لقد صنع المصريون ثورة تكاد لا تضاهيها ثورة في تاريخ البشرية ؛ ثورة تصنف كأفضل ثورات التاريخ . ثورة احيت جسد امة بأكملها ذلك ان مصر هي قلب العروبة النابض الذي عندما ينشط ويتفاعل تتفاعل معه الامة العربية بأكملها وعندما ينقبض فإنه يصيبها بحالة من الشلل والعجز الذي يضرب ارجائها ليل نهار . حسنا ... يبدو انني بالغت ... او ابتعت كثيرا في المبالغة ؛ انها بالفعل كانت ثورة مجيدة اعادت ارواحنا قبل ان تعيد روح الوطن ولكن .... يبدو انه من الصعب في عالمنا هذا ان تسير في خط مستقيم يوصلك مباشرة الي هدفك المنشود سواء كنت شخصا او حتي وطنا !! . تمنينا جميعا في بداية الثورة ان تتحقق نداءات كل من ضحي بجسده او حتي من ضحوا بأرواحهم قبل الجسد وفاء لوعد الوطن الوليد لنعلم جميعا ونذكر اننا دفعنا اجسادا ودماءا وارواح خير من كانوا بيننا فنحفظ لتلك الارواح خير وعيد . لبرهة قد يذهب بعضنا الان .. ماذا لو كتب للثورة ان تنهزم ؟. ماذا لو صعد احدنا الي السماء واخبر الشهيد ان ثورتنا والتي حملت كل ما امكن من تضحيات لم تأتي بجديد ؟! . ماذا لو شعرنا ان نهاية النضال هي انتصار الشر والفساد ؟ّ ولو مؤقتا . ماذا نفعل عندما نعيش هذة المرة الفساد والاستبداد ولكن بأختيار الشعب واختيارنا ؟! وليس اجبارا او كرها .. لا شك ان هذه الظروف ان تحققت فسينتج عنها حالة من عدم الفهم سينتج عنها حالة استقطاب لم نشهد لها قبل مثيلا . ستكون هذة المرة مختلفة . تتكون فيها حالة من عدم الرضا وعدم قبول الاخر ؛ وربما كان هذا الاخر احد اقاربك او اقرب اصدقائك . سنبدأ في توزيع مسئولية ضياع الحلم علي افراد كنا نعدهم من المقربين . ثم يأتي السؤال .هل ارادوا للثورة ان تموت ؟ هل ارادوا لدم الشهيد ان يضيع ؟! .هل نحن علي الحق ؟ . ثم تبدأ كل الثوابت في التحرك والاهتزاز لتحل محلها الشكوك والتساؤولات . ستمتليء السماء بعلامات الاستفهام . البعض سيستمر في المواجهة ، والبعض سيستمر في طرح التساؤلات والاخر سيبحث عن اجابات او حتي التأكد من وجودها . ومنا من سيترك الساحة ويهرب بما تبقي له من ثوابت ليري لها نورا ان وجد للحياة . فإلي أي الفرق نذهب بأقدامنا ؟ أو نتضامن معهم لنجعل لفكرتنا مجري بالوريد ؟ . لم تكن ثورتنا روحا لتموت ولا جسدا لتفني وتتلاشي . ولكن الثورة فكرة والافكار لا تموت . الفكرة تغذيها العقول وتبنيها الالباب . وليست كل الالباب في قدرتها علي البناء سواء . مهارة البناء تاتي من قوة الاقتناع ورساخة الاعتقاد ، وكلتا الصفتين قد توافرت لفكرتنا وكانتا عمادا لثورتنا . ومن هنا يغزونا اليقين بأن ثورتنا قد كتب لها في كتاب الزمان ..... "نجاح" . والان اقطع عهدا الزم به نفسي وإياكم أن نضع ارواحنا وحيواتنا في كفة ثقلها الثورة وتاجها ارواح ودماء الشهداء حتي نضمن ولله الضمان أن ثورتنا لن يطولها النقصان مادامت صدورنا تنبض بالحياة . فإن كانت الحياة واليأس ضدين لا يجتمعان فليكن خيارنا هو الحياة ، وحياتنا هي الثورة وكل ما لها من مسببات . فكما اختار شهدائنا الحياة التي يراها بعضنا موتا من اجل ثورتنا فليكن خيارنا الي حين الحياة من اجل ذلك الاختيار إن كان في حياتنا غرسا لجذور الامل في أرض ماؤها وحياتها الثورة التي بدونها ما كان للامل ان تظهر جذور ولا لتلك الارض ان تخرج شطئا اعواده من "نور" . ولنعلم أن ثورتنا لن تنثر الامل و الحياة في ارض محدودة بشعب وطين ، ولكنها تشكل طوق نجاة لجيران يربطنا بهم رباط مقدس لا ينحل او يلين . فلنكن يقينهم بأن الافكار لاتموت ولم يخلق لمحوها إن كانت حقا سبيل. ولنجعل انفسنا ممن ثاروا لنصرة الانسانية ولنكن سيفا يغرس في قلب اخر بقعة حكمها المستبدون لتعيش الانسانية عصرا جديدا من الحرية والكرامة التي يشعرها كل جيل بعدنا. ولنكن اعظم من وضع للانسانية بصمة لعلنا اخترنا لها مكانا لن يكون لأحد بعدنا لاننا لم نترك لهم ذهبا او سلطانا ولكننا تركنا ...... " فكرة للحياة " .