لا شك أن ما تتعرض له اللغة العربية اليوم من إهمال وضياع فهو ألم وجرح لا تنطفئ ناره , وتكاد تنفطر له القلوب وتضطرب إليه الجوارح , ولما لا ونحن نرى الإهمال والتهميش للغة العربية بأم أعيننا بين أبنائها ومتحدثيها , بل و بين أصحاب الطبقة الخاصة من مفكرى العصر ومن أدباء ومثقفين , فنكاد لا نرى من يتحدث بها إلا فى محاضرات معينة أو ندوات معينة , وكأن الجميع نسى أن اللغة العربية هى إحدى أكثر اللّغات انتشارًا في العالم، وهي لغة القرآن وسنّة النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة أنها لغة يتحدثّها يوميّاً ما يقارب خمسمائة مليون شخص، وتسمّى بلغة الضّاد، وذلك لعدم وجود حرف الضّاد في لغة أخرى، وتتّسم اللّغة العربيّة بالروعة والجمال وقوتها التي لم تستطع لغات العالم مجاراتها بسبب ترنيماتها الدقيقة، وتتوزع فيها مخارج الحروف من الشفتين إلى أقصى الحلق لتشكل ترنيمة صوتيّة قوية وواسعة، ويبلغ عدد حروف اللّغة العربيّة ثمانية وعشرون حرفاً لتكون من أقلّ لغات العالم حروفاً، نعم نحن لا ننكر أن للغرب دور كبير في تدمير لغتنا العربية , لكن هذا لا نعتبره عذرا مثلما فعل بعض العرب فنحن من يجب علينا الخجل على الدور الذي لعبناه في إهمال لغتنا وترك تعلمنا لها والبحث في مضامينها , الأمر الذي أودى بالعربية ودمر دولة الإسلام . لن أطيل عليكم كثيرا ولكن ما يجب عليكم معرفته هو أن اللغة العربية (لغة الضاد) تعاني من إهمال أصحابها والقسوة التي يحملها رافضيها لها , وكيف لنا أن نرى لغتنا الحبيبة وهي تحتضر أمامنا بلا مبالاة ,فكثير منا أخذتهم إدعاءاتهم الفلسفية بالتحضر والارتقاء باللسان وكأنهم لا يعلمون بأن قمة الرقي والتحضر في اللغة العربية الفصيحة .أخى القارئ أود أن أقول لك انظر الآن إلى مستوى اللغة العربية بين الشباب الآن على مواقع التواصل الاجتماعى والله ستجد أن الأمر أصبح محزنا , وتجد أن الطالب الذى ظل فى الدراسة لمدة تصل إلى خمسة عشر عاما ومع ذلك يخطئ فى بنية الكلمة نفسها ناهيك عن الأخطاء النحوية والإملائية الأخرى . والمطلوب اليوم هو إصلاح لغوى بأقصى يتم بأقصى سرعة حيث أن اللغة الآن كما يقول صاحب كتاب (الفجوة الرقمية ) بين فكى رحى , بين عولمة تمارس عليها ضغوطا هائلة تفرض عليها أقصى درجات المرونة وسرعة الاستجابة للمتغيرات العالمية , وبين فصيل من الفكر اللغوى والأصولى المتجمد يعوق تقدمها تحت دعاوى مضللة ومفاهيم خاطئة للحفاظ على الطهارة اللغوية والأصالة الفكرية . فلا جدوى إلا من خلال مواقف صريحة ورغبة مشتعلة فى إصلاح القضايا اللغوية من خلال ما يلى :- _ وضع سياسة لغوية واضحة على الصعيد القومى وإصدار القرار السياسى اللزم لتطبيق هذه السياسة . _ وضع خطة لغوية على الصعيد القومى والعربى ينهض بها اتحاد المجامع اللغوية العربية . _ وضع خريطة بحثية على المستوى القومى لمعالجة مشكلات تعليم اللغة العربية وتعلمها بالأساليب العلمية والتجارب المادية . _ نعزيز دور مجامع اللغة العربية فى تعريب العلوم وكذلك تفعيل الجمعيات الأهلية المهتمة بالغة العربية وتطويرها وتحديثها. _ الحث على استعمال اللغة العربية السليمة فى الإعلام العربى والفضائيات الرسمية والخاصة فى جميع البلاد العربية . _ العمل على تنمية روح الاعتزاز بلغتنا العربية وبتراثنا العربى والإسلامى وتنمية الشعور الوطنى بالانتماء بالماضى " فأمة بلا ماضى ليس لها حاضر وبذلك لن يكون لها مستقبل . ولكن مع ذلك فكلنا أمل فى تضميد هذه الجراح , وسوف نرى بإذن الله عودة اللغة العربية إلى رونقها وبهائها التى كانت عليه فى الجاهلية وفى صدر الإسلام , فهى وإن كانت قد غاب عنها لونها ورونقها ولكنها محفوظة بحفظ كتاب الله الذى أنزل بلسان عربى مبين وقد تكفل الله بحفظه كما قال تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " هذا والله الموفق سيد عبالعال أبو زريعة الباحث بكلية الآداب جامعة الإسكندرية