لم يستطع 5 لواءات تعاقبوا على وزارة الداخلية، خلال السنوات ال5 التى أعقبت ثورة 25 يناير، وضع حل حاسم لأزمة أمناء وأفراد الشرطة بالوزارة، وهو ما هدد الوزارة أكثر من مرة بالتفسخ، وعرضها لأزمة كادت تهدمها من الأساس، فى الوقت الذى تخوض فيه حرباً شرسة ضد جماعات إرهابية تستهدف هدم الدولة وإغراق البلاد فى مستنقع من الدم والخراب. يعيش أمناء وأفراد الشرطة أزمة مزدوجة إذ إنهم يستحقون العطف داخل هرم وزارة الداخلية المقلوب، لأن اللواءات وسائر الضباط على اختلاف رتبهم يحصلون على رواتب أكبر ورعاية صحية أفضل ووضع اجتماعى رفيع، لكنهم فى الوقت نفسه السبب الأساسى فى السمعة السيئة التى لصقت بالوزارة بسبب طبيعة تعاملهم مع المواطنين فى الأقسام، خاصة أنهم يسيطرون على تفاصيل العمل اليومى المرتبط بمصالح المواطنين، وهو ما أدى فى النهاية إلى اندلاع ثورة 25 يناير باحتجاجات ضد الوزارة فى البداية قبل أن تمتد إلى سائر نظام الرئيس الأسبق، حسنى مبارك. يتلخص الوجه القبيح للأمناء فى أنهم يسيطرون على تفاصيل العمل اليومى فى الأقسام والإدارات الأمنية بوزارة الداخلية، وقادرون على تحويل حياة أى مواطن إلى جحيم، بوضع اسمه داخل محضر، أو إدراجه فى كشوف تنفيذ الأحكام سواء كان الأمر حقيقياً أو مجرد محاولة للابتزاز، ويعرف أهالى المرج الأمينين "محمد وسامح" اللذين يعملان بوحدة تنفيذ الأحكام بقسم المرج، جيداً، حيث يفرضان إتاوة على مقاولى المنطقة ويجران من يرفض إلى القسم يومياً بزعم تنفيذ أحكام قضائية، وينافسهما فى الشهرة زميلهما أبوباشا بوحدة مباحث تنفيذ الأحكام بقسم شبين القناطر الذى يساوم المحكوم عليهم بالمنطقة لعدم تنفيذ الأحكام. ووصل حد ابتزاز الأمناء إلى التلويح بالادعاء على المواطنين بالانتماء لجماعة الإخوان حيث تحقق النيابة فى واقعة تعاون نبهان أمين الشرطة بمنطقة المنزلة بمحافظة الدقهلية، مع أحد المدرسين، فى ابتزاز مواطنين بتهديدهم بإدراج أسمائهم ضمن أعضاء الجماعة الإرهابية، حيث أمرت النيابة بحبس المدرس فيما استطاع الأمين الهرب. ورغم معرفة الوزارة الدقيقة لممارسات الأمناء، إلا أن أحداً لا يجرؤ على المواجهة الصريحة لهم، إذ إنهم يملكون تفاصيل العمل الأمنى، ويعرفون جميع المجرمين على اختلاف تخصصاتهم وهم المنوط بهم جمع التحريات، والتحقيق الأولى الذى قد يتم استخدام العنف فيه. الأمناء يمثلون العمود الفقرى للجهاز الأمنى حيث يصل عددهم ل360 ألف أمين، وهو 10 أضعاف ضباط الوزارة، يقفون عقبة أمام أى وزير يرغب فى إصلاح أو إعادة هيكلة الوزارة. يصل الراتب الأساسى للأمين إلي 300 جنيه، وتراوح إجمالى ما يحصل عليه بعد المكافآت والحوافز من 1500 جنيه حتى 7500 جنيه، ويتمتع العاملون منهم فى الإدارات المميزة مثل الكهرباء والتهرب الضريبى، وشرطة المواصلات والأمن الوطنى والأمن العام وتصاريح العمل، بالحد الأقصى للدخل حيث يحصلون على 300% من الحافز الأساسى وهؤلاء يمثلون 10% فقط من عدد الأمناء.أما البقية فيعملون فى إدارات لها تعامل مباشر مع المواطنين مثل المرور والمباحث والترحيلات والمرافق، لكنهم قادرون على الوصول براوتبهم إلى عدة أضعاف من خلال المواطنين بفرض إتاوة على أى خدمة داخل القسم. ويعمل 80% من الأفراد والأمناء بعيداً عن أماكن إقاماتهم الأصلية، وينتقلون من العمل إلى المنزل والعكس، عبر الميكروباصات حيث يفضل السائق ركوب الأمين لأنه يمثل حماية له من التفتيش وتحرير المخالفات، لدرجة أن بعض تجار المخدرات استغل هذه النقطة لتوصيل المخدرات إلى الزبائن فى غفلة من الأمين الطامع فى توصيلة، ومؤخراً عوقب أمين يدعى محمد صلاح يعمل بإدارة المخدرات بالقاهرة، بالسجن 10 سنوات بعد القبض عليه أثناء استقلاله سيارة أثناء عودته إلى منزله فى بنها تم العثور على مخدرات بها. ويوجد نظامين لتشغيل الأفراد والأمناء، الأول بعمل الأمين المتوطن الذى يعمل فى نفس المنطقة المقيم بها لمدة 12 ساعة، ويحصل على راحة 24 ساعة، بينما يعمل الامين المغترب 24 ساعة مقابل 48 ساعة راحة أو العمل 36 ساعة مقابل 72 ساعة، والنوع الأخير غير مناسب لأى إنسان، خاصة إذا كان قائماً على حراسة منشأة عامة أو خاصة أو فى كمين.