الدعاء عبادة تقوم على سؤال العبد ربَّه والطلب منه، وهو من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، وهو مِنْ أَنْفع الأدوية للأمراض، وسببٌ لدفع المكروهات والكربات، وهو استعانة من عاجزٍ ضعيف بقويٍ قادر، واستغاثة من ملهوف بربٍ مُغيث. أسباب قبول الدعاء : الإخلاص : يأتي في مقدمة شروط قبول الدعاء الإخلاص لله، وإفراده سبحانه بالقصد والتوجه، فلا يدعو العبد إلا الله، ولا يسأل أحداً سواه، قال الله تعالى: { فَ0دْعُواْ 0للَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ 0لدّينَ }( غافر الآية:14)، وقال تعالى: { وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا }(الجنّ الآية: 18) . الاطمئنان واليقين بقبول الدعاء : من أسباب قبول الدعاء قوة اليقين بقبول واستجابة الله عز وجل له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) رواه الترمذي، فعلى المسلم أن يطمئن ولا يتردد، ولا يستعجل الإجابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئتَ، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء، لا مُكْرِهَ له ) رواه البخاري . الخوف والرجاء وخفض الصوت في الدعاء : يقول الله عز وجل : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }(الأعراف الآية 55 : 56)، ويُستنبط من ذلك وجوب الخشوع والتضرع والرجاء في الدعاء . قال ابن كثير في تفسيره: " { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } قيل معناه: تذللا واستكانة، { وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا }: خوفا مما عنده من وبيل العقاب، وطمعا فيما عنده من جزيل الثواب " . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس، ارْبَعُوا (هونوا وأشفقوا) على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إنكم تدعون سمعيا قريبا، وهو معكم ) رواه البخاري . الكسب الحلال : أمرنا الله سبحانه بذلك فقال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }(البقرة الآية: 168)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس !، إنَّ الله طيب لا يقبل إلاّ طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم }()، وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }(البقرة الآية : 172)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبرَ ، يمدُّ يدَيه إلى السماء يا ربِّ يا ربِّ ! ومطعمُه حرامٌ ، ومشربُه حرامٌ ، وملبسُه حرامٌ ، وغُذِيَ بالحرامِ ، فأنَّى يُستجابُ لذلك ) رواه مسلم . الدعاء بالخير وعدم الاستعجال : عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما على الأرضِ مسلِمٌ يدعو اللَّهَ تعالى بدعوةٍ إلَّا آتاهُ اللَّهُ إيَّاها، أو صرفَ عنْهُ منَ السُّوءِ مثلَها، ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ، فقال رجلٌ منَ القوم: إذًا نُكثرُ، قال: الله أَكثَرُ ) رواه الترمذي . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟، قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويَدَعْ (يترك) الدعاء ) رواه مسلم .
أسباب عدم قبول الدعاء : – عدم الإخلاص فيه : لأن الله تعالى يقول: { فَ0دْعُواْ 0للَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ 0لدّينَ }(غافر الآية :14)، وقال تعالى: { وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا }(الجنّ الآية : 18)، فالذين يدعون أصحاب القبور والأضرحة والأولياء والصالحين، أو يشركونهم مع الله في دعائهم، فهؤلاء لا يستجيب الله دعاءهم، فالله سبحانه أمرنا أن ندعوه مباشرة من غير واسطة أحد، فقال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }(البقرة الآية : 186)، وقال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }(غافر الآية :60 ) . أكل الحرام وشرب الحرام ولبس الحرام : من أعظم موانع استجابة الدعاء أكل وشرب ولبس الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك ) رواه مسلم . القلب الغافل : من موانع قبول الدعاء أن يدعو الإنسان وقلبه غافل عن ذكر الله وطاعته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه ) رواه الحاكم . عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من أسباب عدم قبول الدعاء ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ) رواه الترمذي . الدعاء بإثمٍ وشَرّ، واستعجال القبول : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟، قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويَدَعْ (يترك) الدعاء ) رواه مسلم، وفي رواية ابن حبان: ( لا يزالُ يُستجابُ للعبدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحِمٍ ما لَمْ يستعجِلْ، قيل : يا رسول الله ما الاستعجال؟، قال: يقول: يا ربِّ قد دعَوْتُ وقد دعَوْتُ فما أراكَ تستجيبُ لي، فيدَعُ الدُّعاءَ ) . قال ابن القيم: " ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء: أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدَعَ الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله " . المعاصي : صاحب المعصية يتسبب في حرمان نفسه من النعم التي من جملتها استجابة الدعاء، فإن المرء قد تصيبه المصيبة ويُحرم النعمة بسبب ذنب أذنبه، قال الله تعالى: { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }(الشورى الآية: 30 )، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " بالورع عمَّا حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح "، وقال أحد السلف: " لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي " . أدعية مأثورة بين يديك – أخي الكريم – جملة من الدعاء المأثور الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم والوارد عن السلف الصالح، لتجتهد في هذا الشهر الكريم، ولا سيما وقد ثبت في "مسند" الإمام أحمد و"جامع الترمذي" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم). فاحرص على الاجتهاد في الدعاء، فلعل الله أن يتقبل منك دعوة تكون فيها نجاتك في الدنيا والآخرة. 1.عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات) رواه مسلم. 2. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم) متفق عليه. 3. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم: (يتعوذ من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جَهْد البلاء) رواه مسلم. 4. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) رواه البخاري. 5. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوات: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يُسمع، ونفس لا تشبع)، ثم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع) رواه النسائي، وصححه الألباني. 6. عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) رواه أبو داود. 7. عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) رواه البخاري. 8. عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: (اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا) رواه ابن ماجه. 9. عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال: دعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك بَرْد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين) رواه النسائي.