■ المعلنون حولوا مقدمى البرامج لنجوم فأصبح التحكم فيهم سهلاً رغم أن الإعلان هو العصب الرئيسى لأى مؤسسة إعلامية صحيفة كانت أو إذاعة أو تليفزيون، إلا أن وسائل الإعلام أيضاً تعد أداة رئيسية بالنسبة للمعلن لا يستطيع الاستغناء عنها، لأنها الطريق الأسرع للوصول إلى الجمهور المستهدف وإقناعه، ولا يتخيل أحد أن الإعلان ليس مهماً بالنسبة للجمهور أيضاً فهو وسيلة أساسية يعرف منها الجمهور معلومات عن المنتج الذى يرغب فى شرائه، وفى تحديد العلاقة بين الإعلان والمعلن والوسيلة والجمهور وهل يستغل الإعلان أهميته عند وسائل الإعلام ويمثل ضغوطاً، أجرى الباحث طلال صدقى محمود ذكى دراسة ميدانية بعنوان «تأثير الضغوط الإعلانية على الأداء الإعلامى فى البرامج الحوارية بالقنوات الحكومية والخاصة»، وهى رسالة تقدم بها لجامعة القاهرة لنيل درجة الماجستير فى الإعلام. ما شغل الباحث فى هذه الدراسة هو أن عالم السموات المفتوحة أدى إلى انتشار المئات من القنوات الفضائية بمختلف اتجاهاتها وأصبحت جميعاً تتنافس على جذب المشاهدين إليها، والقناة التى تجذب أكبر عدد من الجمهور هى التى تصبح هدفاً لأصحاب الأعمال، ليس ذلك فحسب بل أصبحوا ينتظرون أوقات الذروة ويتهافتون عليها ليضمنوا وصول رسائلهم الإعلامية للجمهور، ولأن برامج «التوك شو» حازت على اهتمام الجمهور وأصبحت جزءاً من طقوس حياته اليومية، فتهافت المعلنون على هذه البرامج ولم يكتفوا بالإعلان فيها، بل حولوا مقدميها من مجرد إعلاميين أو صحفيين يقدمون خدمات إعلامية للجمهور، إلى نجوم فضائيات أياً كان مستواهم المهنى، لينافسوا فى الشهرة نجوم السينما والغناء، وبالتالى يسهل على الوكالات التحكم فى المضامين التى يقدمونها مما يفسد العمل الإعلامى ويقضى على حق المتلقى فى المعرفة المحايدة. خاصة فى ظل غياب أى تقييم لنسب المشاهدة، وهو الأمر الذى تستغله شركات الإعلان وتنشر ثقافة أن أكثر البرامج نجاحاً هو أكثرها إعلاناً رغم أن هذا يتنافى مع الواقع، لذا سعى الباحث فى هذه الدراسة لتحليل مدى وجود تأثير الإعلان على الأداء الإعلامى فى البرامج الحوارية، واختار عينة عشوائية من العاملين بالبرامج الحوارية عددها 400 مفرقة ما بين مخرجين ومعدين ومذيعين ورؤساء تحرير، بنسبة 50% إناثاً و50% ذكوراً، وكذلك 50% عاملين فى القنوات الخاصة و50% عاملين فى القنوات الحكومية، وتراوحت أعمارهم ما بين ال 30 و60، فى درجات علمية مختلفة، وقام بدراسة استطلاعية، ومقابلة عدد كبير من القائمين بالعمل فى البرامج الحوارية وسألهم عن تعرض كل منهم لضغوط مهنية فكانت الإجابة بنعم بنسبة 90% بينما جاءت الإجابة بلا عند 10 % فقط من العاملين. وعندما سألهم عن أبرز الضغوط المهنية التى يتعرضون لها فجاءت النتيجة الوكالات الإعلانية والإعلان فى المرتبة الأولى بنسبة 85%، والفكرة فى المرتبة الثانية بنسبة 80%، والحكومة فى المرتبة الثالثة بنسبة 55%، وكانت باقى الاختيارات هى المشاهد، استبعاد الضيوف، واختيار المعد. وبسؤال العينة عن مدى تدخل الوكالات الإعلانية فى المضمون فكانت 75% من عينة الدراسة ترى أن الوكالات تتدخل أحياناً بينما اعتبر 25% أنها تتدخل بشكل مستمر. واكتشف الباحث أن النسبة الكبيرة من العينة أكدت أن وكالات الإعلان تتدخل فى مضمون البرامج وفى اختيار مقدم البرنامج، والفكرة والإعداد، وكذلك نوعية الضيوف الجاذبة للإعلان، ومن خلال الدراسة الاستطلاعية التى أجراها استطاع أن يتيقن أن هناك ضغوطاً يمارسها الإعلان على الأداء الإعلامى، وقرر أن يعرف طبيعة هذه الضغوط الإعلانية التى تمارسها الوكالات، وكيف يرى القائمون بالاتصال تأثير هذه الضغوط على الأداء الإعلامى، وهل تلتزم البرامج بالمسئولية الاجتماعية والتعبير عن مصالح الجماهير، وهل يختلف الأمر بين القنوات الفضائية الحكومية والخاصة؟! وجاءت النتائج كالتالى أن معظم العاملين فى القنوات الحكومية والخاصة أجمعوا أنهم أحياناً يواجهون معوقات أثناء تأدية عملهم، وأن نصف العينة فى القنوات الخاصة والحكومية يحرمون من فرص الكسب والترقى بسبب الضغوط الإعلانية، وعن مدى الشعور بالتمييز بين فريق العمل فى البرامج الحوارية نتيجة تدخل الوكالات الإعلانية فى العمل، كانت النتيجه أن أكثر من نصف العينة أحياناً بنسبة 56% يشعرون بالفرق والتمييز فى البرامج الحوارية نتيجة تدخل الوكالات الإعلانية، وعن أهم المهن فى البرامج الحوارية التى يتم الاهتمام بها لدرجة كبيرة من وكالات الإعلانية هل هى المذيع أم المخرج أم المصور أم المعد أو رئيس التحرير، جاءت النتائج فى القنوات الحكومية كالتالى المذيع فى المرتبة الأولى بنسبة 84% ثم رئيس التحرير فى المرتبة الثانية بنسبة 39% وبعده المخرج بنسبة 25% ثم المعد بنسبة 22% والمحرر بنسبة 6.5% وأخيراً المصور بنسبة 5,5%. أما القنوات الخاصة فجاءت نتائجها كالتالى المذيع فى المرتبة الأولى بنسبة 90% بينما رئيس التحرير فى المرتبة الثانية بنسبة 30% ثم المعد ب 11% وبعده المخرج والمصور والمحرر فى المرتبة الأخيرة أيضاً.