أتوجه إليكم اليوم كمواطن عادي يعيش في هذا البلد مثل غيره من ملايين المصريين الذين يجتهدون لإنقاذ مصر من أزمتها الراهنة. لقد انتهيت لتوي من أكثر الرحلات الملهمة في مشوار حياتي، رأيت فيها مصر كما لم يرها الكثيرون. طفت شوارعها وأزقتها، واستنشقت عبق أرضها وحقولها، وتحسست أوجاع الوطن واستشعرت آلامه. إنني عندما قررت خوض السباق الرئاسي كان ذلك تمسكاً بالحلم الذي أصبح ممكناً بدم الشهداء وجراح المصابين ..... حلم إعادة بناء مصر .... حلم الجمهورية الثانية القائمة على العدالة والحرية والمساواة. وكانت البداية مع الناس، مع أهل مصر الطيبين. تجولت مع فريق العمل الذي صاحبني وعاونني وظل ينمو يوما بعد يوم .... نزلنا إلي المحافظات وزرنا القري والنجوع وجلسنا مع الفلاحين والعمال البسطاء. ومع كل يوم قضيته بينهم وجدت حب مصر وأهلها في قلبي يتضاعف ويتضاعف. التقيت أهل حلايب وشلاتين، ونزلت ضيفا على أهلنا من قبائل سيناء، وبت ليالي بين كرم أهل الدلتا وأهل الصعيد قبل أن أكتب برنامجي، ووعدتهم أن قضاياهم ستظل دينا علي وعلي قائمة أولوياتي، سواء أصبحت رئيسا أم لا. لم يكن وعدا سهلا ولكنني لم ولن أخلف وعدي والتزامي أبدا. في هذه التجربة، أحسسنا جميعا عمق ألم الذين بخسوا أبسط حقوقهم. رأينا فقراً وظلماً وتهميشاً .... ولكننا رأينا أيضاً البسمة في كرم الاستقبال، وأحسسنا بالأمل والرغبة في بالبناء. رأينا شبابا يهتف معنا، وأخر يهتف ضدنا، فاطمأن قلبنا لما رأيناه، ففينا من التنوع والاختلاف ما هو مصدر حقيقي لقوتنا وضماناً لمستقبلنا. واليوم، ورغم خروجي من السباق الرئاسي، أقول بكل ثقة أنني جنيت أكثر كثيراً مما قد يظنه البعض. فأبناء هذا الشعب ليسوا مجرد أصوات في صندوق ... انما هم لحم ودم ومشاعر وأحاسيس، ولقد آن الأوان لنصل إليهم، حتى نصل بهم ومعهم إلي حلمنا المشروع في مصر قوية، عفية، فتية. نعم لم يحالفني التوفيق في الانتخابات، كما لم يحالف غيرى ممن حملوا بحق أحلام هذا الشعب وآماله، وهذا مقبول ومن طبائع الأمور، ولكن ما هو غير مقبول أو متصور أن يفقد الشعب أحلامه أو أن تهتز ثقته في مستقبله. إن ثورة 25 يناير جاءت لتبشر بجمهورية ثانية، مدنية، ديمقراطية، تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية للمصريين كافة. دولة عريقة تتفاعل فيها الآراء في ظل دستور يستطيع كل منا أن يرفعه ويقول "هذا دستوري أنا". دولة يستطيع الجميع فيها من التعبير عن رأيه في ظل قانون عادل فوق رؤوسنا جميعا. دولة لا تقصي أحداً وتحترم الجميع. دولة لا فرق فيها بين مسلم وقبطي. دولة للفلاح فيها مكان، وللعامل مكان، وللمرأة مكان، ولمتحدى الاعاقة مكان .... دولة يشعر فيها الشباب بالأمل، ويكون الفقير والضعيف فيها مسئولية الجميع. يا شعب مصر العظيم، إن الطريق إلى الدولة التي نبغيها طويل والتحديات الصعبة، ولكن الفرصة السانحة اليوم قد لا تعوض. فتمسكوا بها وبالأمل. إن الشيء الوحيد الذي أنشده الآن هو أن نتوحد، فلقد بلغ بنا الاستقطاب مداه، وأدى بنا إلى ما نحن فيه اليوم من خيارات تهوي بأحلامنا ... خيارات تفرقنا بأكثر ما تجمعنا. توحدوا، لأن عندها فقط سنكون أقوى من أي ظلم أو تآمر على أحلامنا. انبذوا الفتنة ولا تسمحوا بالاستقطاب والفرقة، فهذه هي أولى مداخل الظلم والقهر والطغيان. أخيراً، أود أن أتوجه بالشكر والتقدير البالغ إلى الملايين من شعب مصر التي منحتني تأييدها ودعمها وأصواتها برضاء واقتناع وحماس دون ترغيب أو ترهيب. والاتصال بيننا مستمر ونشط لتطوير المواقف والخطوات القادمة. أود أيضاً أن أعرب عن تقديري لكل من اشتركت معهم في المعركة الانتخابية الرئاسية والذين أكن لهم كل التقدير والاحترام. أما شباب مصر، قأقول لهم، لقد أشعلتم ثورة 25 يناير وأظهرتم خلال أيامها الثمانية عشر والشهور التي تلتها روحاً وثابة، واستعداداً غير مسبوق للمبادرة، وقدرة فائقة على العطاء للوطن. لقد أثبتم خلال الثورة أنكم لستم بحاجة لمن يقودكم، أو لمن يفتح لكم الأبواب. أطلقوا العنان لقدراتكم الخلاقه وعبأوها فى طاقة بناء تعيد بناء الوطن .... بناء مصر مصر الفتية والقوية ..... مصر الرائدة والقائدة. ختاماً، أتوجه بصادق الشكر لأعضاء حملتي الانتخابية والمتطوعين فيها والداعمين لها بطول البلاد وعرضها. لقد بذلتم جهداً ضخماً بإخلاص وتفان، ولم يكن ذلك من أجل شخصي، ولكن لمشروع من أجل مصر ومستقبلها وبناء جمهوريتها الثانية، فاستمروا في العمل، فأنتم وغيركم من شباب مصر الأمل والمستقبل. ولتحيا مصر.