ربما تكون كلمات سريعة غير مرتبة لكنها ظلت تلح على أثناء عودتى من الميدان المبارك بعد انتصار ثورة الشعب.. رسائل قصيرة لكل مصرى وليبحث كل منا عن نفسه فى هذه الرسائل. فى البداية أرجو ألا ننسى فى غمرة فرحتنا إخوتنا الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للحرية، فهم وقود الثورة.. لا أقل من أن نقيم لهم نصباً تذكارياً فى قلب ميدان التحرير تنقش عليه أسماؤهم، ونقيم لهم جنازة عسكرية رمزية، وتطلق أسماؤهم على شوارع وميادين الوطن، وعلى مدارس ومكتبات حملت لعقود أسماء الطغاة والفاسدين. ومن ميزانية الدولة تصرف تعويضات لأسرهم وإن كانت كل كنوز الدنيا لا تقدر ثمن تضحياتهم.. ولا أقل من أن يحاكم القتلة والمتسببون فى قتلهم محاكمة جماعية فى ميدان التحرير، ويتخذ بحقهم القصاص العادل الذى يشفى صدور كل المصريين الشرفاء. أبطال وضحايا الثورة الجرحى والمصابون أيضا يجب ألا ننساهم، هناك من أصيبوا بالعجز الكامل والجزئى، هناك من فقدوا أبصارهم وهناك من فقدوا أطرافهم وأصيبوا بعاهات مستديمة تقعدهم عن العمل وأغلبهم من شباب لا يتعدى الثامنة عشرة، يأتى هنا دور رجال الأعمال الشرفاء الذين تزخر بهم مصر سواء من مساندتهم فى العلاج ولو فى الخارج، وتوفير فرص عمل لهم، وكما أنشئت جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب منذ أكتوبر 1973، على مؤسسات المجتمع المدنى أن تنشئ جمعية أبطال الثورة وضحاياها، وتصرف لهم تعويضات مناسبة. الآباء والأمهات وكل الأسر المصرية التى وقفت وراء شبابنا تحمى ظهره وتدفعه للخروج والثبات، والذين شاركوا بأنفسهم فى الثورة وانضموا للشباب الذى فجر الثورة تحية لكم، وتقدير فقد قدمتم صورة مشرفة للأسرة المصرية نسيناه بل ربما لم نتوقعه. إعادة الإعمار شباب مصر مازال أمامكم الكثير فى مرحلة البناء وإعادة الإعمار، نريد مصر جميلة نظيفة، فقد أصبح الآن البلد بلدكم، مصر التى أخرجت أجمل ما فيكم من قيم وأخلاقيات ونظام ونظافة لم نكن لنكتشفها لولا المحنة التى عاشها الوطن.. لنبدأ حملات تنظيف الأحياء، لنعمل مسابقة لأجمل حى، لنرفع اللافتات منذ الآن فى كل الأحياء تذكرنا بقيمة النظافة والجمال، من اليوم لن ننتظر البلدية أو كناسى الحكومة لينظفوا شوارعنا، لن يلقى أحد منا ورقة، لن نترك من يشوه جمال أحيائنا ووطننا. رجال السياسة والقانون أمامكم مهمات ضخمة فى إعداد الدستور الجديد أو تعديل مواد الدستور القديم بما يتلاءم وطموحات الشعب فى التحول نحو ديمقراطية حقيقية، وحرية وعدل وكرامة، عليكم مسئولية كبيرة للإصلاحات الدستورية والتشريعية التى تضمن استقلال القضاء والفصل بين السلطات واعتماد مبدأ المحاسبة والمسئولية السياسية. رجال الإعلام الشرفاء الذين لم يتلونوا طوال الأيام الماضية، وظهر معدنهم الأصيل، عليهم أيضا أن يعملوا الفترة القادمة على تطهير الجهاز الإعلامى من المنافقين والمضللين والمطبلين والزمارين الذين يتلونون على كل الأوجه ويسيرون مع جميع الموجات ويلعبون على كل الحبال، فهذه المحنة محصت القلوب وميزت بين الأقلام وشباب الثورة أصبح واعيًا بل كل الشعب أصبح لديه الوعى الكافى للتمييز بين الغث والسمين. رجال القوات المسلحة البواسل وفيتم حتى الآن بوعدكم، ونرجو أن تكملوا دوركم الرائع حتى تسلموا السلطة لحكومة مدنية منتخبة من الشعب فى أقرب وقت، لتظل مكانتكم العظيمة فى وعى وعقل كل مصرى، ولتحتفظوا بدوركم التاريخى فى الحفاظ على الشرعية الشعبية ومكتسبات الوطن. اللعبة الديمقراطية الأحزاب السياسية ليتها فى العهد الجديد تعيد ترتيب البيت من الداخل وتعيد تنظيم