاء، وتتغافل عنها أنظار الأحباء.
أمة معها القوة ولكنها تتكاسل عن استخدامها، ومعها الناصر والمعز سبحانه ولكنها تسيء فلا ترجع إليه ولا تنطرح بين يديه، ومعها البرهان ولكنها تتغافل عنه وتنشغل بغيره، ولديها المنهج الكامل للنجاة والنصر والعزة ولكنها مكنت عدوها من قيادها وصعب عليها الرجوع لأصولها فتاهت وضاعت وضعفت واستُذِلت.

عباد الله:

من هذا المنطلق فإن الحديث عن البناء ومراجعة الذات ومحاسبة النفس وتصحيح المسار أمر لا بد منه وبخاصة في المرحلة الحالية من حياتنا وحياة أمتنا، ولهذا فلا بد من الحديث عن علاقتنا بالله ربنا، لا بد من الحديث عن مدى صدقنا في التجائنا إلى الله تعالى، إنها وقفة متصلة بوقفة سابقة مع خبر نبوي كريم، كم نحن بحاجة لتذكره في مثل واقعنا اليوم، فهو وصية المحب لأحبابه والصاحب لأصحابه، وصية من نبي الهدى صلى الله عليه وسلم لحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وللأمة كلها.

فعن عبدالله بن عباس رضي اللّه عنهما قال: كنتُ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: «يا غُلامُ! إني أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ: احفظ الله يَحْفَظْكَ، احفظ الله تَجِدْهُ تُجاهَكَ، إذا سألت فاسأل الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ؛ وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» (رواه الترمذي؛ [2516]، وقال: حديث حسن صحيح).

عباد الله:
إن هذا الحديث من أعظم الحكم والوصايا التي وصى النبي صلى الله عليه وسلم بها أمته، إنه حديث جليل عظيم المقدار، فما أسعد من تدبره وتفهمه وعمل به، وما أشقى من أعرض عنه ولم يعمل به، تحدثنا عن حفظ الله للعبد وعن الثقة بالله تعالى وأنه لن يصيب الإنسان إلا ما كتبه الله تعالى، وأن البشرية جمعاء لا تستطيع الضر ولا تقدر على النفع إلا إذا شاء الله تعالى ذلك وقدره، واليوم نتناول جانبًا آخر جاء في هذه الوصية النبوية الخالدة.

لقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث: «إذا سألت فاسأل الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ» فحول هذا المقال الكريم نقف اليوم وحوله نتحدث: «إذا سألت فاسأل الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ».

إننا بحاجة لإدراك هذه الحقيقة الإيمانية، بحاجة لتحقيق هذا المطلب النبوي الكريم؛ سؤال من بيده تصريف الأمور وتحقيق الطلب، سؤال القادر العظيم والمدبر الحكيم، سؤال من أمره بين الكاف والنون، سؤال الله تعالى. تدبرت في هذا الخبر النبوي فتذكرت قول ذلك الشاعر الحكيم وهو يضع النصيحة موضعها فيقول:
لا تَسْأَلَنَّ بَنِي آَدَمَ حَاجَةً *** وَسَلِ الَّذِي أَبْوَابُهُ لا تُغْلَقُ
اللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ *** وَبُنَيَّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

عبد الله:
«إذا سألت فاسأل الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ».
لقد تضمنت هذه الجملة: أنه يجب على العبد أن يسأل الله وحده ولا يسأل غيره وأن يستعين به وحده ولا يستعين بغيره، وسؤال الله دون أحد من خلقه هو المتعين والواجب؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل والمسكنة والحاجة والافتقار من السائل، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع الضر ونيل المطلوب وجلب النفع ودفع المكروه، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده، وأما المخلوق فهو مسكين ضعيف شحيح.

وقد أوضح الله تعالى لنا ذلك غاية الإيضاح، فقال سبحانه مبينًا ومرشدًا لجميع الأمة: {ذَٰلِكُمُ اللهُ رَ‌بُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ‌ . إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ‌ونَ بِشِرْ‌كِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ‌ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَ‌اءُ إِلَى اللهِ ۖ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر من الآيات:13-15].

