عاش الوطن العربى فى عهد الرئيس السابق "جمال عبد الناصر" حالة من الوحدة والتلاحم لم يشهدها من قبل، حتى أسمى الباحثون تلك الفترة ب "جمهورية الوحدة"، لما شهدته من الإتحاد والتشارك إقتصاديًا وعسكريًا وإجتماعيًا. ويعتبر اليوم الجمعة 17 من إبريل، هو الذكرى ال 52 لتوقيع ميثاق الوحدة بين مصر وسورياوالعراق، وكانت هى التجرية الأهم فى مجال الوحدة العربية، كما جائت ردًا على تهديدات متزايدة من حلف بغداد على سوريا. وجاء ذلك بعد قيام الإنقلاب ضد "عبد الكريم قاسم" رئيس العراق وقيام حركة إنقلابات مختلفة فى سوريا، فتنادت قيادات الدولتين الجديدتين فى بغداد ودمشق لبحث إقامة "وحدة عربية ثلاثية" بين مصر وسورياوالعراق، نظرًا لأن مصر هى الأقوى فى الوطن العربى وقتها إقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا، بعد ثورة 52، ورأى رؤساء الدولتين أن هذا يضع حجر الأساس لإعادة الجمهورية العربية المتحدة. فقرر الرئيس "عبد الناصر" وقتها مساندة سوريا ولو رمزيًا بإرسال بعض القوات المصرية للأراضى السورية، وبعد ذلك توجه قادة الأحزاب والتيارات وضباط الجيش السورى المتنازعين على السلطة، إلى القاهرة طلبًا للوحدة بين مصر وسوريا، خوفًا من تمزق الدولة وإنفصال مؤسساتها. وجاء ذلك الإتفاق بشكل سريع، حيث كان الرئيس السابق "عبد الناصر" رافضًا لفكرة إنشاء وحدة بين الدولتين بشكل مرتجل وبدون إتفاق، فكان سفر القادة السوريين بدون علم الرئيس السورى "شكرى القوتلى" وبدون علم الحكومة. وإقترح الرئيس "عبد الناصر" فترة تحضيرية للوحدة مدتها خمس سنوات على الأقل، ولكن سرعان ما رأى أن تأخر الوحدة بين الدولتين قد يؤدى إلى إنهيار وتفكك دولة سوريا، وغضب للقوات المسلحة السورية قد يؤدى لأزمة فى سوريا وأزمة بين الدولتين. إشترط "عبد الناصر" حل الأحزاب السورية للموافقة على الوحدة المصرية السورية، وقد وافق ممثلو الأحزاب السورية وقتها على القرار، ورأوا أن مصلحة قيام وحدة بين الدولتين أكبر من مصلحة الأحزاب فى الحصول على سلطة سياسية، كما أعاب الكثير من الباحثين السياسيين على إتخاذ "عبد الناصر" لقرار حل الأحزاب السورية لأنه أحدث شللًا فى الحياة السياسية السورية، والتى رأى السوريون أنها كانت مفعمة بالحيوية فى عقد الخمسينات. والمثير للدهشة فى الأمر، أن دولة بريطانيا ودول الغرب، كانت تبين مدى إهتمامها بالوحدة المصرية السورية، وتسعى طوال الوقت لضمان عدم إنضمام ايه دولة عربية أخرى لهذا التحالف، فكانت دول الغرب ترى فى ذلك التحالف تهديدًا لمصالحها العامة. وكانت دولة الأردن على وشك إعلان إنضمامها لوثيقة الوحدة بين مصر وسوريا وإعلانها وحدة عربية، إلا أن بريطانيا ودول أوروبا، لم تبقى ساكنًا، فور معرفتها بنية دولة الأردن الدخول فى التحالف، وهو ما رأته أنه يشكل خطرًا على مصالحها وأمنها، قامت بريطانيا بضخ أخبار خاطئة للأردن وللمك "حسين" عن تقديم "عبد الناصر" الدعم إلى مجموعات منشقة من القوات المسلحة الأردنية للقيام بإنقلاب عسكرى. وفورًا إعتبرت الدول الكبرى فى العالم، أن الوحدة المصرية السورية إنقلابًا خطيرًا فى موازين القوى بالعالم والشرق الأوسط، وأن هذه الوحدة تهدد مصالح الدول الكبرى تهديدًا مباشرًا، مما دفع بريطانيا إلى دعوة كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية والإتحاد السوفيتى وفرنسا لإجتماع قمة رباعى، لمناقشة ما أعتبروه ب "أزمة الشرق الأوسط". بالكاد حظى إنفصال سوريا عن مصر وإنتهاء تجربة الوحدة الأولى التى لم تجنى الكثير من الثمار، فى 28 سبتمبر عام 1961 بمساحة كبيرة من الوثائق البريطانية، التى أكدت قبول غالبية الدول الغربية -وبعض دول المنطقة العربية- بإرتياح شديد. ويرى المؤرخون أن الجمهورية العربية المتحدة، إنفصلت ولم تجنى الكثير من الثمار على مدار 4 أعوام، بسبب بعد المسافة الجغرافية بين مصر وسوريا، بالإضافة إلى عدم وجود حدود مشتركة بين الدولتين، بالإضافة إلى وجود العدو الإسرائيلى فى المنتصف بينهما، مما أدى إلى الإنفصال فى النهاية بشكل وصفه المؤرخون ب "الدرامى".