اتحاد عمال مصر يؤكد دعمه لحقوق الشعب الفلسطيني ويدين ممارسات الاحتلال    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة بنها الأهلية    وزير التموين عن توفير اللحوم قبل العيد: نتيح بدائل أمام المواطن بأسعار متميزة    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع وستوكس 600 يصعد 0.49%    الرقابة المالية تتقدم بمقترحات بشأن المعاملات الضريبية على الأنواع المختلفة لصناديق الاستثمار    ترامب: انتهيت من محادثة مع الرئيس الروسي بوتين استغرقت ساعة وربع    ترامب: إبرام اتفاق مع الرئيس الصيني سيكون أمرًا «في غاية الصعوبة»    رسميا.. الأهلي يعلن عن صفقة بيكهام في مطار القاهرة    الداخلية ترفع دجة الاستعدادات للحالة القصوى لتأمين احتفالات المواطنين بعيد الأضحى المبارك    مصرع طالب جامعي بطلقات نارية في الكرنك بقنا    قصور الثقافة تعرض "نويزي T.V" على مسرح السامر بالمجان    «إحلالٌ.. نعم! إغلاقٌ.. لا!»    حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن 22 صحفيا معتقلا بمناسبة عيد الأضحى    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    الوداد المغربى يستعجل رد الزمالك على عرض صلاح مصدق    المجلس القومي لحقوق الإنسان يوافق على استقالة مشيرة خطاب ويكلف محمود كارم بالرئاسة    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفياتها خلال عيد الأضحى    مروان عثمان يقود هجوم سيراميكا أمام الإسماعيلي في نصف نهائي كأس الرابطة    «معنى الرجولة و الشهامة».. كريم محمود عبد العزيز يحتفي بميلاد والده    دعاء يوم التروية لغير الحجاج .. اللهم إنى أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل    محمد بن رمضان يعيد أمجاد هانيبال مع الأهلي.. من هو وما قصته؟    نجم الزمالك السابق: وسط الملعب كلمة السر في مواجهة بيراميدز    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    عودة خدمات تطبيق انستا باي بعد توقف مؤقت نتيجة عطل فنى    دى لا فوينتى قبل قمة إسبانيا ضد فرنسا: لا نمل من الفوز ولدينا دوافع كبيرة    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    اتفاق تعاون بين «مصر للمعلوماتية» و« لانكستر» البريطانية    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    تأكيدا ل «المصري اليوم».. أيمن منصور بطل فيلم آخر رجل في العالم (البوستر الرسمي)    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    وفد من الأزهر والأوقاف والكنائس يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد الأضحى    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    هل تُجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة؟.. «الأزهر للفتوى» يرد    سيراميكا كليوباترا يفتح الخزائن لضم «الشحات وعبد القادر»    رئيس هيئة الاعتماد يعلن نجاح 17 منشأة صحية فى الحصول على اعتماد "جهار"    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    مدبولي: الإعلان عن إطلاق المنصة الرقمية لإصدار التراخيص خلال مؤتمر صحفي    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية الاحتساب في المجتمعات
نشر في الفجر يوم 10 - 06 - 2015

إن أهمية الاحتساب تظهر جلية في فرضيته، فلأهميته فرضه الله على الأمة، بل قد عده بعض أهل العلم ركنًا سادسًا للإسلام.
الحمد لله رب العالمين ميز من خلقه من شاء، واصطفى منهم من شاء، وأعز من شاء، وأذل من شاء، يعطي من يشاء ما يشاء، ويمنع من يشاء مما يشاء، له الأمر والنهي، وهو على كل شيء قدير؛ وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين، أعزه الله بالدين القويم، ورفع ذكره بعبادته لرب العالمين، وعلى آله الطائعين، وصحبه الصادقين وعلى من سار على نهجهم إلى يوم الدين وبعد:
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول أهل السنة والجماعة يعتقدون شرعيته بقلوبهم، ويقرون به بألسنتهم، ويؤدونه بجوارحهم بحسب استطاعتهم. فهو فريضة عظيمة فرضها الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، هي حصن الإسلام الحصين، ووثاقه المتين، فما ظهرت أعلام الشريعة في أمة وارتفعت، ولا فشت أحكام الإسلام وانتشرت، ولا خابت مساعي الإفساد واندحرت إلا بقيامها وتحقيقها.
إن صمام الأمان في هذه الأمة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأعظم المعروف الأمر بالتوحيد والنهي عن ضده، ثم ما يكون بعد ذلك من أصول الدين وثوابته، ونصرة الحق وأهله، ومدافعة الباطل وحزبه. لا يمكن للأمة أن تقوم لها قائمة وأهل الفساد فيه يرتعون ويلعبون، وبثوابت الدين، ومصالح الأمة العليا يعبثون.
إن أهمية الاحتساب تظهر جلية في فرضيته، فلأهميته فرضه الله على الأمة، بل قد عده بعض أهل العلم ركنًا سادسًا للإسلام كما قرر ذلك ابن بطال في شرحه على البخاري. بهذه الفريضة حمى الله أهل الإسلام من نزوات الشياطين ودعوات المبطلين، وأذل الله بها أهل المعاصي والمبتدعين، وما تحققت تلك الفريضة في أمة ووجدت في مجتمع إلا عم الخير والصلاح، وانتشرت أسباب النجاح والفلاح، وما عطلت في مجتمع وهمش دورها، إلا فشت فيه الضلالة، وشاعت الجهالة، واضمحلت الديانة، فبضعفها يستشري الفساد، وتخرب البلاد، ويهلك العباد، وإذا لم يقم بها عقلاء كل بلد فعلى معالم الإسلام السلام.

