يستضيف مركز الجزيرة للفنون فى القاهرة، معرضاً للتصوير الفوتوغرافى تحت عنوان خطوط ، ضم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية لمصورين من 69 دولة عربية وأجنبية. ويعد المعرض انعكاساً للتطورات التى لحقت بمجال التصوير الفوتوغرافى المعاصر والتى تميل فى غالبيتها لاستخدام الرمز، بدلاً من الاعتماد على التسجيل المباشر للمشهد. فالرمز والمعالجة الغرافيكية للأعمال تمثل سمات مشتركة بين غالبية الأعمال المشاركة. لم تعد الفوتوغرافيا هى ذلك الفن الذى يعتمد على تسجيل الواقع بحيادية، إذ سيطرت وجهة نظر المصور عبر تدخلاته المباشرة وغير المباشرة لتغيير هذا الواقع، حتى صارت هذه التدخلات هى سمة التصوير الفوتوغرافى المعاصر، من طريق العديد من التقنيات الحديثة التى يتعلق بعضها بالكاميرا ذاتها أثناء التقاط المشهد، أو بقدرة الفنان على المزج والإضافة وتحييد العناصر الثانوية من طريق برامج الغرافيك. يقدم المعرض 100 صورة لفنانين من كل أنحاء العالم، من بينها أعمال المصورة الإسبانية لويزما باريو، والتى تميزت بانتقائها مجموعة من المشاهد التى يغلب عليها اللون، الذى يسيطر فى أعمالها على مساحة العمل. لون واحد أو ثلاثة، تحتوى الشخوص وتضفى على المشهد طبيعته الروحانية. أما فى أعمال الإيرلندى بريان هوبر فتبرز تقنيات الأبيض والأسود فى أعماله التى يمزج فيها بين أكثر من مشهد، وهو فى أعماله يقدم حالة أشبه بالحلم عبر معالجاته العناصر المحلقة التى تتحدى الجاذبية. وبينما يعتمد بريان هوبر فى أعماله على معالجتها من طريق برامج الغرافيك، يقدم فنانون آخرون حالات أخرى مشابهة من دون تدخل فى معالجة الصورة مكتفين فقط بما يتيحه الواقع من حالات بصرية كما فى أعمال الإرلندى سيمون كريجان والإيطالى دينو إدواردو والأرجنتينى لويس ألبرو. وتراوح الأعمال المشاركة بين الواقع المباشر والرمز فى سياقات مُحكمة، وأطر من الحبكة البصرية، مع عدم إغفال الأدوات والقيم الفنية المتعارف عليها من توازن بين العناصر والمفردات والمساحات وعلاقات الظل والنور. يصور الفنان بالكاميرا ويبتكر ملامس وتأثيرات لونية وإيحاءات بصرية، ويصنع عناصره بمخيلة جامحة لا تحدها عوائق أو أطر فيختزل العالم والوجود داخل حدود المساحة التى يعمل عليها. أصبحت الصورة الفوتوغرافية محملة بكثير من المعانى والرموز، فالفنان يعبر عن رؤيته للعالم من طريق استخدامه الصريح والمكثف للرمز والعناصر الدالة. هو يصنع رموزه ويصيغها بنفسه، لينشئ عالماً خاصاً من طريق التوفيق والتجميع بين شريحة واسعة من المفردات والعناصر المختلفة. مشاهد طبيعية، وأدوات منزلية، خربشات عشوائية على الجدران، أقمشة ملونة ووجوه معبرة. يمزج المصور الفوتوغرافى بين كل هذه العناصر فى أعماله، يضيف ويحذف ويعيد صياغة الأشكال والتفاصيل، فتتكشف عوالم جديدة تسكنها الدهشة. هو يرسم بالضوء أسطورته الخاصة عبر حبكة خيالية وبصرية متقنة، يأتى بعناصر شتى ويجمع فى ما بينها داخل إطار واحد.