سعر كرتونه البيض الأبيض اليوم الإثنين 24 نوفمبر للمستهلك فى محال واسواق المنيا    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    نقيب المأذونين: الاعتماد على الأهل وغياب التكافؤ أسباب ارتفاع نسب الطلاق    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    هل يوجد علاج للتوحد وما هي أهم طرق التدخل المبكر؟    طرق فعالة لحماية نفسك من الإنفلونزا المنتشرة في فصل الشتاء    في الذكرى الثامنة لمجزرة مسجد الروضة الإرهابية.. مصر تنتصر على الظلام    بعد واقعة مدرسة سيدز.. عمرو أديب لأولياء الأمور: علموا أولادكم محدش يلمسهم.. الشر قريب دائما    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 24 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    النائب إيهاب منصور: خصم 25% عند السداد الفوري للتصالح.. وضرورة التيسير وإجراء تعديلات تشريعية    مسلم يعلن عودته لزوجته يارا: رجعت لحضني وأولى عندي من أي حد    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    حاله الطقس المتوقعه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى المنيا    صحة الإسماعيلية: رفع درجة التأهب بالمستشفيات استعدادا لانتخابات مجلس النواب 2025    سيف الجزيري: سعداء بالفوز على زيسكو ونسعى لمواصلة الانتصارات    دراسة تحذر: تصفح الهاتف ليلاً قد يزيد من خطر الأفكار الانتحارية    محامي "مهندس الإسكندرية" يطلب تعويض مليون جنيه وتوقيع أقصى عقوبة على المتهم    ترامب: قناتا «ABC» و«NBC» من أسلحة الحزب الديمقراطي    روبيو: نحتاج وقتًا إضافيًا لإنهاء الصراع الأوكراني سلميًا    إصابة رئيس الوزراء البريطانى السابق ديفيد كاميرون بسرطان البروستاتا    بكام التفاح الاخضر ؟...... تعرف على اسعار الفاكهه اليوم الإثنين 24 نوفمبر 2025 فى المنيا    الزمالك يعلن تفاصيل إصابة دونجا.. جزع في الركبة    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مسلم ينشر أول فيديو بعد رجوعه لزوجته يارا    وزير الخارجية الأمريكي: المباحثات مع كييف إيجابية وحققنا تقدما لإنهاء حرب أوكرانيا (فيديو)    ضبط تشكيل عصابي خطف 18 هاتفًا محمولًا باستخدام توكتوك في الإسكندرية    مدرب الزمالك يكشف سر استبدال جهاد أمام زيسكو.. وسبب استبعاد محمد السيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    زلزال بقوة 3.9 يضرب مملكة بوتان شرقى جبال الهيمالايا    ترتيب الدوري الإسباني.. برشلونة يقلص فارق النقاط مع ريال مدريد    العناية الإلهية تنقذ أسرتين من الموت بعد انهيار جزئي لعقار بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: "بكْرّة" النكَدْ "بكْرَّة" !!    عمر هريدى: رمضان صبحى اعترف بواقعة التزوير.. ويتهرب من أداء الامتحانات    مجدى طلبة: تجربة جون إدوارد ولدت ميتة والزمالك أهدر فلوسه فى الديون    تصديري الصناعات الغذائية: مصر تصدر غذاء ب11 مليار دولار سنويا    بولسونارو يبرر إتلاف سوار المراقبة الإلكتروني بهلوسات ناجمة عن الدواء    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    الحاجة نبيلة تروي ل صاحبة السعادة قصة أغنيتها التي هزت السوشيال ميديا    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    أمريكا تنتهي من «الوثائق الرسمية» لتصنيف الإخوان جماعة ارهابية    البرهان ينفي انتقادات أمريكية بسيطرة الإخوان على الجيش السوداني    وزير الري الأسبق: إثيوبيا تحب الاحتفاظ بأكبر قدر من المياه وتسبب مخاطر لدول المصب    حماة الوطن: الأحزاب سند الدولة وصوت المواطن جاهزون لتقديم مشهد انتخابي يليق بمصر    رئيس مياه القناة يعقد اجتماعا لمتابعة جاهزية فرق العمل والمعدات الحيوية    حملات تموينية على مخابز الوادي الجديد    كل ما تريد معرفته حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    التنسيقية تحث على المشاركة الفاعلة في المرحلة الثانية من انتخابات النواب    ضبط 130 طن أغذية فاسدة.. وتحصين 131 ألف رأس ماشية بالقليوبية    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    المصري يواجه كايزر تشيفز الليلة في الكونفدرالية.. بث مباشر وتغطية كاملة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    كلودين عون: المرأة اللبنانية ما زالت محرومة من حقوقها.. والنضال هو الطريق الوحيد للتغيير    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم كتابة الاسماء على القبور ؟
نشر في الفجر يوم 02 - 04 - 2015

الأصل في حكم الكتابة أن يكون بحسب ما يكتب؛ فقد يكون حسنًا وقد يكون قبيحًا. ولم يرد في قضية السؤال إلا حديث واحد ينهى عن الكتابة على القبر، وهو ما أخرجه الترمذي من طريق مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ((نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُجَصَّصَ القُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ)). قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ جَابِرٍ، وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْهُمْ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ فِي تَطْيِينِ القُبُورِ، وقَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُطَيَّنَ القَبْرُ».
