تبنت كتيبة عقبة بن نافع الهجوم الإرهابي ضدّ وحدات الجمارك التونسية في منطقة بوشبكة التابعة لمحافظة القصرين (وسط غرب) قرب الحدود مع الجزائر. وأدى هذا الهجوم إلى مقتل أحد عناصر الجمارك وإصابة ثلاثة آخرين. وأوضح وزير المالية التونسي سليم شاكر المسؤول عن الجمارك، في تصريحات إذاعية، أن "المجموعة الإرهابية التي استهدفت دورية قرب المركز الحدودي ببوشبكة أطلقت النار على السيارة قبل مهاجمة عناصرها"، مؤكدا أنه سيتم نقل الجرحى في أقرب وقت ممكن إلى المستشفى العسكري في تونس. بحسب "العرب اللندنية" ووصف الوزير العملية الإرهابية ب"القاسية"، معتبرا أن الهدف منها إسقاط الدولة عبر ضرب سلك الجمارك بعد استهداف وحدات الأمن والجيش. وأكد أن الجمارك ماضية في عملها ولن يثنيها أي عائق عن مواصلة مهامها، مشيرا إلى وجود تنسيق مكثف مع المؤسسة العسكرية والسلطات الأمنية. وأدانت الخارجية الفرنسية أمس الإثنين، هذه العملية الإرهابية، مؤكدة في بيان لها تضامنها مع السلطات والشعب التونسي ووقوفها إلى جانبهم في مقاومة الإرهاب. وأفادت كتيبة عقبة بن نافع في بيان نشر على مواقع جهادية بأنها قامت بنصب كمين لوحدات الجمارك في معبر بوشبكة الحدودي الذي زاره رئيس الحكومة الحبيب الصيد مؤخرا، لمعاينة ظروف عمل شرطة الحدود والجمارك. ويبدو أن الكتيبة الإرهابية أرادت من خلال هذا الهجوم بعث رسائل إلى الحكومة مفادها أن قواتها لم تتقهقر بعد الضربات القاصمة التي تلقتها بموت أبرز قادتها. واعتبر مراقبون أن هذا الهجوم يؤكد أنه رغم تفكيك البنية اللوجستية لكتيبة عقبة بن نافع بالقضاء على زعيمها لقمان أبوصخر، إلا أن العديد من المجموعات المسلحة ما تزال منتشرة في الجبال ومن المرجح أن تقوم بعمليات انتقامية أخرى. يذكر أنه منذ أسابيع، أعلن وزير الداخلية التونسي، ناجم الغرسلي، القضاء على معظم قيادات كتيبة عقبة بن نافع، خلال عملية أمنية تم تنفيذها ضد قادتها جنوبي البلاد. وقال الغرسلي في مؤتمر صحفي، آنذاك، إن العملية "أسفرت عن مقتل 5 عناصر إرهابية، أبرزهم مراد الغرسلي، المُكنى بأبوالبراء، والذي خلف الجزائري، خالد الشايب، الملقب بلقمان أبوصخر، في قيادة التنظيم، بعد مقتله في عملية أمنية مماثلة في مارس الماضي، بمحافظة قفصة". وتعد كتيبة عقبة بن نافع امتدادا لداعش في تونس بعد أن أعلنت مبايعتها للبغدادي وتمثل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار البلاد. ومعلوم أن هذه الكتيبة تعتبر البلاد التونسية دار حرب والتونسيين من "الكافرين"، لذلك يجوز قتالهم والتنكيل بهم، غايتها إقامة دولة الخلافة والإطاحة بمؤسسات الدولة. وكتيبة عقبة بن نافع تعدّ أول تنظيم يتأسس في تونس وله ارتباط بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كما له علاقات وثيقة بكتيبة الفتح المبين الجزائرية. وتستقطب الكتيبة الشباب المتبني للفكر الجهادي الذي يتم إرساله إلى ليبيا لتقلي تدريبات عسكرية من أجل القيام بهجمات إرهابية في تونس فيما بعد. واعتبر مراقبون أن الضربات القاصمة التي تلقتها كتيبة عقبة بن نافع لا تعجّل بزوالها كما ذهب إلى ذلك عدد من الخبراء العسكريّين، موضحين أنها تتلقى الدعم اللوجستي والمادي والبشري من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المتمركز في الجزائر. وأفادوا بأن الكتيبة ستبقى قادرة على التجدد رغم الخلافات والانشقاقات التي شهدتها منذ مقتل قائدها لقمان أبوصخر والتي ساعدت قوات الأمن على محاصرتها والقضاء على أغلب عناصرها. وأشاروا إلى العدد الكبير للشباب التونسي المنضوي تحت لواء التنظيمات الجهادية المتطرفة في بؤر التوتر وإمكانية عودتهم لإحياء الكتيبة. ويتصدر التونسيون، بحسب تقارير استخباراتية دولية، مراتب متقدمة في عدد الجهاديين الذين يقاتلون ضمن التنظيمات المتشددة في العراقوسوريا وليبيا والجزائر، وأبرزها تنظيما داعش وجبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة). ويسافر أغلب هؤلاء عبر الأراضي الليبية وتركيا ومنها ينطلقون إلى سورياوالعراق. وكانت الداخلية التونسية قد ذكرت في فبراير الماضي، أن عدد الجهاديين التونسيين في بؤر التوتر بالخارج يتراوح ما بين 2500 و3000 من بينهم أكثر من 500 عنصر عادوا إلى البلاد، وقد أحيل عدد منهم إلى القضاء في حين يخضع آخرون إلى المراقبة الأمنية. ومنعت السلطات التونسية في مارس 2013، أكثر من 12 ألف شاب من السفر لشبهة الالتحاق بمناطق القتال خارج البلاد. هذا وأعلنت وزارة الداخلية التونسية، أمس، أن جهاديا قتل واعتقل 16 شخصا بشبهة الإرهاب، كما تم ضبط كميات من الأسلحة خلال سلسلة عمليات لقوات الأمن في منطقة بنزرت في شمال تونس.