محافظات شمال مصر من العريش حتي مرسي مطروح تمر فوقها السحب القادمة من فوق المتوسط محملة بكميات من المياه تحلم بها مساحات شاسعة جاهزة الآن للزراعة. وأمام شبح أزمة نقص المياه القادمة تعكف الآن وزارة الري المصرية لتحقيق حلم علمي مهم اسمه استمطار السحب فيما يسمي بالمطر الصناعي لاسقاط الامطار من هذه السحب فوق محافظات الشمال لاحياء الزراعة. وعن هذه المهمة الشيقة يقول د.طارق قطب رئيس قطاع التخطيط بوزارة الري تهدف عملية استمطار السحب إلي تحفيز السحب الموجودة التي ليست لها القدرة علي تفريغ محتواها المائي عن طريق مواد يتم حقنها في الغيوم فتزيد من عملية التكاثف لتنتهي أخيرا بسقوط الأمطار. ويمكن أن تندرج تحت هذه العملية محاولات تشكيل السحب صناعيا وتنمية مكوناتها. والغاية من الاستمطار هي: تسريع هطول الأمطار من سحب معينة فوق مناطق بحاجة إليها.. وزيادة إدرار السحابة عما يمكن أن تدره بشكل طبيعي. وتعود فكرة الاستمطار أو تنشيط تلقيح السحب إلي عام1938 حينما رأي العالم الألماني فنديشن إمكانية مساهمة كرات الثلج المضافة للسحب في إسقاط المطر, غير أن هذه الطريقة لم تطبق من الناحية العملية إلا في عام1946 عندما أجري العالم الأمريكي شيفر أول تجربة حقلية للمطر عن طريق رش نحو(1.5) كيلو جرام من الثلج المجروش عند درجة حرارة20 مئوية في سحب مارة فبدأ المطر والثلج في التساقط لمسافة(610) أمتار قبل التبخر والتبدد في الهواء وبعد ذلك بدأ الاهتمام بايجاد طرق جديدة لاستمطار السحب. ويمكن أن يتم تلقيح السحب بواسطة طائرة أو صاروخ. ومن أكثر الطرق العلمية شيوعا: الاستمطار الحر ويتم ذلك بطريقة رش يوديد الفضة داخل السحابة, حيث إن هذه المادة لها القدرة علي ان تجمع حولها بلورات الثلج ومن ثم يثقل وزنها ثم تنفصل عن السحابة لتسقط علي هيئة أمطار.. والاستمطار الديناميكي في هذه التقنية يتم في ضوء التيارات الهوائية الرأسية دفع المياه من خلال الغيوم ورش السحب الركامية المحملة ببخار الماء الكثيف بواسطة الطائرات برذاذ الماء ليعمل علي زيادة تشبع الهواء وسرعة تكثف بخار الماء لإسقاط المطر, وهذه طريقة تحتاج إلي كميات كبيرة من الماء وتجلب المزيد من الامطار.. والاستمطار الاسترطابي: في هذه التقنية يتم استخدام متفجرات وقنابل لتفريق الأملاح من خلال الاجزاء السفلي من السحب, الأملاح تجذب جزيئات الماء وتنمو في الحجم وتنخفض بعد ذلك إلي أسفل علي شكل أمطار بعد ثقل وزنها, ومع ذلك هذه التقنية لاتزال بحاجة إلي مزيد من الأبحاث. وتعتمد كمية المادة المستخدمة في عملية الاستمطار علي سماكة السحب مع الأخذ بعين الاعتبار أن درجة الحرارة أثناء تنفيذ العملية تكون أقل من درجة التجمد(0 م) وتتأثر المركبات المستخدمة أيضا بأشعة الشمس فتتناقص كلما زادت فترة التعرض لأشعة الشمس. وعن الجدوي الاقتصادية لعملية استمطار السحب, يضيف د.طارق قطب خلال التجارب التي أجريت في مجال زيادة الأمطار فان النتائج كانت في أغلبها متفاوتة بين الزيادة والنقصان في كميات الامطار, ويعد التحكم في معدل سقوط المطر الاصطناعي ومكان سقوطه من أهم المشكلات التي تواجه العلماء المختصين في مجال علم الأرصاد إلا أن عملية استمطار السحب عملية غير اقتصادية ومكلفة. ويذكر أن الصين قامت في عام2009 باستخدام وسائل صناعية لاسقاط الأمطار علي سبع مقاطعات علي الأقل لتخفيف حالة الجفاف النادرة في ذات الحين, ووفقا لبيان نشرته أن مسئولي الأحوال الجوية أطلقوا2392 قذيفة مدفعية و409 صواريخ في127 عملية لاستمطار السحب مما أدي إلي سقوط أمطار بارتفاع يتراوح بين واحد إلي خمسة ملليمترات من الأمطار علي17 محافظة ومدينة صينية كما قامت السعودية بإجراء تجربة استمطار كلفتها نحو(75) مليون ريال سعودي وتبين للخبراء القائمين علي هذا المشروع أنهم لا يستطيعون تحديد سقوط المطر بعد عملية رش الطائرات, فقد يبدأ المطر بالتساقط مباشرة وقد يتأخر عشر دقائق وقد يستمر ساعة أو أكثر, وتبين أن بعض السحب التي تم رشها علي منطقة الرياض لم تمطر إلا علي المنطقة الشرقية, وبعضها علي دول الخليج, وهذه الحقيقة معترف بها عالميا والقاضية بعدم الجزم بسقوط الأمطار علي منطقة معينة بدقة. ويؤكد قطب أن نجاح هذه العمليات سوف يغني عن فكرة تحلية مياه البحر وتوفير تكلفة مصاريف إنشاء محطات للتحلية.