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مناط خيرية هذه الأمة يقول تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" [آل عمران:110]، ومن اتصف بهذه الصفات دخل معهم في هذا المدح، قال قتادة : بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حجة حجها، رأى من الناس رعة "أي سوء خلق" فقرأ هذه الآية: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ"، ثم قال: "من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها" "تفسير ابن كثير [2/103]".
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى واصفًا حال الناس مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما كان عليه هو وأصحابه رأى قلة ديانة الناس في جانب الأمر والنهي، وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها، وهو بارد القلب وساكت اللسان شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة فيما جرى على الدين، وخيرهم المتلمظ المتحزن، ولو أنه نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله لبدل وتبدل، وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم، كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل" (إعلام الموقعين [2/198]).

إن من أعظم أسباب خراب الديار، وفساد الأرض والمجتمعات تركَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دَخَلَ صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين زينبَ بنت جحش رضي الله عنها فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا». قَالَتْ زَيْنَبُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟!" قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ» (أخرجه البخاري [3167]، ومسلم [2880]).
إن كثرة الخبث تؤذن بالعذاب الإلهي العام، والهلاك الشامل كما دل على ذلك الحديث، ولقد بوب الإمام مالك رحمه الله تعالى في الموطأ على هذا الحديث بابًا سماه: (باب ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة).

إن المجتمع المسلم لا يُحفظ بحفظ الله إلا إذا كان فيه من يقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولن يكون ذلك إلا بحرص الجميع على هذه الشعيرة الهامة، ومعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل عظيم من أصول الشريعة، وركن مهم من أركانها، فإنه من أعظم حقوق كلمة التوحيد، وهو من آكد قواعد الدين، وأعظم واجبات الشريعة، وأظهر شعائر الله، وأحد الثوابت في التشريع الإسلامي، ولا صلاح للعباد والبلاد في معاشهم ومعادهم، إلا بالقيام به، وإظهاره وتعظيمه وتكميله بحسب الاستطاعة، وعلى قدر التقصير فيه وإضاعته وإهماله يكون النقص وتحدث الفتن، ويظهر الفساد في الأرض؛ لهذا جعله الله من أعظم فرائض الدين وأوجبه على عموم المسلمين، كل حسب حالته وقدرته، ووصف سبحانه به المؤمنين الكُمَّل، وأثنى عليهم بالقيام به، والتعاون عليه والتواصي به، وشهد لهم بأنهم خير الناس وأكملهم إيمانًا، وأنفع الناس للناس، وأعظمهم إحسانًا إليهم؛ لأنهم أمروا بكل معروف، ونهوا عن كل منكر، فأمروا بكل ما أمر الله به ورسوله، ونهوا عن كل ما نهى الله عنه ورسوله، في كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وعالجوا كل مشكلات الحياة وأحوال الناس وفق شرع الله المطهر، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، فاتصفوا بالصلاح، وقاموا بأعظم مهمة في الإصلاح، وأخذوا بجميع أسباب الفلاح.
إن من حسنات الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر انقماع الفساد وأهله، وانخناس الشيطان وجنده، واندحار الشر وحزبه، فكلما نَشِطَ الخيرُ ضَعُفَ الباطل، وكلما أَشْرَعَ المعروف أعلامه، طوى الشر والفساد شِراعه؛ والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.