وأخرجه الحاكم من طريق حَفْص بْنُ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ، أَوْ يُجَصَّصَ، أَوْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَنَهَى أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ)). قال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ خَرَّجَ بِإِسْنَادِهِ غَيْرَ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا لَفْظَةٌ صَحِيحَةٌ غَرِيبَةٌ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ثم أخرجه من طريق أَبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ، وَالْكِتَابَةِ فِيهَا، وَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا، وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا)). ثم قال الحاكم: هَذِهِ الْأَسَانِيدُ صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْغَرْبِ مَكْتُوبٌ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَهُوَ عَمَلٌ أَخَذَ بِهِ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ. وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: ما قلتَ طائلًا، ولا نعلم صحابيًّا فعل ذلك، وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم، ولم يبلغهم النهى.اه.
وهذ الحديث أخرجه مسلم وليس فيه مسألة الكتابة على القبر، لاختلاف الرواة على هذه العبارة، فبعضهم ذكرها وبعضهم لم يذكرها. ولا يقال: إن الزيادة مقبولة مطلقًا، فإن مذهب المحققين من أهل الحديث النظر في الروايات والمقارنة بينها، فقد يكون السند صحيحًا والمتن شاذًّا، كما هو معلوم.
وقد ذكر الدارقطني في (العلل 13/ 349، ط. دار طيبة- الرياض) اختلاف الرواة على ابن جريج في هذا الحديث، لكنه لم يقض فيه بشيء، ولم يقارن بين المتون.
وعلى كل حال لو سلمنا بصحة الحديث، فهو محمول على الكراهة كما هو مذهب الجمهور، فإن أكثر أسباب الكتابة على القبر هو تعليمه حتى تتم زيارته، وهذا مقصد مشروع، ودليله العام الترغيب في زيارة القبور خاصة الأقارب، وقد زار النبي -صلى الله عليه وسلم- قبر أمه، وأما الدليل الخاص وهو نص في المسألة فهو ما ورد عَنِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: ((لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي)). أخرجه أبو داود.
ويؤيد هذا الحكم ما ذكره الحاكم من كثرة العمل على الكتابة على القبور، وهو يتحدث عن أمرٍ مشاهد لا يحتاج إلى استنباط فقهي، ولذا لم ينازعه فيه الذهبي، بل حاول أن يتخلص منه بعدم ورود ذلك عن الصحابة، وأن من فعله من التابعين لم يبلغه النهي. وهذا الأخير هو مجرد احتمال، فقد يكون العالم بلغه النهي ولكنه لم يثبت عنده، أو يحمله على عدم الحرمة، بأن يؤوله أو يخصصه أو يرى نسخه، وهكذا كما في نظائره. ثم إن عصر الصحابة كان عصرًا تقل فيه الكتابة جدًّا؛ ولذا وصفهم الله تعالى بالأميين فمن أين نجزم أنهم تركوه من أجل هذا النهي بعينه؟ وهل كل نهي يعد تحريمًا عند كل الصحابة؟!
قال السيوطي: «قال العراقي: يحتمل أن المراد مطلق الكتابة كتابة اسم صاحب القبر عليه أو تاريخ وفاته، أو المراد كتابة شيء من القرآن وأسماء الله تعالى للتبرك لاحتمال أن يوطأ أو يسقط على الأرض فيصير تحت الأرجل». (حاشية السيوطي على النسائي 4/ 87،ط. مكتبة المطبوعات الإسلامية- حلب).
فالأمر على الاحتمال كما ترى، ثم إن مسألة الامتهان للمكتوب تختلف من مقبرة لأخرى، فالمقابر الآن في بلاد كمصر تكون الكتابة في رخام موضوع أعلى مدخل القبر فيما يطلقون عليه «الحوش». واستنباط معنى من النص يخصصه جائز عند بعض أهل العلم.
