البداية كانت بإحساس عميق بالفشل، إحساس بالعزلة بين المواطن وأولى الأمر والراعين والساهرين على رعايته ورعاية أراضيه حتى جاءت الثورة وعشنا جميعا حلاوة النصر بالثورة برحيل الفساد. وكما عبر الراحل السادات عن حرب أكتوبر فلقد كانت ثورة الخامس من عشرين يناير لعام 2011 حربا حقيقية خطط لها الشعب بنفسه وبدون قيادة، ولقد جاءت القيادة نابعة من الألم والغصة التى كنا نعيشها جميعا ومنذ انتخابات مجلس الشعب لعام 2005 والتى عبر فيها الشعب عن سخطه النابع من أحاسيسه الصادقة إننا جميعا فى مركب عبث بها الربان وولده وأهل بيته وقادها الشباب وبارك لها الشعب بالإجماع وانتصرت الثورة مرة أخرى يوم السبت التاسع عشر من مارس لعام 2011 مرة أخرى يوم شاهدنا جميعا الشيوخ والعجائز قبل الشباب وجميع طوائف الشعب أقباط ومسلمين بصورة غير مسبوقة يدلون بأصواتهم فى الاستفتاء على الدستور كأنهم يقصدون إن اليوم يوم حق وليس تدليسا وتزويرا. فمصر لن تكون لكل من قالوا نعم للتعديلات الدستورية ولا أيضا لكل من قالوا لا وتغيير الدستور قبل كل شىء، وهذه أخلاق الثورة والاختلاف لن يغير من الحقيقة شيئا، وهى أننا جميعا نريد شيئا جديدا مختلفا عن كل ما سبق ونريد هذه المرة انطلاقة بدون توقف، لا نريد شيئا يعطل حماسنا، لا نريد إلا المضى قدما فرؤيتنا بعيدة النظر، ولا خوف على مصر فشبابها متأجج بالوطنية منذ القدم ولا يقبل هوادة فى مصالح الوطن. وبعبارة أوصف بها النسيج الوطنى المصرى بأنه مجدول بخيوط من دهب وحرير ومعطر بدماء الشهداء ونسجته أيادى الأقباط والمسلمين من أبناء الوطن. لقد كان يوما مهيبا مشهودا أحسسنا جميعا أننا شعبا ذو كرامة ورأسا مرفوعة فى السماء، ورأينا لأول مرة رئيس الحكومة يعتذر وهو غاية فى الخجل فى أن يطلب لنفسه الأسبقية فى دخول لجنة التصويت، وقال لو سمحتم لى دخلت وإن لم تسمحوا لى فلن أدخل فكانت هذه أيضا رسالة تقدير واحترام لهذا الشعب من رئيس الحكومة والذى أشفق عليه الكثيرون ممن شاهدوه وقالوا له سمحنا لك بالدخول فنحن نعلم أنك مشغول بحل قضايا الدولة فى هذا الوقت العصيب، ودخل الرجل شاكرا وتفهم المواطنون الموقف، والذى ضرب به هذا الرجل الرائع مثالا وقدوة لكل المسئولين وتعاملهم مع المواطنين فى سمو أخلاقه فلم تشهد مصر مثل هذه الأخلاق والفضل كله لوالدته التى أحسنت تنشئته ألف رحمة الله عليها. ودعونا لا نبتعد كثير عن الموضوع وأقول لقد حققت الثورة لمصر الكثير من الإيجابيات والتى يجب أن نحافظ عليها، أولها الاحترام الدولى والتقدير والدعم من المجتمع الدولى بالإجماع وذلك لسمو هذا الشعب وارتفاع درجة الوعى بالحقوق الوطنية وأسلوب المطالبة والمواجهة أيضا وهنا يكمن السر فى عظمة هذه الأمة فى شعبها وأبنائها، وهم من اليوم نطالبهم وأنا منهم بالعمل والإخلاص والجد فيه والتعبير بحب للوطن فى كل كبيرة وصغيرة فى كل منتج مكتوب عليه صنع فى مصر، أظن أنها أصبحت مسئولية جماعية علينا جميعا، لقد أصبحت كلمة مصر كالعرض والشرف الذى لا يجب أن يمس بسوء، وهنا فإن الوقت لم يذهب هباء فلنسرع بالعودة إلى كل مواقع العمل. والرجاء هنا للرجل المحترم رئيس الحكومة عصام شرف بسرعة طرح المشروعات التى تستوعب فرص العمل لكى تستوعب الآلاف من شباب الثورة الثائر لكى تعطيهم الفرصة لكى يعبروا فيها عن حبهم للوطن فلن تعود تلك الجحافل مرة أخرى إلى البيت كما كان عهدها سابقا وهنا أود أن اقترح أن تشكل كتائب للتعمير من الجيش والشرطة كإطار تنظيمى يشرف ويدير مشروعات للزراعة واستصلاح الأراضى والبناء وتمليكها للشباب، وتلك فرصة كبيرة للمصالحة الشعبية وسوف تكون ثمارها طيبة. أيضا الاستفادة بكل الخبرات من الداخل والخارج وذلك بتشكيل مجلس استشارى للنهضة بمصر فقط هذا هو الاسم والشعار لكى يسهم كل مصرى بما لديه من علم وخبرة فى النهضة فإن مصر تحتاج إلى منظومة مشاريع تنموية جديدة بأفكار جديدة غير مستهلكة تقوم عليها وتنهض بها. أيضا إن التجربة الصينية مثالا للعبقرية الإنسانية وهى ببساطة دراسة الأسواق والتجارة العالمية والذى تريده منا وما هو علينا لكى نحققه لكى نحقق لأنفسنا مركزا تنافسيا فى المنتجات المصرية. إعادة النظر إلى خريطة الوطن وهذه المرة ليست على أنها كعكة محسومة للمحتكرين المقربين من السلطة ولكن لتوسيع المشاركة الشبابية من أبناء الوطن أقباط ومسلمين من غير محسوبية. دراسة مشروعات الدولة دراسة مستفيضة ليكون ملهمها الرئيسى اقتصادى يقوم على توجيه الموارد الاقتصادية لكى تحقق أهداف المشروعات بالتكلفة الأقل والأكثر تعظيما للنتائج. السمو بالأخلاق فى التعامل بين الناس فى البيت والشارع والعمل، وأن نوقر كبيرنا ونساعد صغيرنا ولا نترك أحدا بالوطن بدون أجر وطعام وملبس وعلاج وغطاء.