"إن مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا، اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصاراً، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين"، تلك المقولة التي اشتهر بها فارس الوحدة الوطنية "مكرم عبيد" أحد رموز الحركة الوطنية في مصر. وفي ذكرى ميلاده اليوم الخامس والعشرين من أكتوبر، قامت "الفجر" في سطور برصد ملامح حياة فارس الوحدة الوطنية مكرم عبيد.
- نشأته وُلد مكرم عبيد في 25 أكتوبر عام 1889 في إحدى قرى مدينة قوص بمحافظة قنا، لعائلة من أشهر العائلات القبطية وأثراها، وكان والده يعمل في مجال الإنشاءات وبسبب جهوده في إنشاء خط السكة الحديدية بين نجع حمادي والأقصر حصل على لقب الباكوية.
- دراسته التحق بالمدرسة الأمريكية في أسيوط ودرس القانون في أكسفورد، وحصل على درجة امتياز في القانون عام 1908، واستكمل دراسته القانونية في ليون بفرنسا وحصل على ما يعادل الدكتوراه في عام 1912.
- وظائفه في عام 1913م عمل سكرتيرًا للوقائع المصرية، واُختير سكرتيرًا خاصًا للمستشار الإنجليزي طوال مدة الحرب العالمية الأولى، ولكن بسبب كتابته رسالة في معارضة المستشار الإنجليزي "برونيات" شارحًا فيها مطالب الأمة المصرية وحقوقها إزاء الإنجليز قاموا بالاستغناء عنه، ثم عُين بعد ذلك أستاذًا بمدرسة الحقوق لعامين كاملين وفي عام 1919 انضم إلى حزب الوفد وعمل في مجال الترجمة والدعاية في الخارج ضد الاحتلال الإنجليزى حتى إن الجريدة الناطقة بلسان حزب الوفد أطلقت عليه لقب "الخطيب المفوه".
وعندما شكل مصطفى النحاس الحكومة عام 1928عين مكرم وزيرًا للمواصلات، وفي عام 1935 أصبح سكرتيرًا عامًا للوفد، وبعد معاهدة 1936 عُين مكرم عبيد وزيرًا للمالية، وحصل على البشوية، وشارك في الوزارات الثلاثة التي تشكلت برئاسة كل من أحمد ماهر والنقراشي في عام 1946.
اشتغل مكرم باشا بالمحاماة، وكرس وقته للدفاع عن المقبوض عليهم في تهم سياسية ومن لاحقه البوليس السياسي وكان يستشهد بالقرآن في مرافعاته كثيرًا، اُختير نقيبًا للمحامين ثلاث مرات وكان هو الذي قام بالدفاع عن عباس العقاد حين اتهم بسب الذات الملكية.
- علاقة عبيد ب"سعد زغلول" في عام 1919م انضم إلى حزب الوفد وتولى العمل في مجال الترجمة والدعاية في الخارج ضد الحكم والاحتلال الإنجليزي وكان له دعاية نشطة في إنجلترا وفرنسا وألمانيا، ولما نُفي سعد زغلول ثار مكرم عبيد وقام بإلقاء الخطب والمقالات مما تسبب في القبض عليه ونفيه هو الآخر وكان يعتبر سعد زغلول مكرم ابناً له فكانت العلاقة بينهم جيدة جداً.
- علاقة عبيد ب" مصطفى النحاس..رئيس حزب الوفد" لم تمض حياة مكرم عبيد على وتيرة التفاهم والتصالح، حيث وقع في عام 1942 أكبر خلاف له مع رئيس الوفد مصطفى باشا النحاس، والذي اسفر عن إبعاد عبيد عن الكتلة الوفدية التي كانت جزءاً من حكومة أحمد ماهر الذي عين مصطفى النحاس رئيساً للوزراء.
كما تم تعيين عبيد وزيرًا للمالية وبعدها قام برصد مخالفات عديدة، وجمعها في وثائق، وقام بطبع ما سمى بعد ذلك بالكتاب الأسود وقدم به عريضة للملك، بأحوال البلد وروى فيه ما حدث فى حزب الوفد، من فضائح ومخالفات، وتقدم باستجواب لمجلس النواب، ووقف يعرض وقائع استجوابه، وجاءت الردود عليه، أمراً فادحاً. وانتهى الاستجواب بعد ثلاثة أيام.
وتقدم حسن ياسين باقتراح لإسقاط عضوية مكرم باشا من مجلس النواب لأن هذا الرجل كان سكرتيرًا للوفد وصديقاً لمصطفى النحاس وابنا لسعد زغلول لم يعد جديرًا بشرف النيابة، فجرى تصويت على الفور وفي نفس الجلسة، رغم أن فكري أباظة كان قد طلب إحالة الموضوع للجنة الشؤون الداخلية في المجلس رفض طلبه، وفصل مكرم عبيد من عضوية مجلس النواب.
وأصدر رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا، أمرًا عسكريًا باعتقال مكرم عبيد بمقتضى قانون الطوارئ وتم وضعه في السجن.
- علاقة عبيد ب"حسن البنا وجماعة الإخوان" استطاع مكرم عبيد باشا أن يُكَون علاقة خاصة الشكل مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث كانت هناك علاقات تربط الإخوان والكتلة الوفدية وكانا يتبادلا الزيارات، وكان حسن البنا يحظى بمكانة خاصة لديه.
ويعد مكرم عبيد هو السياسي الوحيد الذى شيع جنازة الشيخ حسن البنا بجانب والده بعد أن منع البوليس السياسي في هذا الوقت أن يقترب أي رجل من منزل البنا وإلا تعرض للاعتقال باستثناء مكرم عبيد نظرًا لمنصبه الحكومي.
بعد ثلاث سنوات من رحيل البنا طلبت مجلة الدعوة التي أسسها بعض أعضاء جماعة الإخوان من عبيد أن يكتب مقالًا بسيطًا عنه وكتب بالفعل.
قال مكرم عبيد عن حسن البنا..."كان لي الحظ أن يزورني فضيلة الشيخ حسن البنا - رحمه الله- في منزلي وكنت أراه في حديثه أبعد ما يكون عن الشكليات، مما جعلنى أعتقد أنه رجل قل مثيله بيننا في التعمق تفكيرًا والتنزه ضميرًا".
- نشاطه الحقوقي يُعد مكرم عبيد أيضًا هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، والواضع الأول لكادر العمال في مصر ووضع الحد الأدنى للأجور وتوفير التأمين الاجتماعي لهم، وواضع نظام التسليف العقاري الوطني، كما أنه صاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل.
- وفاته توفي مكرم عبيد في 5 يونيو 1961، وتم تأبينه بالكنيسة المرقسية بالأزبكية وقد شارك أنور السادات نيابة عن الرئيس جمال عبدالناصر في تأبينه، ودفن بالقاهرة.
- تكريمه تم تكريمه بإطلاق أسمه على أحد الشوارع الرئيسية بحي مدينة نصر بالقاهرة، ويعد هذا الشارع حاليًا من أهم الشوارع في مدينة القاهرة.