يقول التابعي الجليل طاووس رحمه الله لعطاء بن أبي رباح رحمه الله: "إياك أن تطلب حوائجك ممن أغلق دونك بابه وجعل دونها حجابه، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ووعدك أن يجيبك سبحانه وتعالى".

إن الدعاء هو العبادة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والسؤال والطلب دعاء فنسأل الله تعالى من فضله وكرمه، فهو القائل: {وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء من الآية:32].

في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «يَنْزِلُ رَبُّنا كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآخِر فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْألُني فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِر لَهُ؟» (صحيح البخاري: [6321]). وفي رواية لمسلم: «يَنزِلُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى إلى السَّماءِ الدُّنْيا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ فَيَقُولُ: أنا المَلِكُ أنا المَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذي يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذي يَسألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ لَهُ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حتَّى يُضِيءَ الفَجْرُ» (صحيح مسلم: [758]).

فضل الله تعالى واسع وكرمه عميم، ومنته على عباده ظاهرة فله الحمد وله المنة سبحانه وتعالى. فلقد امتن علينا بسهام لا تخطئ وبسلاح لا ينثني، وبسيف لا ينثلم متى ما أحسنا استعماله، سلاح عظيم غفل عنه المؤمنون، لن يهلك معه أحد بأذن الله، إنه الدعاء، الالتجاء إلى رب الأرض والسماء: {وَقَالَ رَ‌بُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر من الآية:60]، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِ‌يبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة من الآية:186].

يقول ابن كثير عليه رحمة الله: كان بقي بن مخلد أحد الصالحين الأخيار عابدًا قانتًا خاشعًا، أتته امرأة صالحة فقالت: يا بقي إن ابني أسره الأعداء في أرض الأندلس وليس لي من مُعين بعد الله إلا ابني هذا، فاسأل الله أن يرد عليَّ ابني وأن يطلقه من أسره. قالت ذلك بقلب صادق موقن خاضع لله تعالى.
فقام بقيٌّ رحمه الله وتوضأ ورفع يديه إلى الحيي الكريم الذي يستحي أن يرد يدي عبده صفرا خائبتين سبحانه وبحمده، دعا الله عز وجل أن يفك أسر ابنها، وأن يجمع شملها بابنها، وأن يفك قيده.
وبعد أيام وإذ بابنها يأتي من أرض الأندلس، فتسأله أمه: ما الذي حدث؟ قال في يوم كذا في ساعة كذا -وهي ساعة دعاء بقيٍّ- سقط قيدي من رجلي فأعادوه فسقط، فألحموه فسقط، فذعروا ودهشوا وخافوا وقالوا: أطلقوه، قالت: فعلمت أن ذلك بدعاء صالح من عبد صالح. {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ‌ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل من الآية:62].

ها هو صلة ابن أشيم رحمه الله كان في غزوة فمات فرسه، فتلفت يمينًا وشمالًا، ثم قال: اللهم لا تجعل لمخلوق عليَّ منَّة؛ فإني استحي من سؤال غيرك. وعلم الله صدقه في سرائه وضرائه فأحيى الله عز وجل له فرسه، فركبه حتى إذا وصل أهله قال لغلامه: فك السرج فإن الفرس عارية، فنزع السرج فسقط الفرس ميتًا.

وليس ذلك بعجب، فمن توكل على الله ومن التجأ إلى الله أجاب دعائه وحفظه ولو كادته السماوات والأرض جعل الله له من ذلك فرجًا ومخرجًا.
يَا مَن أجبتَ دُعاء نوحٍ فانتصر *** وحملته في فلككَ المشحونِ
يَا من أحال النّار حول خليلهِ *** رَوحًا وريحانًا بقولكَ كُوني
يَا من أمرتَ الحوتَ يلفظ يونسَ *** وسترته بشُجيرة اليقطينِ
يا ربّ إنّا مثلُهُ في كُربَة *** فارحم عبَادًا كلّهم ذا النونِ

