انتشرت في الفترة الأخيرة الكثير من الأمراض والأوبئة التي ألزمت الدول أن تغير خططها في الرعاية الصحية وتكلفها الكثير، ولكن يبدو أن هناك ماهو أخطر من الأوبئة والأمراض التي عرفناها الفترة الماضية ، فقد تردد مؤخراً مصطلح الباكتيريا المضادة أو الفائقة “superbug” وبدأت موجة من الإنذارات والتوعية لتلافي خطرها المحدق!! فما هي هذه الباكتيريا؟ هي عبارة عن نوع من الباكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ، أي أن من يصاب بها لا يمكن معالجته ويؤدي ذلك إلى وفاته وهذا معناه بلا مبالغة العودة إلى عصر ما قبل المضادات الحيوية!! ضحايا الباكتيريا المضادة حوالي 25000 شخص سنوياً ، وخصوصا نوع معين منها يسمى MRSA حيث أنها الأكثر انتشاراً لأنها تولَد سلالات جديدة أكثر مقاومة للمضادات الحيوية وأشد فتكاً. ولكن أين توجد هذه الباكتيريا؟ وماهو السبب في ظهورها؟
كانت هذه الباكتيريا في الأصل لا تشكل خطراً معيناً على الشخص الطبيعي ، ولكن مثلها مثل الإنسان تحدث بها طفرات جينية وتحولات ناتجة عن عوامل بيئية مختلفة فتتطور لتصبح أخطر مع الوقت ، ومن أهم العوامل التي تؤثر فيها وتؤدي إلى تطورها هي المضادات الحيوية! فتخيلوا أن استخدام المضادات الحيوية بكثرة وبشكل خاطيء يؤدي إلى خلق مثل هذه الباكتيريا الخطرة ، وبالتالي نجدها عادةً في المستشفيات حيث تكثر هذه المضادات. يمكن أن تعيش الباكتيريا على جسم الإنسان دون أن تؤذيه ، ولكنها تستغل مواطن الضعف فيه لتظهر وجهها الشرس وتفتك به فنجد أكثر الناس عرضةً لها هم من أجروا عمليات جراحية ومن تعرض لحادث أو النساء بعد الولادة حيث يكونون في أشد حالاتهم ضعفاً.
هل يعني هذا أن خطر هذه الباكتيريا محدق وآتٍ لا محالة؟ وهل سنجد أنفسنا عرضةً للفناء مع انتشارها؟ يمكننا أن نتقي شرها ونساهم في تقليل انتشارها وتطورها ، فبقليل من العناية والحرص عند التعامل مع المستشفيات أو موظفيها والذين يكونون أكثر عرضةً لها يمكن أن تقينا من خطرها، وذلك عن طريق غسل الأيدي بالمعقمات بعد أي احتكاك مع المرضى أو المستشفيات عموماً ، وأيضاً الحرص في استخدام المضادات الحيوية والرجوع دائماً للطبيب قبل استخدامها حتى لا نساعد الباكتيريا على التطور جينياً وتكف عن التأثر بالمضادات. وكما تقول الحكمة الوقاية خير من العلاج، وقانا الله وإياكم شر الباكتيريا المضادة