في تقرير أعده المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية بعنوان: ماذا يحدث داخل جماعة الإخوان المسلمين؟، يدور حول الانقسامات التي تعيشها جماعة الاخوان المسلمين في الفترة الاخيرة، وعلي رأسها أزمة المتحدث الرسمي للجماعة حيث كلف محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام خلفًا للدكتورمحمد بديع، الدكتور طلعت فهمي، متحدثاً رسمياً للإخوان بدلًا من محمد منتصر والذي تم اقالته. وتعد أزمة المتحدث الرسمي تاريخياً من أخطر الأزمات التي حدثت داخل الإخوان علي الاطلاق والتي أحدثت جدلًا كبيرًا داخل أفراد الجماعة بالداخل والخارج وعلي صعيد الشباب بشكل خاص، وهم من اعتبروا انها محاولة للإطاحة بكل الرموز الشبابية وعلي رائسها محمد منتصر والشخصيات التي تم اختيارها لإدارة التنظيم من قبل القيادات القديمة والذي وصفوهم ب" عجائز الجماعة"، إذ استعرض التقرير عده محاور للأزمات الدائرة داخل جماعة الإخوان كان أبرزها تمرد مكاتب المحافظات بعد قرار إقالة "منتصر" من منصبه رفضاً من جانب العديد من مكاتب الجماعة في المحافظات، حيث بدأ بمكتب الإسكندرية، ثم تبعه 11مكتبا إداريا آخر في الفيوم، وكفر الشيخ، وشمال وشرق القاهرة، وجنوب ووسط القاهرة، والجيزة، و6 أكتوبر، والقليوبية، وبني سويف، وأسيوط.
وأصدرت هذه المكاتب بيانا أوضحت فيه أن محاولات "محمود عزت" للانقلاب على القيادات التي تم اختيارها في انتخابات أُجريت قبل عام أسفرت عن اختيار مسئولين جدد في إدارة الجماعة، كما أعلنت أن سياسة الجماعة تُدار بشكل مخطط له بين جميع القيادات، وليس من حق "محمود عزت" ورجاله اتخاذ قرارات دون الرجوع للجنة إدارة الأزمة.
تصاعد الصراع وياتي تصاعد الصراع بين قيادات الداخل والخارج للجماعة من القادة الجدد والقدامى حيث، امتد إلى مجموعة من قيادات الخارج، خاصة القيادات الموجودة في تركيا، حيث قرروا الدخول على خط الأزمة، والهجوم على نائب المرشد، والإعلان عن موقفهم من الصراع الحالي، وقد كان منهم: أحمد عبد العزيز، والدكتور عبد الغفار صالحين، والدكتور أشرف عبد الغفار، والدكتور علي بطيخ، والدكتور وصفي أبو زيد، والدكتور جمال عبد الستار، وعصام تليمة، وآخرون؛ حيث أعلنوا عن تدشين تيار تحت مسمى "جبهة ضمير الإخوان" أوضحوا فيه رفضهم قرارات محمد عبدالرحمن، ومحمود عزت، ومؤكدين دعمهم ل"محمد منتصر" ورفضهم قرار إقالته من منصبه.
محاولات السيطرة على الأزمة في هذا الساق محمود عزت الي الشباب الجماعة طلب منهم فيها ترك دعوات العنف، قائلا: "إن القيادات الحالية من الشباب تستدرج الإخوان للعنف لاستهداف الأرواح، وهذا ما رفضه مرشد الإخوان ورفضته قادة الجماعة، وإن أفعالهم لا تمت لسياساتنا بصلة، فكيف نقبل به بحجة أنه سياسة للجماعة؟!، وأضاف "عزت" مخاطبا شباب الإخوان بضرورة اتباعه واتباع قيادات الإخوان في السجون، والابتعاد عن أي رأي أو موقف يُخالف ما يقوله القيادات التاريخية، حيث إنهم يعملون بآليات صحيحة للشورى، والتزام بقراراتها، وتطبيقه بشكل صحيح، ما يعني رفضهم أي قرار بإقالتهم طالما لم يصدر عن مكتب شورى الإخوان.
تحجيم القيادات المعارضة بالخارج عبر قرار اصدره مسئول اللجنة الإدارية العليا لإدارة العمل بالجماعة داخل مصر والموالي "محمد عبد الرحمن" والمؤيد لفريق" عزت" وباقي قيادات الجماعة القدامة بالخارج، وهم: الدكتور أحمد عبد الرحمن، وعمرو دراج، ويحيى حامد، وحسين القزاز، وجمال حشمت، وأسامة سليمان، وطاهر عبد المحسن، وأيمن عبد الغني، ومحمد البشلاوي، وحل مكتب "الإخوان" المصريين بالخارج بعد اتهام المكتب بتجاوز صلاحياته، ورفضه قرارات الجماعة، والخروج على مؤسساتها.
