قال الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادى ومدير مركز الدراسات الإقتصادية أن الاتحاد الأوروبى مهدد بسبب ما اعلنه رئيس الوزراء اليونانى عن نيته فى الانسحاب من الاتحاد ومنطقة اليورو اضافة إلى توجهات اليونان الجديدة غير المريحة وفق المنظور الأوروبى لاقامة علاقات قوية مع روسيا التى يفرض عليها الاتحاد حظرا اقتصاديا على خلفية أزمة اوكرانيا ، الأمر الذى يجعل التمرد اليونانى على منطقة اليورو يزيد من حدة التوتر القائم بين الاتحاد الأوروبى وبين روسيا من جانب كما يعطى لروسيا مزيدا من نقاط القوة مما يؤدى إلى تنامى المخاوف الأوروبية.
واضاف الدكتور جودة فى تصريح خاص ل "الفجر" أن اليونان يمر بأزمة اقتصادية حادة وبلغ حجم الدين الخارجى فى 31 ديسمبر 2014 حوالى 370 مليار دولار ، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبى يفرض سياسات مالية تقشفية على اليونان مما كان له اثر سلبى فى زيادة الاحتقان الشعبى ، كما أشار إلى أن رئيس الوزراء الحالى اعلن رفضه لتلك السياسات التقشفية كما هدد من الانسحاب من منطقة اليورو.
وأوضح جودة أن الرئيس اليونانى قام بزيارة مهمة ومثيرة للجدل إلى روسيا مؤخرا مما اثار الحفيظة الأوروبية التى تنظر بعين القلق إلى السياسات الروسية تجاه منطقة اليورو ، مشيرا إلى أن تلك الزيارة تعد سابقة لفك الحظر الاقتصادى المفروض على روسيا.
واكد جودة، على أن تنامى العلاقات الروسية اليونانية سيكون له كبير الأثر الإيجابى على المجال الاقتصادي لدى البلدين ، حيث ستصدر روسيا إلى اليونان الطاقة وفى المقابل ستستورد المنتجات الغذائية التى تحتاج إليها بشدة بسبب برودة الطقس هذا بخلاف امكانية أن تكون اليونان معبرا للسلاح الروسى إلى الغرب الأوروبى ، مشيرا إلى أن ذلك سيمثل اختراقا روسيا كبيرا ليس فقط للسوق الأوروبى وإنما للسياسة الأوروبية والأمريكية أيضا.
كما اكد جودة أن التحالف الروسى اليونانى سيمكن روسيا من تقويض القرار الأوروبى وذلك لأن قرارات الاتحاد الأوروبى الذى تعد اليونان أحد أعضائه لا تؤخذ الا بالاجماع ومن الممكن أن توظف روسيا اليونان فى توجيه ضربات موجعة إلى الاتحاد الأوروبى واجهاض محاولاته الدؤوبة فى حصارها استراتيجيا والذى تعد أزمة اوكرانيا أهم تجلياته.
وأشار جودة إلى امكانية أن تحزو المانيا وفرنسا كأقوى دولتين فى الاتحاد الأوروبى الحزو اليونانى فى المنظور المتوسط وذلك على خلفية ملف الطاقة حيث تستورد المانيا - قاطرة التنمية فى الاتحاد - الأوروبى ما يزيد على 57 % من احتياجاتها من الطاقة من روسيا ، مؤكدا على أن روسيا عبر ملف الطاقة تمتلك ورقة ضغط شديدة القوة يمكن أن تغير من موازين القوى بينها وبين الولاياتالمتحدة.
وحول زيارة الرئيس اليونانى إلى مصر منتصف الأسبوع الماضى ، اكد جودة أنها كانت ضرورية لتفعيل الاتفاقات السابقة التى تم التوقيع عليها فى القاهرة خلال القمة المصرية اليونانية القبرصية ، موضحا أن اليونان يرأسها الآن حكومة جديدة ذات توجه اشتراكى مخالف لسياسات الاتحاد الأوروبى وهى تمر بأزمة اقتصادية حادة ومن الضرورى استفادة مصر من التجربة اليونانية.
كما اكد الدكتور جودة أن مجالات التعاون الإقتصادى المصرى اليونانى ثرية وأهمها تتعلق بالمنطقة الإقتصادية رقم 18 المكتشف بها حقول غاز فى المياه الإقتصادية المصرية القبرصية الإسرائيلية والتى يقدر نصيب مصر منها حوالى 200 تيريليون متر مكعب من الغاز.
كما أشار جودة أن اليونان لها خبرة كبيرة فى مجال ادارة الموانئ وصناعة السفن وصيانتها وتخريدها مما يمثل مجالا خصبا لمصر للاستفادة من هذه التجربة لتحقيق أعلى استفادة اقتصادية ممكنة للموانئ المصرية المتعددة خاصا وأن مصر تتمتع بموقع جغرافى فريد من نوعه ، مضيفا كما يمكن التعاون المصرى اليونانى فى مجال الصناعات الغذائية وصناعة الأسماك.
كما أوضح جودة أن اليونان متفوقة جدا فى مجال سياحة الجذر ويمكن لمصر الاستفادة من هذه الخبرة لتطوير الجزر المصرية البحرية والنيلية مثل مرسى علم والأقصر كما يمكن لليونان أن تقدم لمصر الخبرة فى الادارة وتسويق هذه الجزرعلى المستوى الأوروبى فى مقابل أنه يجب على مصر اصدار حزمة من التشريعات لتشجيع الاستثمار فى هذا المجال وتوفير الكوادر البشرية واعطاء ميزة نسبية لهذه الجزر لتحقيق المصالح المتبادلة المصرية اليونانية .
واختتم جودة حديثه قائلا : مصر واليونان من اقدم حضارات العالم القديم والعلاقات بينهما تاريخية بما يمثل أرضية صلبة ينبنى عليها مزيد من التعاون و الرئيس السيسى لديه فهم عميق بدوائر انتماء مصر المتعددة ولديه رؤيا فى توظيف البعد الأورومتوسطى المصرى بما يتيح آفاقا رحبة لعلاقات اكثر قوة بين مصر وأوروبا.