"الأكاديميات والمعاهد".. أحدث أساليب النصب على "الخريجين" في بني سويف خريجوها: لا تمثل أكثر من مراكز تدريب .. أضاعت مستقبلنا فى المؤهل الجامعي أستاذ قانون: أنتشرت لإنعدام الدور الرقابي للتعليم العالي
رصدت كاميرا "الفجر" لافتات الإعلانات الضخمة التي تكتظ بها شوارع وميادين محافظة بني سويف، وكذا أماكن التجمعات ومواقف السيارات، كلها وبأشكال دعائية مختلفة تدعو شباب وطلاب وخريجي المحافظة للإنضمام إلى "دكاكين" تحت بير السلم يطلق عليها أسم "الأكاديميات العلمية" أو"المعاهد المتخصصة" أو"المراكز التدريبية" التي تفتح ذراعيها لجميع الخريجين دون النظر لمؤهل أو تخصص ، فهي تقبل الحاصلين على الدبلومات الفنية ال3 و5 سنوات بتخصصاتها المختلفة "تجاري، زراعي، صناعي" وتقبل الحاصلين على الثانوية العامة والأزهرية "بأي مجموع" ولا تشترط فئة عمرية، فقط ملف أوراق مرفقًا به "مظروف الجنيات" التى لا تقل عن 10 الأف جنيه سنويًا، مقابل الحصول على شهادة "معتمدة" بعد سنتين أو 4سنوات وتوفير فرصة عمل مناسبة لتخصصة في إحدى وظائف الجهاز الإداري للدولة .
وفور إعلان افتتاح فرع إحدى الأكاديميات المتخصصة في الأعمال الطبية مثل «التمريض، الطب، التحاليل، الأشعة، صيدلة، سكرتارية طبية» وأعلنت فى موادها التسويقية عن برتوكول تعاون مع إحدى الهيئات الصحية الكبري لتدريب الطلاب «عمليًا» داخل مستشفياتها وعياداتها واستخدام قاعات تدريبها، فضلاً عن تعيين الخريجين المتميزين عقب إنتهاء فترة الدراسة وحصول الطالب على شهادة لا يعترف بها رسميًا أمام مؤسسات الدولة ولا تمثل أكثر من شهادة تقدير أو شهادة الحصول على دورة تدريبية.
فتقول ميرفت سيد، إحدى خريجات الأكاديمية الوهمية: حصلت على دبلوم فني تجاري نظام ال(3سنوات) وفشلت على مدار 5 سنوات أخرى في الحصول على فرصة عمل، وعندما شاهدت إعلان الأكاديمية التي أعلنت عن توفير فرصة عمل بإحدى المستشفيات الحكومية عقب فترة الدراسة المحددة بسنتين، وعقب التخرج أكتشف أن الأكاديمية وهمية وغير معترف بشهاداتها رسميًا، وتنصل مسئولوها من وعدهم لنا بفرصة العمل، دون وجود أى مستند قانوني يعطني الحق في مقاضاتها، لعدم تشديد الرقابة على مثل هذه الأكاديميات التي تبيع الوهم للشباب، بحسب تعبيرها.
أعلان ضخم جديد حرك وجدان المئات من شباب المحافظة إلى تحقيق هدفهم في الحصول على فرصة عمل بإحدى شركات البترول، حيث أعتلى ميداني محي الدين والزراعيين لافتة ضخمة تخاطب خريجي الدبلومات الفنية ال3 و5 سنوات بتخصصاتها المختلفة "تجارى ، زراعي ، صناعي" وتقبل الحاصلين على الثانوية العامة والأزهرية "بأي مجموع" لقبولهم فى أكاديمية تدريبية على أعمال البترول والإستكشافات المعدنية، فضلاً عن القيام برحلات ميدانية للتنقيب عن البترول في كبرى الشركات بالصحراء الغربية و"بعد تخرجك نضمن لك الوظيفة المناسبة لمؤهلك في هذه الشركات من خلال اتفاقيتنا الموقعة معها.. أغتنم الفرصة لن نقبل أكثر من 200طالب من أجل توفير الجو المناسب للدراسة بادر بالالتحاق"، وبعد كل هذه المواد الإعلانية والتحاق الشباب بهذه الأكاديمية، أكتشف جمال فتحي محمود، أنه بعد عامان دراسة وزيارات وهمية للمواقع، أنه تعرض لخديعه كبرى بددت معها أمواله وأحلامه.
ويقول سامي جرجس ميخائيل، تخرجت من الثانوية العامة ب77% وراودني حلم الالتحاق بوظيفة في شركة بترول كما يطمح أي شاب في الحصول على دخل كبير يوفر له حياة كريمة فتقدم لأحد هذه المعاهد ورفض الإلتحاق بكلية التربية الرياضية وفضلت الالتحاق بأحد الأكاديميات المتخصصة في مجال البترول والثروات المعدنية، فحسب إعلانات هذا الأكاديمية أنها متخصصة في تدريس الطلاب في مجالات البترول وتؤجل التجنيد وتوفر تدريبًا عمليًا في شركات البترول والشهادة موثقة ومعتمدة وبعد دراسة دامت عامين اكتشفت أن الشهادة التي حصلت عليها ماهي إلا شهادة دبلوم تدريبي، وضاع حلمي وحلم أسرتي في دراستي الجامعية وحصولي على مؤهل عالي.
فيما قال الدكتور جمال بهلول، رئيس جمعية الخريجين، إن إرتفاع معدل البطالة جعل الشباب لقمة سائغة في يد هواة النصب والخداع، فخريجوا هذه الأكاديميات يكتشون عند التخرج أنها ليست أكثر من مراكز تدريب وانهم اشتروا الوهم بسبب عدم اعتراف الجهات المختصة بالشهادات التي تمنحها تلك المراكز والنتيجة ضياع مستقبل واموال هؤلاء الخريجين.
وتابع بهلول، الغريب أن معظم هذه الأكاديميات داخل شقق صغيرة في مناطق عشوائية وبعضها في بدرومات العمارات والأكثر غرابة أن بعض لأكاديميات التي يؤكد مسئولوها أنها تمنح شهادات معتمدة من الجامعات الاوروبية والدولية وفي مقدمتها الجامعة الامريكية وأكاديمية كمبردج.
الدكتور محمود عبد العليم جابر، أستاذ القانون بجامعة بني سويف، أن الدور الرقابي على هذه الأكاديميات الوهمية يرجع للدولة وخاصة وزارتي التعليم والتعليم العالى، وأشار إلى أن هذه الأكاديميات أصبحت مشروعًا يدر ربحًا خياليًا على القائمين عليه، حيث إذا أردت أن تبدأ مشروعًا من هذا النوع لا تحتاج سوى متخصص فى الدعاية والتسويق والترويج للأكاديمية، ثم شقة صغيرة في مكان ما عبارة عن ثلاث غرف إحداها للادارة والصالة للاستقبال والغرفتان الاخريان تستخدمان قاعات تدريس يذهب اليها الطلاب الحاصلون علي المؤهلات المتوسطة وخريجو الثانوية العامة والازهرية ومن تراودهم الأحلام في الحصول علي مؤهل عال.