كاتسورا أوتاز "راكوجو".. هو إحدى وسائل الترفيه التقليدية في اليابان، وهو عبارة عن حكي ساخر يطلق عليه "سيت داون كوميدي"، وفقا لتصريحات ماساكازو تاكاهاشي، مدير مؤسسة اليابان الثقافية بالقاهرة. تاكاهاشي لفت إلى أنه "بالرغم من أن عمر هذا الفن يعود ل 400 عاما مضت إلا أنه لازال يحظى بشعبية كبيرة في اليابان حيث يوجد 700 مؤد محترف لفن الراكوجو يتمتعون بشعبية طاغية".
وأضاف أن "مؤسسة اليابان نجحت في استضافة كاتسورا أوتازو أشهر فنان "راكوجو" إلى مصر ليقدم أربعة عروض مجانية للجمهور المصري ما بين القاهرة والإسكندرية "شمال"".
ومؤسسة اليابان هيئة متخصصة تم تأسيسها عام 1972 تحت رعاية وزارة الخارجية اليابانية لتعزيز التفاهم الدولي من خلال التبادل الثقافي ودعم وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى، في مجالات الثقافة والفنون، واللغة اليابانية، والدراسات اليابانية والتبادل الفكري.
وفي العرض الذى احتضنته ساقية الصاوي، مساء يوم الثلاثاء، اعتلى أوتازو خشبة المسرح لمدة ساعة ونصف، قدم خلالها عرضه الثقافي باللغة الإنجليزية وتم توزيع النص التمثيلي مطبوعا باللغة العربية على من يرغب من الحضور.
وفن ال"راكوجو" قائم على مؤد أو "راو" واحد فقط يمثل كل الشخصيات في الحكاية الساخرة، لذلك كثيرا ما كان يلجأ البطل إلى تغيير اتجاه نظرات عينيه وتلوين نبرات صوته تارة بصوت طفل وتارة ثانية بنبرة رجل وثالثة بصوت أنثى مدللة كي يصل المعنى للجمهور الذي تفاعل كثيرا مع العرض.
وفور صعود بطل العرض على خشبة المسرح يستمع الجمهور إلى موسيقى يابانية في الخلفية دون أن يرى عازفين، وفي هذه المقطوعات الموسيقية يظهر بوضوح صوت العود الياباني "الشاميسن" والفلوت الياباني فضلا عن الطبول والأجراس التي تناسب طبيعة الموضوع المطروح.
ويتكون العرض من ثلاثة أجزاء الأول منها عبارة عن مقدمة صغيرة يلخص فيها البطل القصة الكوميدية التي سيتلوها ساخرا على الحضور، وفي الجزء الثاني الموضوعات الرئيسية بالعرض، إذ يسمح ال "راكوجو" لفنانيه بتقديم أكثر من فكرة في العرض المسرحي الواحد وتتراوح هذه الأفكار بين الحياة اليومية للمواطن الياباني لعكس ثقافتهم والموضوعات التي تتعمق في النفس البشرية بشكل ساخر وأخيرا موضوعات فانتازيا عن الأشباح والقصص المرعبة.
أما الجزء الأخير من العرض فلابد أن تكون عبارة عن جملة ساخرة رنانة تعلق بأذهان الجمهور فيصفق بحرارة.
وما بين كل جزء و جزء من الأجزاء الثالثة يختفي البطل من على المسرح في استراحة قصيرة يستبدل خلالها "الكيمونو" الزي الشعبي الياباني الذي يطل به على جمهوره.
أوتازو قال إن هذا الفن الذي يتمتع بشعبية كبيرة في بلاده غير معروف لشعوب كثيرة، لذلك سافر عام 2010 ليقدم عروض "راكوجو" باللغة الإنجليزية في الفلبين وماليزيا وفيتنام وتايلاند وميانمار والبرازيل.
وفي 2011 قدم ذات العروض في الهند وسيريلانكا، وفي العام التالي قام بزيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأخيرا في عام 2015 قدم عروضه الثقافية في كل من أوزبكستان وكازاخستان.
ومضى قائلا : "رغم تعدد الثقافات والجنسيات التي أدّيت أمامها فني التراثي، يبقى الجمهور المصري هو الأكثر تفاعلا معي رغم حاجز اللغة؛ فهذا الشعب عاشق للضحك والسعادة بدرجة لم أكن أتوقعها".
"وما ضاعف سعادتي هو أن مصر هي أول دولة أقوم بزيارتها في الشرق الأوسط، ما شجعني على تكرار التجربة في بلدان المنطقة"، يضيف الفنان الياباني.
وأوضح الفنان الشاب أن الفرق بين ما يقدمه وبين فن الإستاند أب كوميدي الذي عرفته مصر مؤخرا يعود إلى أن في ال"راكوجو" أو السيت داون كوميدي يقدم الراوي الحلقة وهو في وضع القرفصاء فوق وسادة ال "زابوتون".
ولهذه الوسادة خصوصية شديدة في الثقافة اليابانية؛ فمنذ 400 عام حينما انتشر هذا الفن كوسيلة وحيدة وبسيطة للترفيه لم يكن منزل ياباني يخلو من هذه الوسادة، فاستعان بها فنانو ال"راكوجو" لربط فنهم بثقافة شعبهم، ورغم مرور أربعة قرون لازلنا نحتفظ بنفس الدلالة في كل عروضنا الثقافية التي نجوب بها شتى بقاع الأرض.