لنتدبر عباد الله هذه الآيات الكريمة: {قُلِ الْحَمْدُ لِلهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللهُ خَيْرٌ‌ أَمَّا يُشْرِ‌كُونَ . أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَ‌هَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ . أَمَّن جَعَلَ الْأَرْ‌ضَ قَرَ‌ارً‌ا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارً‌ا وَجَعَلَ لَهَا رَ‌وَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَ‌يْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُ‌هُمْ لَا يَعْلَمُونَ . أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ‌ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْ‌ضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُ‌ونَ . أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ‌ وَالْبَحْرِ‌ وَمَن يُرْ‌سِلُ الرِّ‌يَاحَ بُشْرً‌ا بَيْنَ يَدَيْ رَ‌حْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ ۚ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِ‌كُونَ . أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْ‌زُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْ‌ضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْ‌هَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل:59-64].
عباد الله:
بارك الله لي ولكم..

الخطبة الثانية
الحمد لله..
عباد الرحمن:
ربنا سبحانه وتعالى الذي بيده خزائن السماوات والأرض، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء أحق من يسأل ويطلب منه قضاء الحوائج، ففي الحديث القدسي: «يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم، وإنسَكم وجِنَّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيتُ كل إنسانٍ مسألتَه ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ البحرَ» (صحيح مسلم: [2577]).

قال بعض السلف: "إني لأستحي من الله أن أسأله الدنيا وهو مالكها، فكيف أسأل من لا يملكها؟!".
وكان بعض السلف يتواصون في طلب الحوائج إلا من الله. فعلى المؤمن أن يطيل الوقوف أمام باب الله عز وجل فهو حري له أن يفتح:
يَا مَنْ يَرَى مَا فِي الضَّمِيرِ وَيَسْمَعُ *** أَنْتَ المُعَدُّ لِكُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ
يَا مَنْ يُرَجَّى لِلشَّدَائِدِ كُلِّهَا *** يَا مَنْ إِلَيْهِ المُشْتَكَى وَالمَفْزَعُ
يَا مَنْ خَزَائِنُ رِزْقِهِ فِي قَوْلِ (كُنْ) *** امْنُنْ فَإِنَّ الخَيْرَ عِنْدَكَ أَجْمَعُ
مَا لِي سِوَى فَقْرِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ *** فَبِالاِفْتِقَارِ إِلَيْكَ فَقْرِي أَدْفَعُ
مَا لِي سِوَى قَرْعِي لِبَابِكَ حِيلَةٌ *** فَلَئِنْ رُدِدْتُ فَأَيَّ بَابٍ أَقْرَعُ
وَمَنِ الَّذِي أَدْعُو وَأَهْتِفُ بِاسْمِهِ *** إِنْ كَانَ فَضْلُكَ عَنْ فَقِيرِكَ يُمْنَعُ
حَاشَا لِفَضْلِكَ أَنْ يُقَنِّطَ عَاصِيًا *** الْفَضْلُ أَجْزَلُ وَالمَوَاهِبُ أَوْسَعُ
بِالذُّلِّ قَدْ وَافَيْتُ بَابَكَ عَالِمًا *** أَنَّ التَّذَلُّلَ عِنْدَ بَابِكَ يَنْفَعُ
وَجَعَلْتُ مُعْتَمَدِي عَلَيْكَ تَوَكُّلاً *** وَبَسَطْتُ كَفِّي سَائِلاً أَتَضَرَّعُ
اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا *** وَالْطُفْ بِنَا يَا مَنْ إِلَيْهِ الْمَرْجِعُ


إخوة الإيمان:
إن الحق الذي يبنيه الإيمان في القلب هو أن على المسلم أن يترك الأبواب الموصدة ويلجأ إلى الباب المفتوح، يلجأ إلى باب رب العالمين:
لا تخضعنَّ لمخلوقٍ على طمعٍ *** فإنَّ ذلك نقصٌ منك في الدِّينِ
لن يقدرَ العبدُ أن يعطيَك خَرْدلةً *** إلا بإذنِ الذي سوَّاك مِن طينِ
فلا تصاحبْ غنيًّا تستعزُّ به *** وكن عفيفًا وعظِّمْ حُرمةَ الدِّينِ
واسترزقِ اللهَ ممَّا في خزائنِه *** فإنَّ رزقَك بينَ الكافِ والنُّونِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.