قال الإسنوي: «الْمَشْهُور من قَول الْأُصُولِيِّينَ وَمن قَول الشَّافِعِي أَيْضًا أَنه يجوز أَن يستنبط من النَّص معنى يخصصه». (التمهيد 375، ط. مؤسسة الرسالة). ثم إننا لو سلمنا بالكراهة فهي تزول بالحاجة الشرعية.
قال ابن عابدين: «( قَوْلُهُ لا بَأْسَ بِالْكِتَابَةِ إلَخْ )؛ لأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا وَإِنْ صَحَّ فَقَدْ وُجِدَ الإِجْمَاعُ الْعَمَلِيُّ بِهَا، فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ النَّهْيَ عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ الأَسَانِيدُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَكْتُوبٌ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَهُوَ عَمَلٌ أَخَذَ بِهِ الْخَلَفُ عَنْ السَّلَفِ. اه.
وَيَتَقَوَّى بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَمَلَ حَجَرًا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ تَابَ مِنْ أَهْلِي))، فَإِنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ إلَى تَعَرُّفِ الْقَبْرِ بِهَا، نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الإِجْمَاعِ الْعَمَلِيِّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِيهَا مَا إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ بِقَوْلِهِ: «وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى الْكِتَابَةِ؛ حَتَّى لا يَذْهَبَ الأَثَرُ وَلا يُمْتَهَنَ فَلا بَأْسَ بِهِ. فَأَمَّا الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلا. اه.
حَتَّى إنَّهُ يُكْرَهُ كِتَابَةُ شَيْءٍ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ الشِّعْرِ، أَوْ إطْرَاءِ مَدْحٍ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ حِلْيَةٌ مُلَخَّصًا. قُلْت: لَكِنْ نَازَعَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّة فِي هَذَا الإِجْمَاعِ بِأَنَّهُ أَكْثَرِيٌّ، وَإِنْ سَلِمَ فَمَحَلُّ حُجِّيَّتِهِ عِنْدَ صَلاحِ الأَزْمِنَةِ بِحَيْثُ يَنْفُذُ فِيهَا الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ تَعَطَّلَ ذَلِكَ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ، أَلا تَرَى أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى قُبُورِهِمْ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَقَدْ عَلِمُوا بِالنَّهْيِ عَنْهُ فَكَذَا الْكِتَابَةُ» اه.
فَالأَحْسَنُ التَّمَسُّكُ بِمَا يُفِيدُ حَمْلَ النَّهْيِ عَلَى عَدَمِ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ». (حاشية ابن عابدين 2/ 237، 238،ط. دار الكتب العلمية).
وقال الحطاب: «يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ حَجَرًا، أَوْ خَشَبَةً بِلَا نَقْشٍ لِتَمَيُّزِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ، قَالَ الْمَازَرِيُّ: كَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ بَلَاطَةً يَكْتُبُ فِيهَا، وَلَمْ يَرَ بِالْحَجَرِ وَالْعُودِ وَالْخَشَبَةِ بَأْسًا يَعْرِفُ بِهِ الرَّجُلُ قَبْرَ وَلِيِّهِ مَا لَمْ يُكْتَبْ فِيهِ. انْتَهَى.
وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ مُسْتَحَبًّا... انْتَهَى. وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُوضَعَ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ فِي طَرَفِ الْقَبْرِ عَلَامَةً؛ لِيُعْرَفَ بِهِ أَنَّ فِيهِ قَبْرًا وَلِيَعْرِفَ الرَّجُلُ قَبْرَ وَلِيِّهِ، فَأَمَّا الْحِجَارَةُ الْكَثِيفَةُ وَالصَّخْرُ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ مَنْ لَا يَعْرِفُ؛ فَلَا خَيْرَ فِيهِ انْتَهَى...
وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ بَلَاطَةٌ وَيُكْتَبَ فِيهَا، وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْحَجَرِ وَالْعُودِ وَالْخَشَبَةِ مَا لَمْ يُكْتَبْ فِي ذَلِكَ، يَعْرِفُ الرَّجُلُ قَبْرَ وَلِيِّهِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَ مَالِكٌ الْبِنَاءَ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَيْهِ الْبَلَاطَةُ الْمَكْتُوبَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي أَحْدَثَهَا أَهْلُ الطَّوْلِ مِنْ إرَادَةِ الْفَخْرِ وَالْمُبَاهَاةِ وَالسُّمْعَةِ؛ وَذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِي كَرَاهَتِهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ: وَأَمَّا الْكِتَابَةُ عَلَيْهَا فَأَمْرٌ قَدْ عَمَّ الْأَرْضَ وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ قَدْ وَرَدَ عَنْهُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ تَسَامَحَ النَّاسُ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا التَّعْلِيمُ لِلْقَبْرِ لِئَلَّا يَدَّثِرَ. انْتَهَى». (مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 2/ 247).