الصفوف، وتنزل للشارع وتتحدث باسم المواطنين الحقيقيين لتستعيد دور الأحزاب الرائد فى تاريخ الأمم الحديثة، ولتتوقف عن كونها أحزاباً ورقية لا وجود لها إلا على الورق، ولتسعى للمنافسة الشريفة فى ظل جو ديمقراطى حقيقى. الإخوان المسلمون أيضا أقول لهم لقد أديتم دورا رائعا عبر تاريخكم المشرف كحركة دعوية اجتماعية، رغم إلصاق كلمة المحظورة بكم. واليوم فى عهد جديد جاءت الفرصة لتعملوا فى النور وفق قواعد اللعبة الديمقراطية، ننتظر منكم حزبا سياسيا بلا شعارات يسعى لتحقيق العدالة والكرامة والتنمية لكافة أطياف المجتمع، استلهموا تجربة حزب العدالة والتنمية فى تركيا بما يتوافق مع طبيعة النظام المصرى وخصوصياته. وقد أثبتم فى الأيام الماضية أنكم انصهرتم فى الثورة حتى لم يستطع الكثير تمييزكم عن غيركم وأنكم لم تسعوا للعمل لحسابكم الخاص ولم ترفعوا شعارا واحدا يفرق الأمة، فليتكم تسيرون على نفس الهدى. ويمكن أن يسير الحزب بجانب الجماعة بحث تظل الأخيرة محافظة على نفس نهجها الدعوى والاجتماعى الرائد، ويختص الحزب بالدور السياسى المدنى، الذى يتنافس كغيره من الأحزاب فى ظل العملية الديمقراطية السليمة التى تضمن تداول السلطة. طيور الظلام كما أتوجه إلى طيور الظلام الذى لم يرحبوا بالثورة منذ بدايتها، والذين ارتبطوا بالنظام السابق وتلاقت مصالحهم مع بقائه سنوات طويلة، لا تحاولوا الالتفاف على الثورة أو سحقها فهى أقوى منكم، حاولوا أن تعيشوا فى النور، وأن تجربوا الطهارة والنقاء، وتتخلوا عن الفساد الذى التصق بكم دهرا، وتوبوا إلى الله توبة نصوح وأعيدوا للوطن ما سلبتموه منه، ستشعرون بالفارق وستستعيدون احترامكم لأنفسكم.. وإن لم تستطيعوا أن تمحو عن أنفسكم أدران الفساد وأوحاله، فكفوا أيديكم عن ثورتنا، ولا تعبثوا بأمن الوطن الذى ادعيتم أنكم تحمونه وتدافعون عنه. أما الأغلبية الصامتة فقد جاء الوقت لتنحية الخوف، والتخلى عن السلبية واللامبالاة والأنانية، علموا أبناءكم الانتماء والحرية والكرامة فلو كنتم خرجتم وشاركتم منذ بداية الثورة لما فقدنا كل هؤلاء الشهداء، وقوفكم فى خانة المتفرج أطال أمد الثورة وأزهق المزيد من الأرواح، نرجو ألا يتكرر ذلك. سيناء الحبيبة نسيناك كثيرا، لماذا لا ننشئ فيها عاصمة جديدة تتركز فيها مقار الوزارات والهيئات الحكومية ونبدأ ثورة التعمير المدنى الحقيقية ليتلاحم بدو سيناء مع الشعب المصرى فى نسيج واحد بدلا من أن تظل علاقة أهل سيناء بالدولة والشرطة علاقة عداء وثأر وانتقام، فلنتشارك فى إعمار سيناء وإدماجها فى النسيج المصرى لنستعيد ولاء أهلها وثقتهم فى الوطن. صباح الأمل لكل شباب الثورة أقول لكم شكرا لقد أعدتم إحياء الأمل فى نفوسنا، لقد أظهرتم أجمل ما فينا، وساعدتم كل المصريين على نبذ الخوف والسير بجانب الحيطان، نحن الذين لم نعايش أجواء ثورة يوليو ولا حرب أكتوبر، وكنا نعتقد أننا سنحيا ونموت فى ظل الديكتاتورية أمدًا طويلا ولن نرى أجواء الحرية. أعدتم لنا الأمل، وجعلتمونا نحيا لحظات رائعة سيخلدها التاريخ ونظل نرويها لأبنائنا وأحفادنا إن امتد بنا العمر كثورة بيضاء حضارية لم يشهدها التاريخ.. شكرا لكم من جميع المصريين الذين يقدمون أيضا اعتذارهم لأنهم تشككوا فى انتمائكم ووعيكم قبل ثلاثة أسابيع فقط، فقد أثبتم أنكم واعون أكثر من جيل آبائكم، وأكثر انتماء وعزة وكرامة. وأخيرا شكرا فيس بوك وتويتر، شكرا لكل وسائل الإعلام الأجنبية والعربية التى غطت الأحداث بمهنية، والتى أنقذتنا من غيابة الإعلام الرسمى الذى أعادنا لحقبة الستينيات. تحيا الحرية.. تحيا الكرامة.. وصباح الخير يا مصر.