اتهم وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، أمس الإثنين، مجموعة تابعة لأحزاب سياسية لديها أجندة، بافتعال أعمال الشغب التي شهدتها العاصمة بيروت ليلة أمس، مشيدًا بدقة القوى الأمنية في تعاملها مع المدنيين. وقال المشنوق من السراي الكبير حيث مقر الحكومة اللبنانية "كانت هناك حملة مدنية سلمية لها الحق بالتظاهر، وكانت هناك مجموعة تابعة لأحزاب سياسية لديها أجندة" من دون أن يسميها. بحسب "العرب اللندنية" ويبدو أن أعمال الشغب التي رافقت الاحتجاجات دفعت المحتجين إلى إرجاء التظاهرات المناوئة للحكومة خشية ركوب أطراف سياسية على أهدافها للوصول إلى تحقيق غايات سياسية. وأرجأ محتجون لبنانيون التظاهرات بعد يومين من التظاهرات بسبب أزمة القمامة التي ولدت مواجهات عنيفة وهددت بقاء الحكومة ما عمق من أزمة لبنان. وبلغ الغضب من الحكومة التي يقودها تمام سلام وتضم ساسة منقسمين في لبنان ذروته في الأسابيع الأخيرة وهو ما يجسد إخفاقا أوسع للدولة فالفرقاء السياسيون المتنافسون غير قادرين على الاتفاق على رئيس جديد منذ أكثر من سنة والتوتر الطائفي اتسع إلى أعلى مستوياته مع الحرب الأهلية المستعرة في سوريا المجاورة. وحث منسق الأممالمتحدة الخاص في لبنان جميع الأطراف على اتخاذ أقصى درجات ضبط النفس بعد الاحتجاجات التي يغذيها غضب شعبي بسبب فشل الحكومة في حل أزمة القمامة. وعانت حكومة سلام من حالة من التعثر جراء الخصومات السياسية والطائفية التي فاقمتها أزمات أوسع نطاقا في الشرق الأوسط ومن بينها الحرب في سوريا المجاورة. وكان سلام الذي أعرب مرارا عن إحباطه من إخفاق حكومته هدد الأحد بالاستقالة وهاجم السياسيين قائلا إن المشكلة الأكبر في البلد هي النفايات السياسية. وكشفت مصادر سياسية لبنانية أن ما يشهده وسط بيروت من تظاهرات، تحوّل إلى محاولة انقلابية يقودها حزب الله. وتستهدف هذه المحاولة إسقاط حكومة الرئيس تمام سلام بغية إيجاد فراغ على كلّ المستويات في البلد، خصوصا في غياب رئيس للجمهورية. وفي حال استقالة سلام فستظل الحكومة لتسيير الأعمال. ولكن استقالته ستتسبب في أزمة دستورية إذ أنه بحسب النظام اللبناني فإن الرئيس هو من يعين رئيس الوزراء. وأشارت هذه المصادر إلى أنّ حزب الله استطاع اختطاف التظاهرات وتحويلها إلى صدامات مع قوات الأمن التي تحمي السراي الكبير الذي هو مقر رئاسة مجلس الوزراء. من جهته شدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على "وجوب احترام الاستقرار والانتظام العام في البلد والحفاظ على تماسك الحكومة في ظل الفراغ الذي نعاني منه"، مؤكدا أن "الحل يبدأ بتوجه النواب إلى المجلس النيابي، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لتعود الحياة السياسية إلى طبيعتها". ورأى الأمين العام للتيار الأسعدي المحامي معن الأسعد أن "استهداف المتظاهرين بالاعتداء عليهم وقمعهم هو مخطط مرسوم من الميليشيات الحزبية التي اتحدت خوفا على مصالحها ومراكزها وصفقاتها المشبوهة واندسوا بين المتظاهرين وافتعلوا المشاكل وتناغموا مع القوى الأمنية التي قمعت التظاهرة السلمية". وتساءل "كيف جرى استعمال خراطيم المياه لقمع المتظاهرين، ولم يتوفر لدى القوى الأمنية خرطوم واحد لإطفاء الحرائق التي أشعلها المندسون المتحالفون مع بعضهم والذين أمعنوا تكسيرا وتخريبا من مخطط مشبوه من زعماء الطوائف والمذاهب الذين يتحكمون بمصائر البلاد والعباد". ونبه المنتفضين ضد الطبقة السياسية الحاكمة "إلى منع أي اختراق جديد لحراكهم الاجتماعي السلمي ووضع آلية لمنع المندسين الذي سيحاولون أخذ الأمور إلى التصعيد والتخريب، لإفشال أي تحرك من خلال افتعال المشاكل وتطييفها ومذهبتها". وأكد عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح أن التحركات كانت مدنية ورفعت الصوت بعد عدة قضايا أزعجت اللبنانيين جميعا، متهما في الوقت عينه "جهات حزبية مندسة معروفة بالدخول في التحرك بقصد التخريب والصدام مع الأجهزة الأمنية". وأشار المشنوق بعد لقائه مع رئيس الحكومة تمام سلام، في ختام جولة له وسط بيروت، لتفقد الأضرار الناجمة عن أعمال شغب أن "أحقية التظاهر دون التعرض للأملاك العامة مكفولة"، وقال "لن نتخلى عن حماية الشرعية، وهدفنا ضمان الأمن والأمان لكل المواطنين ولن نسمح لأحد بالدخول إلى حرم السراي أو مجلس النواب". من ناحيتها، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بيانًا، قالت فيه إن "أعمال الشغب التي وقعت ليلة الاثنين، وسط بيروت، أدت إلى سقوط 99 جريحًا من قوى الأمن الداخلي، وإصابة عدد من المتظاهرين، وتضرر عدد كبير من المحال والمطاعم والمباني والمنشآت الطرقية والآليات العسكرية". وكان الجيش اللبناني، معززا بمدرعات عسكرية انتشر في وسط بيروت، بعد فشل القوى الأمنية في إنهاء أعمال الشغب. وكانت القوى الأمنية اللبنانية فضت مساء الأحد، تظاهرة للآلاف من الناشطين اللبنانيين في ساحة رياض الصلح وسط بيروت حيث تظاهروا لليوم الثاني على التوالي، مطالبين باستقالة الحكومة وإسقاط النظام. واندلعت أعمال الشغب، بعد محاولات بعض المتظاهرين اقتحام مقر الحكومة اللبنانية، التي طالبوها بالاستقالة فورا، قابلتها القوى الأمنية بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. واتهم ناشطون من حملة طلعت ريحتكم المنظمة للحراك، متظاهرين وصفتهم بالمندسين بافتعال أعمال الشغب مع القوى الأمنية وتكسير المحال التجارية من أجل إفشال تحركهم السلمي. وتعتبر أزمة النفايات في بيروت، المحرك الرئيس للاحتجاجات الحالية في العاصمة، حيث دخلت شهرها الثاني في ظل غياب الحلول الجذرية، وتزايد مخاوف اللبنانيين من إعادة انتشارها في شوارع وأزقة العاصمة.