رغم أن المملكة العربية السعودية، قد بدأت في استخدام تقنيات الاستمطار مبكرا وتحديدا في العام 1988 في منطقة عسير، وتم تطوير التجربة في العام 2006 لتشمل وسط المملكة (الرياض، والقصيم، وحائل)، إلا أن قضية الاستمطار او توليد المطر من السحب باستخدام التكنولوجيا الحديثة ما زالت قضية خلافية وتثير جدلاً واسعاً في المملكة بسبب رؤية البعض أن هذا الأمر يدخل في إطار المحرمات لأن المطر رزق من الله أما الاستمطار في وجهة نظرهم فهو أمر مخالف لقوانين الطبيعة. ومؤخراً أنفقت السعودية نحو 10 ملايين ريال لتنفيذ برنامج استمطار السحب الركامية في العاصمة الرياض، وتمكنت المملكة خلاله من إسقاط كميات كبيرة من الأمطار على منطقة الرياض عن طريق تلقيح السحب الركامية بالمواد الأيونية، وهي التجربة التي نفذتها المملكة بواسطة 4 مروحيات ولاقت ترحيبا من فئة كبيرة من السعوديين بينما تحفظ البعض لأسباب تتعلق بالصحة العامة والناحية الشرعية. ورغم احتياج المملكة الشديد لمزيد من مشاريع الاستمطار، إلا أن حجم المعارضة لتنفيذ مثل تلك المشروعات يتضاعف، بحجة الأخطار البيئية والمشاكل التي يمكن أن تترتب عليها، حيث يؤكد أخصائي الأبحاث الكونية بالمملكة نبيل الوافي أن تجارب الاستمطار لها تأثيرات سلبية على الأجنة، وأن مادة يوديد الفضة المستخدمة في عملية إنزال المطر الصناعي لها مخاطر عدة على الجهاز التنفسي للإنسان، وتلك النتائج تم التوصل إليها بعد إجراء عدة أبحاث ميدانية بالتعاون مع مجموعة من الباحثين والكيميائيين على عدد من المناطق التي هطلت عليها أمطار صناعية. وتنتهج السعودية، سياسات جديدة بالإضافة إلى دعم برنامج الاستمطار، لتوفير الأمان المائي، حيث بدأت تتجه نحو استثمار الندى المتساقط، واستخراج الماء من الهواء والاستفادة من تجارب الرطوبة في تجميد الندى لاستخدامه فيما بعد في المناطق الأكثر جفافاً. ويرى الباحث في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور أبو بكر سعد الله أن ظاهرة الاحتباس الحراري تزيد من نسب تبخر المياه في الغلاف الجوي، ويمكن عن طريق التقنية الحديثة تجميع ذلك البخار وإنزاله في هيئة ندى يتم استغلاله في إنتاج مياه عذبة تكون مفيدة للإنسان. ويقول: إن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بدأت تولى اهتماماً كبيراً للدراسات المتخصصة في عملية الاستفادة من الندى، واستغلاله فيم بعد لري الأراضي والزراعة، حيث تتساقط حبات الماء عندما يلتقي البخار بسطح معرض للهواء الطلق فتنخفض درجة حرارته نتيجة التبريد الإشعاعي. ويسقط الندى في فترة الليل لأن الأرض تتلقى أثناءه طاقة أقل من الطاقة التي تصدرها من الأشعة تحت الحمراء، ومن ثم تنخفض درجة حرارة التربة حتى تصل إلى درجة أقل من درجة حرارة الهواء المحيط بها، ويسقط الندى عندما تصل الرطوبة إلى نسبة 100%، ويمكن الاستفادة من الرطوبة وزيادة كمية الندى المتساقطة في كل ليلة، وهناك تجارب نفذت بالفعل في هذا الشأن باستحداث أسطح لأشكال هندسية مستوية ومائلة بزاوية 30 درجة ومغطاة بمواد بلاستيكية خاصة من متعدد الإيثيلين، أو المشمع الزراعي، أو أن تطلى هذه الأسطح بطلاء خاص الغرض منه تعزيز الرطوبة وتسهيل عملية سيلان قطرات الندى، وهذه التجارب يتم دراستها حالياً لبحث كيفية الاستفادة منها وإمكانية تنفيذها في المملكة. من جهته، أكد وكيل الأرصاد بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الدكتور أيمن غلام أن السعودية تمكنت من تنفيذ تجارب الاستمطار بنجاح في جنوب وغرب المملكة، وتلك التجارب تمت باستخدام طائرات سعودية، وتحت إشراف المنظمة العالمية للطيران المدني، وكانت أكبر الفوائد العائدة على المملكة من نجاح تجارب الاستمطار واستخدام الطيران المدني في عمليات الأرصاد، أن الرئاسة العامة للأرصاد بالمملكة تمكنت من التعرف على مناخ السعودية من ناحية السحب الجوية بدلا من معرفتها الناحية النظرية التي كانت تعتمد عليها المملكة في السابق. ويشير غلام إلى ما رصده المركز الإقليمي لمراقبة الجفاف والإنذار المبكر التابع للرئاسة العامة للأرصاد بالمملكة، وبرنامج مراقبة الجفاف يؤكد أن السعودية تعاني من مشاكل نقص المياه، وقد تعرضت إلى موجات جفاف متعاقبة خلال السنوات العشر الماضية، وأسفرت تلك الموجات عن نقص المياه في السدود، وأدى نقص منسوبه إلى الاعتماد على مياه الآبار ما تسبب في استنزاف احتياطيها بمعدل 4 أمتار سنوياً، وأدى ذلك إلى تناقص المساحات المزروعة، وزاد ذلك أيضا من عملية التصحر بعد موت مساحات كبيرة من النباتات. وتابع: أسباب إطلاق برنامج مراقبة الجفاف هو تقديم البحوث والتقارير اللازمة للجهات المعنية من أجل مواجهة مشكلة الفقر المائي، خاصة أن هطول الأمطار الطبيعية على أراضي المملكة يحدث في فترات قصيرة وأغلب المياه التي تهطل تتبخر في الهواء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ولذلك فإن حاجة المملكة للمطر الصناعي ملحة.