قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن الخطاب الديني لازمة من لوازم الشريعة السمحة، وأن قضية التجديد بدأت مع بداية الإسلام. وأوضح أن أول من نشر الخطاب الديني وطبق التجديد فيه هو النبي صلي الله عليه وسلم، فكان النبي صلي الله عليه وسلم في البداية ينهي عن تدوين السنة, وكان يأذن فقط بتدوين القرآن الكريم، مخافة الخلط بين القرآن والسنة، ولكنه صلي الله عليه وسلم هو أيضا الذي أذن للصحابة بتدوين السنة بعد ذلك بعد أن زال سبب المنع، حين اطمأن إلي أن الصحابة أصبحوا أهل فصاحة وبيان ولديهم القدرة علي أن يفصلوا بين ما هو قرآن وما هو سنة. فهذا نوع من التجديد، كذلك نهي النبي عن زيارة القبور ثم بعد فترة دعا لزيارتها للعظة والاعتبار ففي الحديث»ألا قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» وهذا تجديد أيضا.
وكذلك الصحابة بعد النبي صلي الله عليه وسلم مارسوا التجديد في عهد أبي بكر حينما اتفقوا علي وقف صرف نصيب المؤلفة قلوبهم من الزكاة برغم وجود نص قرآني، بعد أن أعز الله دينه، وهذا تجديد، وهكذا فالتجديد لم يكن قضية معاصرة ولا مستحدثة.
وأكد "شومان"، أنه لا خلاف بين علماء الأزهر علي ضرورة التجديد ورأي الأزهر في ذلك أن من لا يجدد يخالف الشريعة، واستعرض وكيل الأزهر، رؤية الأزهر للتجديد وآلياته، مشيرا إلي أن التجديد هو استعادة الخطاب الديني لطريقه الصحيح، فالخطاب مختطف من قبل متطفلين أو من أقحموه في أمور السياسة، ولابد من إبعاده عن المصالح الضيقة والسياسية، مع ضرورة النظر في الأمور المتغيرة التي تقبل ذلك، كما ذكر الإمام الأكبر في مؤتمر الإفتاء الأخير.
وقال "شومان"، أن التراث فوق رءوسنا في الأزهر لن نبتعد عنه قيد أنملة، وأشار إلي أن جهود الأزهر في تجديد الخطاب الديني ظلمت ظلما كبيرا، فالأزهر بدأ منذ أكثر من عام ونصف بتطوير المناهج التعليمية قبل الجامعية كما يعكف الآن علي تطوير مناهج المرحلة الجامعية، وهناك الكثير والكثير في ملف تطوير وإصلاح التعليم الأزهري، فضلا عن القوافل الدعوية والمرصد الإلكتروني الذي أنشئ مؤخرا باللغات الأجنبية لنشر صورة الإسلام الصحيح والرد علي الشبهات، وفتح مجال الدعوة لأول مرة أمام النساء لتخريج وإعداد داعيات.
وقال إن الأزهر بصدد إنشاء مركز للفتاوي المباشرة بالمشيخة للإفتاء المباشر علي مدار الساعة لخدمة الدين والدعوة أيضا, ومن جانبه أوضح الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي نائب رئيس الرابطة العالمية لخريجي الأزهر, وزير الأوقاف الأسبق, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن قضية تجديد الخطاب الديني قضية مجتمع وقضية أمة، كما أنها قضية كثر فيها اللغط وتم فهمها فهما خاطئا، حتي فُهم التجديد علي أنه تبديد، وأصبح كل امرئ يقحم في هذه القضية ما ليس منها.
وأوضح القوصي، أن التجديد لا يكون إطلاقا بإزاحة الأصول الثابتة، ومن يبغي بتجديد الخطاب الديني النأي بالحاضر والمستقبل عن تلك الأصول الثابتة فهو غالق ويجب أن ينتبه، جاء ذلك في المؤتمر العلمي لرابطة خريجي الأزهر والذي أقيم بمركز زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة الأزهر، بعنوان "قضايا الخطاب الديني بين التراث والمعاصرة، من الشباب إلي الشباب".
وأكد وزير الأوقاف الأسبق، أن الأزهر الشريف ماضيا وحاضر أو مستقبلا يحافظ علي ذلك ولن يحيد عنه. ولفت إلي إن هناك افهاما هي السبب فيما نعانيه الآن من موجات الإرهاب تسبب فيها الخلط بين لعبة السياسة والدين، وليس المقصود بالسياسة هنا السياسة الشرعية التي تعني صلاح الدين والدنيا، فهناك أناس يحاولون أن يجعلوا لعبة السياسة جزءا من الدين، بينما هو استخدام للدين في غير موضعه، وما هذه الفتن التي نعيشها إلا بسبب هذا الخلط الشنيع , واستغلال البعض النصوص في غير موضعها .
وفي كلمته تحدث الدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر عن مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورة الحفاظ عليها، مشيرا إلي أن الطامة الكبري التي تواجه قطاع الدعوة والتجديد بشكل عام هو أن يتصدي لهذا المجال غير المتخصصين ويقوم بالإفتاء غير المؤهلين لذلك، ومن المؤسف أن يفسح الإعلام لهؤلاء ويمنحهم لقب داعية أو مفكر إسلامي.