"رضينا بالهم .. والهم مرضاش بينا" .. عبارة أكد عليها أهالي منطقة "تل العقارب"، بعد أن قامت المحافظة بإزالة منازلهم لنقلهم إلى منطقة السادس من أكتوبر، والذين ارتضوا بالحياة في ظل ظروف قاسية تنعدم فيها أية مظاهر للحياة الكريمة، ولكن قدرهم أن يحرموا من هذه الحياة البائسة أيضاً وكأنهم خلقوا ليحرموا. حكم المسئولين على هؤلاء الأهالي الذين يسكنون بمنازل بسيطة، حوتهم داخلها بدلاً من النوم في الشوارع وتشريد أبنائهم، أن ينقلوا إلى مدينة السادس من أكتوبر، لتسكن كل أسرتين داخل شقة مساحتها تتراوح ما بين 40 إلى 60 متر، على أن يكون ذلك مرحلة حتى تستطيع تطوير منطقتهم والتي وعدتهم بأن تكون مدتها ستة أشهر فقط. منازل أغلبها متهالك وبدون أسقف، وبعضها بدون أسطح، فيما تكون بعضها الآخر من مجموعة غرف صغيرة وحمام واحد جماعي، ليسكن في كل غرفة عائلة والذين يصل عددهم إلى 8 غرف لأسر يتكون بعضها من ستة أفراد، هكذا يعيش سكان "تل العقارب" وارتضوا بذلك. وتمسك الأهالي بهذه المنطقة وعدم تركها لتوافر جميع احتياجاتهم والتي أجمعوا عليها مثل المستشفيات والمدارس، مستنكرين أن يتخذ الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة قرار الهدم أثناء العام الدراسي، وبخاصة مع اقتراب امتحانات نصف العام، موضحين أن أبنائهم تشردوا ولم يذهبوا إلى مدارسهم بعد الهدم، فضلاً عن رفضهم لأن يسكنوا في السادس من أكتوبر وأن يأتوا منها إلى مدارسهم في السيدة زينب. كما ندد الأهالي بقرار تسكين كل أسرتين في شقة واحده، موجهين حديثهم إلى المحافظ والمسئولين: "احنا معانا بنات هنسكنهم ازاي مع أغراب .. لو ترضوا على ولاياكم كده احنا هنرضى". وقالت إحدى سكان المنطقة، والتي تخطى عمرها الستين عاماً: "اتولدت في المنطقة، ومرتاحين في بيوتنا ومش عايزين نمشي من المنطقة .. مقولناش لحد شيلنا سيبونا اعدين في حالنا يشيلونا في مكان قريب يا مرحبا".
وحذرت من انقلاب الأهالي ضد لمسئولين قائلة: "هنعمل اضراب ولو موتونا هنا .. مين هيسكن مع غريب في شقة عندنا بنات .. يموتوا ناس تحت الردم احسن ". كما وجهت رسالة إلى الرئيس السيسي قالت خلالها: "راعينا وراعي بيوتنا واللي احنا فيه .. المفروض تقف جنبنا تودينا مكان أمان .. لو قولتلهم شيلوهم ارموهم في الجبال ترضاها على نفسك وعيالك .. احنا ميتين هنا". كما لفتت سيدة أخرى، من سكان المنطقة، أرملة ولديها ابنين بالمدارس، إلى أن مسئولي الحي رفضوا أن تكون ممن سيتم نقلهم إلى السادس من أكتوبر، حيث سيتم إزالة المنزل الذي تستأجر فيه شقة منذ سنوات، مشيرة إلى أنها حينما التقت باحد المسئولين، قال لها: "انتي أرملة ملكيش شقق وشوفي حد يتجوزك". واستنجد بنا رجل بالخمسينات، وفي عينه نظرات حزن وحيرة، حيث قال إنه يسكن في المنطقة منذ أكثر من عشرين عام، ولديه ستة أبناء من البنات وزوجته، ويعمل بائعاً للعرقسوس، موضحاً أن المحافظة قررت إخلاء المنزل الذي توجد فيه الغرفة التي يسكن فيها وعائلته، كما رفضت تسكينه لأن شهادات ميلاد أبنائه يكتب بها أنهم مواليد "سوهاج". وتابع وعينه تملؤها الدموع: "انقذوني هنعيش في الشارع أنا وبناتي الستة .. ووقت الهدد مش هنسيب بيتنا ويموتونا جواه".