ترتفع القيم الروحانية فى شهر رمضان الكريم، وتمتلئ المساجد بالمصلين، ويجد كل شخص فى نفسه هوى لمسجده المفضل الذى يجد فيه راحته النفسية، وقد يكون مسجداً مجهولاً لا يعرفه أحد، ولكنه يجد فيه السكينة والطمأنينة التى يبحث عنها كل مسلم فى هذا الشهر الكريم لذلك تلقى "الفجر" الضوء على أهم المساجد المصرية. يرجع تاريخ مسجد يشبك من مهدي أو جامع الشيخ غراب كما يطلق عليه الآن، إلى القرن الخامس عشر ميلاديًا، تحديدا منذ 577 عامًا ويقع المسجد أمام قصر القبة الرئاسى، وبالرغم من طبقة التراب التي تعلوه، لكنه يُعد بحالة جيدة مقارنة بالآثار المصرية التي تعاني من الإهمال الشديد.
أما عن قصة صاحب المسجد فهو "يشبك" أحد المماليك الذين جلبهم السلطان الظاهر "جقمق" ليؤلف منهم بعد تربيتهم وتدريبهم حاميتة العسكرية.
وأصبح الأمير يشبك من مهدي الدودار مملوكا وهو في الثالثة عشرة من عمره، لذلك أعطى نعت الصغير، وكان مجهول الأصل فأعطي اسم النخاس أي تاجر الرقيق الذي اشتراه، "مهدى"، وكان أولاً مملوكا لدى السلطان الظاهر جقمق، وتولى عدة مناصب في عهده؛ وكذلك في عهد السلطان الأشرف إينال.
وفي عام 871ه - 1466م، أثناء حكم السلطان خشقدم، عين كاشفا للصعيد وأميرا لعشرة، وفي عهد السلطان قايتباي عين في منصب دوادار كبير أو المستشار؛ ويكون الأمير يشبك بشغله ذلك المنصب الرفيع قد قفز عدة مراتب في السلم الوظيفي المملوكي، ثم عين بعد ذلك وزيراً، وأصبح مسئولا عن الشئون المالية وقاد هذه الأمور بحكمة وخبرة.
وكان الأمير يشبك مختصا بالتصرف مع أولئك الذين يحاولون الاستيلاء على أراضي الدولة المملوكية، وقد نجح في إخماد الاضطرابات الداخلية.
واضطلع بإدخال تحسينات ملموسة؛ فأعطى اهتماما خاصا للطرق والأسواق وإصلاح المباني وقد عرف بشجاعته، وقد كان الأمير يشبك كريماً مع العلماء، وخاصة الفقراء منهم؛ كما أعتق عددا كبيرا من مماليكه، ومنحهم سبل العيش الرغد الحر.
وحينما تدخل إلى المسجد تشعر وكأنك انتقلت إلى زمن آخر تحديدًا إلى عصر المماليك، ولكن أكثر ما يجذب أنتباهك هو القبة التى أنشأها "يشبك من مهدى" فى سنة 1438م، وهو ما يجعله أقدم مسجد في حي حدائق القبة. وتتكون القبة من مربع كبير، طول ضلعه 13.75 متر، يرتفع عن مستوى الشارع بمقدار 2.5 متر، ونقش على القبة سورة آل عمران كاملة، وبأسفل المسجد دوراً أرضيا كان مستخدما كصهريج لتخزين المياه، ويبلغ الارتفاع الكلى للقبة عشرين متراً.
وأنشأ الأمير يشبك إلي جانبها مدرسة و دار سكن له و مباني كثيرة, وقد قام السلطان الغوري بإنشاء قصراً عظيما بجوارها و حفر بئرا ليستقي المسافرون و لم يتبق منها إلا القبة الحالية.
ويبلغ ارتفاع بابه 1.50م، وهو باب خشبي ذو إفريزين من النحاس أعلي و أسفل الباب و هو مدخل لبدروم أسفل القبة، وعلى جانبي الباب عمودين من الرخام "ثماني الأضلاع" لهما تاج على شكل لوتس، و للقبة "دَرج" من الرخام الأبيض عبارة عن سلم يمين و آخر يسار، و السلم عبارة عن 12 درجة رخامية، وهى تعتبر من أشهر القباب وأقدمها بمنطقة القبة بل ويرجح أن تكون سبب تسميت المنطقة بأسمها.