قال ابن حجر الهيتمي في (الفتاوى الكبرى 2/ 12، ط. المكتبة الإسلامية): «(وسئل) -رضي الله عنه- عن كراهة الكتابة على القبور، هل تعم أسماء الله والقرآن، واسم الميت وغير ذلك، أو تخص شيئًا من ذلك بينوه بما فيه؟ (فأجاب) بقوله أطلق الأصحاب كراهة الكتابة على القبر؛ لورود النهي عن ذلك. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، واعترضه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري المحدث بأن العمل ليس عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف -رضي الله عنهم- وما اعترض به إنما يتجه أن لو فعله أئمة عصر كلهم أو علموه ولم ينكروه وأي إنكار أعظم من تصريح أصحابنا بالكراهة مستدلين بالحديث هذا، وبحث السبكي والأذرعي تقييد ذلك بالقدر الزائد عما يحصل به الإعلام بالميت وعبارة السبكي، وسيأتي قريبًا أن وضع شيء يعرف به القبر مستحب، فإذا كانت الكتابة طريقًا فيه فينبغي أن لا تكره إذا كتب بقدر الحاجة إلى الإعلام.
وعبارة الأذرعي وأمَّا الكتابة فمكروهة سواء كان المكتوب اسم الميت على لوح عند رأسه أو غيره هكذا أطلقوه، والقياس الظاهر تحريم كتابة القرآن؛ سواء في ذلك جميع جوانبه لما فيه من تعريضه للأذى بالدوس والنجاسة والتلويث بصديد الموتى عند تكرار النبش في المقبرة المسبلة، وأمَّا غيره من النظم والنثر فيحتمل الكراهة والتحريم للنهي.
وأمَّا كتابة اسم الميت، فقد قالوا: إن وضع ما يعرف به القبور مستحب، فإذا كان ذلك طريقًا في ذلك فيظهر استحبابه بقدر الحاجة إلى الإعلام بلا كراهة ولا سيما قبور الأولياء والصالحين، فإنها لا تعرف إلا بذلك عند تطاول السنين، ثم ذكر ما مَرَّ عن الحاكم، وقال عَقِبَه: فإن أراد كتابة اسم الميت للتعريف فظاهر ويحمل النهي على ما قصد به المباهاة والزينة والصفات الكاذبة، أو كتابة القرآن وغير ذلك». اه.
وما بحثه السبكي من عدم الكراهة في كتابة اسم الميت للتعريف والأذرعي من استحبابها ظاهر إن تعذر تمييزه إلا بها لو كان عالما أو صالحًا، وخشي من طول السنين اندراس قبره والجهل به لو لم يكتب اسمه على قبره، ويحمل النهي على غير ذلك؛ لأنه يجوز أن يستنبط من النص معنى يخصصه، وهو هنا الحاجة إلى التمييز فهو بالقياس على ندب وضع شيء يعرف به القبر، بل هو داخل فيه أو إلى بقاء ذكر هذا العالم أو الصالح؛ ليكثر الترحم عليه أو عود بركته على من زاره، وما ذكره الأذرعي من تحريم كتابة القرآن قريب، وإن كان الدوس والنجاسة غير محققين؛ لأنهما وإن لم يكونا محققين في الحال هما محققان في الاستقبال بمقتضى العادة المطردة من نبش تلك المقبرة واندراس هذا القبر، ويلحق بالقرآن في ذلك كل اسم معظم بخلاف غيره من النظم والنثر، فإنه مكروه لا حرام وإن تردد فيه، وقوله: ويحمل النهي... إلخ، قد علمت أنه تارة يحمل على الكراهة، وتارة يحمل على الحرمة، وهو ما لو كتب القرآن أو اسمًا معظمًا دون غيرهما، وإن قصد المباهاة والزينة.
قال البهوتي: «(و) تُكْرَهُ (الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ». (كشاف القناع 2/ 140، ط. دار الفكر).
وبناءً على ما سبق: فإن النهي الوارد في الكتابة على القبر إن ثبت فهو محمول على الكراهة، لئلا يدخله مثل الفخر والمباهاة، وأما إن كان بقصد تعليم القبر للزيارة ونحوها فالكراهة تزول حينئذٍ، والله تعالى أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.