رحلت عنا بجسدها ولكنها ما زالت تسكن كل منزل في محيط الوطن العربي، عشقها الصغار قبل الكبار، أغانيها تسمعها في المقاهي وبداخل البارات وفي مطاعم لندن وباريس ودائما ما تكون موسيقاها خلفية لمجالس العشاق علي أضواء الشموع أو في الليالي المقمرة يحل اليوم الذكري الأربعون على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم. ميلادها ولدت ام كلثوم طبقا لبعض المؤرخين 31 ديسمبر 1898، أما تاريخ ميلادها المثبت في السجلات هو 4 مايو 1908، لأنه لم يكن هناك توثيق رسمي وشهادات ميلاد في هذا الوقت لذا اعتمد تاريخ التسنين طبيًا وهو 4 مايو 1908 تاريخًا لميلادها.
لم يجتمع العرب من قبل علي شيء ولكنهم اجتمعوا علي "الست" وعلي صوتها، حتي أصبح الغناء بصوتها رمزًا للعروبة، إذ أنها كانت تتأنى كثيرا في اختيار ما تغنيه، ولم تكن تقبل إلا شعر كبار الشعراء القديم منهم والحديث، وقدمت فرعا هاما من فروع القومية العربية باستطاعتها توحيد الوجدان العربي وتعبيرها عن المشاعر العربية الأصيلة كلاما ونغما وأداء.
الفلاحة البسيطة التي خرجت من إحدى القرى المصرية الفقيرة إلى عالم الشهرة لتقتحمه عن جداره بموهبتها التي شهد لها الجميع بالعظمة، رحلتها مليئة بالكفاح والإصرار حتى آخر لحظة في حياتها، التي كانت تختار أغانيها بعناية شديدة ولم ي}ثر علي اختياراتها أسماء او نجوم.
أزمتها مع فريد الأطرش فرفضت أم كلثوم الغناء علي ألحان فريد الأطرش، جاء ذلك علي لسانه في لقاء إذاعي مسجل مع الإعلامي ربيع زيدان حيث وصفها قائلاً، إنها السيدة الوحيدة المحبوبة، التي فرضت فنها علي الناس، مضيفاً أن أمنية حياته كانت التعاون معها، وترجاها خمس أعوام أن تغني وردة من دمنا وهي أغنية وطنية عن ثورة فلسطين التي لحنها مخصوص، وعجبتها كثيراً في البداية ووافقت أن تغنيها ولكنها تراجعت عن قرارها بعد ذلك لسبب ما لا يعرفه، متابعاً أن بعد وفاة جمال عبد الناصر كانت قد قررت الاعتزال ولكنها تراجعت بعد ذلك وآخر شيء قدمته عظيم الأطلال.
اختتم الأطرش حديثه عن قيمتها الفنية العظيمة قائلاً، أنه يقدرها كأكبر مطربة في تاريخ الوطن العربي، مضيفاً أنها، لو تغنت بأغنية وفشلت لن يقال فشلت أم كلثوم سيقولون فشل الملحن لأن صوت أم كلثوم عظيم.
وكشف الفنان سمير صبري سر رفض "الست" الغناء من ألحان فريد الأطرش حيق قال، أن فريد الأطرش في بداية الأمر قدم أغنية "الربيع" لها ولكنها رفضتها، حيث كان رأيها أن، ألحان فريد الأطرش لا يصح أن يغنيها سواه، فكانت الأغنية تصبغ بشخصية فريد وهي كانت ترفض أن يطغي اللحن علي شخصيتها.
مساندتها المواهب الشابة وكانت أم كلثوم تساند المواهب الشابة فهي من قدم الملحن الشاب وقتها بليغ حمدي حيث قال في لقاء إذاعي مسجل له، إنه كان شاب في العشرينيات وقتها وطلبت أن يعرض عليها أغنية من تلحينه وشعر وقتها أنه يعرفها منذ أكثر من عشرين عاماً، متابعاً أن أول أغنية له معها هي "حب أيه" م كانت متفتحة، وصفها بأنها بسيطة بساطة العالم وأن سر عظمتها و ادائها الرائع هو حفظها للقرآن الكريم.
أعمالها السينمائية شاركت في العديد من الأفلام الغنائية والتمثيلة عديدة، واستمرت كممثلة من عام 1935 إلى عام 1948 ومثلت في 6 أفلام وهي: " وداد عام 1935، نشيد الأمل عام1937، دنانيرعام 1939، عايدة عام 1942، سلامة عام 1944، فاطمةعام 1948".
رحيلها أثناء بروفات أغنية (أوقاتى بتحلو معاك....و حياتي بتكمل برضاك) التي لم تغنيها أم كلثوم، وقعت صريعة لمرض التهاب الكلى، وسافرت إلى لندن للعلاج وكانت قبل سفرها قد طلبت من الشاعر صالح جودت أن يكتب أغنية بمناسبة نصر أكتوبر وبعد عودتها طلبت من الملحن رياض السنباطي تلحينها حتى تغنيها في عيد النصر لكنها توفيت قبل أن تؤديها وكانت الأغنية مطلعها "ياللى شبابك في جنود الله.... والحرب في قلوبهم صيام وصلاة".
رحلت عن عالمنا ف 3 فبراير 1975، ليفتقد العالم العربي أجمع إلى عطائها الفنية ليتشح الوطن العربي بالسواد و تندمج إذاعات الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب في موجة واحدة لتعلن للعالم أجمع وفاة سيد الغناء العربي أم كلثم. ليظهر لاحفاً يوسف السباعي وزير الثقافة المصري وقتها في تمام السادسة مساء ليلقى النبأ, وأرسل الأمير عبد الله الفيصل هدية عبارة عن عدة ليترات من ماء زمزم وصلت مباشرة من الأراضي المقدسة كواجب أخير.