حلت أمس ذكرى ميلاد المبدع الراحل يوسف أدريس المولد في 19 مايو 1927 بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، ليكمل اسمه في دنيانا عامه ال88. وقدم يوسف إدريس منذ إنطلاقه ككاتب في خمسينيات القرن الماضي بمجموعته القصصية "أرخص ليال"، عام 1945، نموذجا مغايرا عن أبناء جيله وجيل الرواد السابق عليه للكاتب المثقف. درس يوسف إدريس الطب في جامعة القاهرة (تخرج عام 1947) حيث انخرط في الحياة السياسية والأدبية للعاصمة، وقدم أوائل كتاباته إلى الصحف وقتها، فنشر أعمالا قصصية بمجلة روزالوسف وجريدة المصري. تأثر بالأدب الروسي وطرقه في التعبير عن القرويين ومعاناة إنسان المدينة الجديد في القرن العشرين، ونسج لنفسه أدبا مميزا يطاول الآداب العالمية بعمق فهمه لمشكلات المجتمع ،وجعل النقاد يؤرخون للقصة العربية بظهور يوسف إدريس.. ما قبله ليس كما جاء بعده. ولم يتوقف سبق يوسف إدريس الأدبي على عالم القصة، ففي عام 1960 عزم على خلق مسرح مصري خاص عن طريق استخدام اللغة العامية وعناصر الدراما الشعبية التقليدية ومسرح خيال الظل، وقدم هذه الفكرة في سلسلة مقالات بعنوان "نحو مسرح عربي جديد" واتبعها بمحاولاته التطبيقية في مسرحيات "اللحظة الحرجة" و"الفرافير" و"المخططين". كما حاز يوسف إدريس على مكانته في الثقافة المصرية والعربية لاستكماله المشروع التنويري الذي كان بدأه الرواد من قبل.. فكما كانت قضية طه حسين التعليم وشعاره "التعليم كالماء والهواء"، رفع إدريس قضية التثقيف بشعار "أهمية أن نتثقف يا ناس" الذي أفرد له واحدا من أشهر مقالاته خلقت جدلا كبيرا وقتها. ولإدريس مقولة إن " كل الحرية المتاحة لنا لا تكفي نصف كاتب واحد"، وهي المبدأ الذي انطلق منه في طريق الإبداع المسرحي والقصصي والفكري، وسخر أعماله في تحطيم تابوهات مجتمعية تقف أمام الحرية كمفاهيم "العيب" و"الحرام"، وبعدما وجه اهتمامه لكتابة المقالات الصحفية في "المفكرة" على صفحات جريدة الأهرام كانت استكمالا لتوسيع رقعة الحرية التي كان يحلم بها وترجمت أعمال يوسف إدريس لأكثر من 20 لغة حول العالم، وقدمت على أعماله العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.