«اليوم قامت دولة كبرى بالشرق.. فاشتعلت مخاوف الغرب ومؤامراته»، كلمات قالها الزعيم «جمال عبد الناصر» بعدما تمت الوحدة بين مصر وسوريا فى منتصف القرن العشرين، حيث كانت واحدة من أهم محطات التاريخ المعاصر، وأثرت فى كل ما جرى بعدها بمنطقة الشرق الأوسط. تطل علينا اليوم "22 فبراير" الذكرى السابعة والخمسين لإعلان الوحدة وقيام الجمهورية العربية المتحدة، تلك التى لم تدم إلا لثلاثة أعوام ونصف العام "من 22 فبراير 1958، وحتى 28 سبتمبر 1961″. «الترابط العربي».. حلم راود عبد الناصر كان حلم الترابط العربي يلاحق الزعيم الراحل منذ توليه رئاسة مصر عام 1954، وفى 22 فبراير، تم توقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من قبل الرئيسين السوري "شكري القوتلي"، والمصرى "جمال عبد الناصر"، وحينها اختير الزعيم رئيسًا والقاهرة عاصمة للجمهورية الجديدة، وفي عام 1960 تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة، وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضًا. وانتهت الوحدة بعد ثلاثة أعوام فقط من تأسيسها بعد انقلاب عسكري في دمشق يوم 28 سبتمبر عام 1961، وأعلنت سوريا عن قيام الجمهورية العربية السورية، بينما احتفظت مصر باسم الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971 عندما سميت باسمها الحالى جمهورية مصر العربية. الوحدة كانت أمل السوريين.. والزعيم حققه جاءت الوحدة العربية بين سوريا ومصر نتيجة للمطالبة الدائمة لمجموعة من الضباط السوريين، في وقت كان فيه قادة حزب البعث العربي الاشتراكي قد قاموا بحملة من أجل الاتحاد مع مصر، إذ يرى الصحافي "باتريك سيل" أن جمال عبد الناصر لم يكن متحمسا لوحدة عضوية مع سوريا، ولم يكن يطمح لإدارة شؤون سوريا الداخلية حتى لا يرث مشاكلها. وتابع: كان بالأحرى أن ينادي ب"التضامن العربي" الذي بموجبه يقف العرب وراءه ضد القوى العظمى، وكانت هذه فكرة مختلفة تماما عن برنامج البعث الوحدوي الداعي إلى تحطيم الحدود، لكنه لم يستطع أن يأخذ شيئا ويدع شيئا، وهكذا دفعه السوريون دفعا إلى الموافقة على قيام الجمهورية العربية المتحدة. سياسيون: الوحدة العربية ضرورة لمواجهة التحديات الجسام قالت الدكتورة كريمة الحفناوى، القيادي بحركة كفاية، أننا نعيش الذكرى السابعة والخمسين للوحدة بين مصر وسوريا، أياً كان إيجابيات الوحدة أو سلبياتها فى هذه الفترة، لكنها تؤكد أننا مازلنا فى أشد الحاجة لها، وعلي كل الدول العربية أن تتوحد من جديد وتلتف حول بعضها من خلال الجامعة العربية. وأضافت "الحفناوي" أن التوحد بين الدول العربية أصبح ضرورة لمواجهة التحديات التى بدأت بمعاهدة "سايكس بيكو" التى تمت عام 1916، وبها تم تقسيم الدول العربية على نظيرتها الأوروبية، متابعا: «نواجه الآن استعمارا عالميا متوحشا تقوده أمريكا مع الدول الأوروبية»، ومؤكدة أن التحالف العربى أصبح ضرورة لمواجهة الإرهاب الذى أصبح يسيطر على بعض الدول العربية ويمتد إلى غيرها». من جانبه، طالب محمد أبو العلا، رئيس الحزب الناصري، فى هذه الظروف، العرب بضرورة الالتفاف والتلاحم؛ لمواجهة الإرهاب، وعودة استقلال الوطن العربي مرة أخرى، مضيفا: «حتى الآن ندفع ثمن تفكك الوحدة بين مصر وسوريا، والتى كان من الممكن أن تمتد لتصبح وحدة بين الدول العربية كلها، إذا لم يتم حلها بعد ثلاثة أعوام من تأسيسها فقط». وفى نفس السياق، قال عبد الغفار شكر، نائب رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن الوحدة المصرية والسورية جاءت فى ظروف مد قومى عقب تخلص بعض الدول من الاستعمار مثل سوريا ومصر والأردن، وبرغم أن الزعيم "عبد الناصر" لم يكن موافقاً بشكل كبير على إتمام الوحدة بهذه الطريقة، لكن رأى الجيش السورى والسياسيين حينها أن الوحدة لابد أن تتم ورفضوا مغادرة مصر إلا بعد إتمامها. ولفت "شكر" إلى صعوبة تشكيل وحدة فى هذا التوقيت؛ لانقسام بعد الدول العربية على نفسها نتيجة للصراعات القبلية والعرقية الموجودة داخلها، ولكن هذا لا ينفى ضرورة تأدية جامعة الدول العربية واجبها لمواجهة التحديات.