أسباب الخلاف تعود أسباب الاختلاف في وجهات النظر بين قيادات الخارج من العجائز والشباب في الداخل من جماعة الاخوان ، حول مواجهة السلطة الحالية في مصر، حيث ترى القيادات التاريخية، حتمية عدم انحراف الجماعة عن خط العمل السلمي، وأن تتجنب العنف نهائيا، حفاظا على تاريخ ومستقبل الجماعة، وحماية لها من خطر التفكك والاختفاء نهائيا، بينما يرى "الحرس الجديد" أو "القيادات الشابة" أن العنف أصبح مفروضا على الجماعة ولا مفر منه في مواجهة الدولة للحفاظ على وجودها في المشهد السياسي، مؤكدين أن العنف يعزز موقف الجماعة، ويضعها كطرف قوي وفاعل في أي مفاوضات يمكن أن تحدث مع النظام المصري في المستقبل.
الهيكل التنظيمي يرجع الجمود الفكري والتنظيمي داخل الجماعة حتي اصبح الاطار الفكري للجماعة يمر بمشكلة واضحة للجميع بسبب وجود أي مراجعات حقيقية تجعله يواكب الواقع ويتماشى معه، فضلا عن خروجه عن "الإطار الفكري" الذي وضعه حسن البنا. أما "الهيكل التنظيمي" للجماعة فإنه يمر بحالة من الاضطراب والتخبط الإداري، نتيجة قدمه وعدم تجديده، حيث بلغ عمر النظام الإداري للجماعة أكثر من 80 عاما، ولم يتم تغييره حتى الآن، ولهذا السبب اتسم بالجمود، خاصة مع اقتصار القيادة على الشيوخ دون الشباب، وهو ما دفع شبابه نحو المطالبة بالتغيير.
التنافس على قيادة الجماعة من أكبر المشكلات التي تواجه الجماعة والذي يبدو للجميع انه سيبقي لفترة كبيرة نظرًا للتنافس الشديد بين الشباب والعواجيز على قيادة الجماعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى الانهيار التنظيمي للجماعة، وينجم عنه عدد من التداعيات المحتملة مثل ظهر الكيانات الصغيرة و تمدد التيار السلفي التقليدى وكثرا التنازعات حول كرسي المرشد علي حسب التقرير .
واختتم التقرير الصادر من المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية قائلاً: "إن كل المؤشرات تدفع باتجاه زيادة الانقسامات والانشقاقات في صفوف الجماعة، خاصة أن الضربات التي تتلقاها الجماعة داخليًّا وخارجيًّا أفقدتها توازنها وقدرتها على تدارك هذه الانقسامات، وإذا استمرت الأوضاع بهذا الشكل فإن الجماعة سوف تتحلل مع مرور الوقت وتنقسم إلى تنظيمات ومجموعات قد يكون من الصعب توقع ملامحها الفكرية والمنهجية.
ومن جانبه قال مدير مكتب القيادي الاخواني يوسف القرضاوى السابق عصام تليمة، إن مبادرة البرلمانيين الإخوان هى لجنة تقصى الحقائق التى تشكلت مؤخرا لبحث المتسببين فى أزمة جماعة الإخوان، مضيفا :"أصدر عدد من البرلمانيين الإخوان مبادرة بذل فيها جهد كبير، لا يمكن التقليل منه، أو إهماله، فيما يعانيه الصف الإخوانى الآن من أزمة طاحنة، باتت تهدد مؤسساته، وتهدد قيمه التنظيمية، والدعوية على حد سواء".
وأضاف تليمة فى مقال له على أحد المواقع الإخوانية: "اللجنة تشكلت من البرلمانيين الإخوان، وعملت ما يمكن تسميته بلجنة (تقصى الحقائق)، وطافت على كل الأطراف، ودونت كل ما توصلت إليه من معلومات وحقائق، بما يمكن أن نسميه قاعدة بيانات، لأول مرة مكتوبة عن أزمة من أزمات الإخوان، التى كانت من قبل فى كل أزماتها تعتمد على ذاكرة الناس، ثم بعد فترة يخرج من يكتب من وجهة نظره، ويثار الجدل حول ما يكتبه الجميع".
خلافات شكلية علي الجانب الآخر، استبعد هشام النجار، الباحث في الحركات الإسلامية، نجاح المبادرات التي تخرج من رحم جماعة الإخوان، لوقف التنازعات والتي وصفها ب"الشكلية"، منوها الي أن الإخوان تريد أن تسير الأمور الي ما هي عليها بدون حسم، لكي تستفيد الجماعة من جهود مختلف التيارات المتنازعة في مسارات متقاطعة.
وتابع النجار، في تصريحات صحفية سابقة، أن أزمة الجماعة الحالية من الضخامة بحيث تسعى بقدر الإمكان لعدم خسارة طرف أو جهة، فهي لا تستغني عن التيار الشبابي وقيادات الصف الثاني ورموز ما يُسمى بلجان إدارة الأزمة، لتوظيفها في الصراع الساخن مع الدولة، وكذلك لا تستغني عن الرموز القديمة والهاربين للخارج وقيادات الصف الأول، لتصدير خطاب مرن توافقي للغرب وللوسطاء.