لايمكن أن نوصفه بأية مقدمة أدبية لأنها مهما كانت لغتها وتعبيراتها لايمكن أن تصل ولو لمقدار بسيط من براعة هذا المبدع , فهو من عبر عن الحارة بصدق ولمس نبض البيوت المصرية وعزف على أوتارها بحرفية شديدة , وحول قصة كفاح فراعنة مصر إلى قصة لذيذة يستمتع القارئ بقرأتها ,عبر عن كيفية وصول الفقر للإنسان إلى حد الانتحار والتنازل عن مبادئه وقيمه , وصور كيف أن الخيانة من أقرب الناس قد تصل بالإنسان ان يتحول إلى مجرم , ولايمكن لأحد غيره أن يرسم هذه الشخصيات كلها بملامحها وتفاصيلها أنه الكاتب الكبير نجيب محفوظ . ولد نجيب محفوظ فى اليوم الحادى عشر من ديسمبر عام 1911 بحى الجمالية بالقاهرة , وكان نجيب محفوظ أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سناً إليه كان عشر سنواتٍ فقد عامله أهله على إنه طفلهم الوحيد ,وقد كان نجيب شاهد على حدوث ثورة 1919 التى أثرت بدورها على عقليته وفكره , حصل نجيب على ليسانس الفلسفة ثم بدأ فى إعداد رسالة ماجستير عن الجمال فى الفلسفة الإسلامية ثم أتجه إلى مجال الأدب وقرر التركيز عليه , ثم عمل سكرتيرا برلمانيا فى وزارة الأوقاف , ثم ليعمل مديرا لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف, وعمل بعدها مديراً لمكتب وزير الإرشاد, ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديراً للرقابة على المصنفات الفنية. وفي 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون, و آخر منصبٍ حكومي شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما 1966-1971، وتقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام . تزوج نجيب محفوظ بعد ثورة 1952 من السيدة عطية الله إبراهيم، وأخفى خبر زواجه عمن حوله لعشر سنوات متعللاً عن عدم زواجه بانشغاله برعاية أمه وأخته الأرملة وأطفالها. في تلك الفترة كان دخله قد ازداد من عمله في كتابة سيناريوهات الأفلام وأصبح لديه من المال ما يكفي لتأسيس عائلة. ولم يُعرف عن زواجه إلا بعد عشر سنواتٍ من حدوثه عندما تشاجرت إحدى ابنتيه أم كلثوم وفاطمة مع زميلة لها في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر من والد الطالبة، وانتشر الخبر بين المعارف. بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة عام 1939 , نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة, وبدءاً من1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة , وتدرج بين أنماط عديدة فى الكتابة منها الواقعية الاجتماعية والواقعية النفسية والرمزية , ثم أستخدم أسلوب الفانتازيا . وتعتبر مؤلّفات محفوظ من ناحية بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها تدويناً معاصراً لهم الوجود الإنساني ووضعية الإنسان في عالم يبدو وكأنه هجر الله أو هجره الله، كما أنها تعكس رؤية المثقّفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة. في 21 سبتمبر1950 بدأ نشر رواية أولاد حارتنا مسلسلةً في جريدة الأهرام ، ثم توقف النشر في 25ديسمبر من العام نفسه بسبب اعتراضات هيئات دينية على تطاوله على الذات الإلهية . لم تُنشر الرواية كاملة في مصر في تلك الفترة، واقتضى الأمر ثمان سنين أخرى حتى تظهر كاملة في طبعة دار الآداب اللبنانية التي طبعتها في بيروت عام1967 وأعيد نشر أولاد حارتنا في مصر في عام 2006 عن طريق دار الشروق. في أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل, كما أن طبيعة نجيب محفوظ الهادئة كان لها أثر كبير في عدم نشر الرواية في طبعة مصرية لسنوات عديدة، حيث كان قد ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر , فطُبعت الرواية في لبنان من إصدار دار الآداب عام 1962 ومنع دخولها إلى مصر رغم وجود نسخ مهربة منها فى مصر , لم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما. مع أنه بدأ الكتابة في وقتٍ مبكر، إلا أن نجيب محفوظ لم يلق اهتماماً حتى قرب نهاية الخمسينيات، فظل مُتجاهلاً من قبل النُقاد لما يُقارب خمسة عشر عاماً قبل أن يبدأ الاهتمام النقدي بأعماله في الظهور والتزايد، رغم ذلك، كتب سيد قطب عنه في مجلة الرسالة في 1944، وكان أول ناقد يتحدث عن رواية القاهرة الجديدة، واختلف مع صلاح ذهني بسبب رواية كفاح طيبة , وحصل نجيب على العديد من الجوائز وهى : 1. جائزة قوت القلوب الدمرداشية 1943 2. جائزة وزارة المعارف 1944 3. جائزة مجمع اللغة العربية 1946 4. جائزة الدولة فى الأدب 1957 5. وسام الأستحقاق من الطبقة الأولى 1962 6. جائزة الدولة التقديرية فى الآداب 1968 7. وسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1972 8. جائزة نوبل للأداب 1988 9. قلادة النيل العظمى 1988 10. جائزة كفافيس 2004 ومن أعماله الثلاثية , أولاد حارتنا , كفاح طيبة , اللص والكلاب بداية ونهاية , زقاق المدق , السراب , خان الخليلى , القاهرة 30 , السمان والخريف , الطريق , ميرامار , المرايا , الكرنك , حديث الصباح والمساء , الشريدة , الشيطان يعظ , الحب فوق هضبة الهرم , بيت سئ السمعة , خمارة القط الأسود .