قال اللواء نصر محمد سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن الهدف الرئيسي للضربات الجوية الروسية على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا هو تغيير المعطيات في مسرح العمليات من اجل خلق واقع جديد تستطيع روسيا من خلاله فرض قرارها على الخصوم ، مؤكدا أن تطورات الموقف العسكري من شأنه أن يساعد على الدفع لحل سياسي شامل للأزمة السورية وفقا لاعتبارات المصالح الروسية من جانب ووفقا لوحدة وسلامة الآراضى السورية من جانب آخر . وأضاف "سالم"، لبوابة " الفجر" أن التدخل العسكرى الروسى جاء فى توقيت بالغ الدقة ، حيث بدا الانهاك على الجيش السورى ولم تعد الدولة تسيطر الا على مساحات قليلة من الآراضى السورية ، مقابل التقدم السريع الذى يحرزه داعش على الرغم من الجهود التى تبذلها قوات التحالف الدولى تحت شعار " الحرب على الإرهاب " ، موضحا أن الضربات الجوية الروسية تعاونها القوات البرية السورية مما يساعد على تحقيق انجاز عسكرى ملموس على أرض الواقع ، فى حين تقتصر ضربات التحالف الدولى على الجوية فقط وهو أسلوب لن يترتب عليه تغيير الموقف العسكرى القائم ، بخلاف أن تلك الضربات فشلت فشلا زريعا فى تحقيق الهدف المعلن .
كما أوضح رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن الضربات الجوية الروسية نجحت فى استهداف مراكز قيادة ومستودعات أسلحة وذخيرة واماكن تدريب والتى تمثل مراكز ثقل للموقف العسكرى للجماعات المسلحة ومن ضمنها داعش ، الأمر الذى يعد ضربة قاصمة لمعاقل الإرهاب فى سوريا من شأنها تغيير الموقف العسكرى لصالح تحقيق الهدف المنشود وهو دحر تلك الجماعات ، مشيرا إلى أن روسيا وضعت أولويات للمواقع المطلوب استهدافها بغض الظر عن تبعية تلك المواقع لأى من الجماعات الإرهابية ، بحيث تستهدف تلك الضربات الجوية فى البداية المواقع التى تمثل خطرا عسكريا على الجيش السورى .
وحول الموقف الصينى ، اكد رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن بكين ارسلت قطع بحرية وآليات عسكرية إلى ميناء طرطوس ، مما يمثل عامل ردع قوى ، مشيرا إلى أن الصين حليف قوى لروسيا ، وقد ظهر ذلك جليا فى توافق الفيتو الصينى والروسى حيال الأزمة السورية ، هذا بخلاف تنامى العلاقات الإقتصادية والسياسية بينهما ، ومن ثم فالصينوروسيا بعثا برسالة شديدة اللهجة إلى الخصوم ، خاصا على ضوء المشاركة الفعالة لإيران فى العمليات العسكرية بجانب الجيش السورى .
وحول الموقف المصرى ، اكد "سالم"، أن هناك توافق مصرى روسى كبير بشأن الأزمة السورية من حيث الحفاظ على وحدة وسلامة الآراضى السورية ومن حيث المواجهة الشاملة لكل الجماعات الإرهابية ، ومن حيث اتخاذ وثيقة جنيف المؤرخة فى 30 يونية 2012 مرجعية كحل سياسى للأزمة ، ولكن ذلك لن يدفع مصر إلى المشاركة العسكرية فى التحالف الذى دعت إليه روسيا ، وسيقتصر الدور المصرى على المشاركة الفعالة التى من شأنها المساعدة فى الاعداد لمرحلة انتقالية والبدء فيها وصولا إلى انتخابات رئاسية تحت اشراف الأممالمتحدة وذلك بالتوافق مع خطة ستيفان دى ميستورا .
واكد رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن الولاياتالمتحدة تنظر بعين القلق إلى الموقف الروسى حيال الأزمة السورية خاصا عقب التطورات العسكرية الأخيرة ، وذلك لأن موسكو عازمة على دحر كل الجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة المنتشرة بما فى ذلك الجماعات الممولة والمدعومة امريكيا تحت مسمى المعارضة السورية " المعتدلة " ، مما يعد ضربة قاصمة للجهود الأمريكية المبذولة من أجل انهاك الجيش السورى واجهاضا لمختطاتها الخبيثة فى فرض واقع من شأنه ترتيب الأوضاع فى سوريا للتقسيم العرقى والطائفى .
واختتم سالم حديثه قائلا : جميع الأطراف الدولية تدرك خطورة عدم التوصل إلى توافق بينهم لأن ذلك من شأنه اندلاع حرب عالمية ثالثة ، ومن ثم فإن الجميع مضطر للتسوية السياسية ، خاصا على ضوء تطورات الموقف العسكرى الروسى الذى فرض واقعا جيوسياسيا جديدا ارضخ الجميع للجلوس معا للتفاوض ولكنه التفاوض المبنى على القوة والذى يمهد لتسوية ساسية شاملة مثلما حدث فى حرب أكتوبر .